> «الأيام الرياضي» علي صالح أحمد:

بداية الغيث (محسن صالح) الخبر الذي قرأته في «الأيام الرياضي» بتاريخ12 نوفمبر بعنوان :(اتحاد الكرة يجدد عقد المدرب محسن صالح) كان خبراً في منتهى الروعة أثلج صدري وصدر كل الرياضيين والمتابعين وكل الغيورين على سمعة هذا الوطن، وأثبت بأن الاتحاد يقوده رجال يحملون هم الوطن ويخافون على سمعة الكرة اليمنية،لأن تجديد الثقة بهذا المدرب تعتبر خطوة صائبة تحسب للإتحاد ونظرة ثاقبة من عين العيسي ، ليس لأن المدرب درب الكثير من الفرق العريقة والمنتخبات الكبيرة مثل النادي الأهلي والمنتخب المصريين ،أو من أجل عيون تاريخه الكبير، ولكن من أجل توفير الاستقرار الفني للمنتخب اليمني ومواصلة محسن لبرنامجه الذي أعده حتى موعد خليجي 20 خاصة وأن (الكوتش) حقق نتائج طيبة ومرضية مع المنتخبين الأول والأولمبي وإشرافه على بقية المنتخبات الوطنية، وهو يسير حالياً في خطى ثابتة لتنفيذ تلك الاستراتيجية المرسومة له حتى عام 2011 موعد استضافتنا لدورة خليجي 20.

فالرجل (الشيخ أحمد صالح العيسي) ومن معه من رجال الاتحاد يعلموننا الصبر الذي فقده الكثيرون ويعلموننا التريث وعدم التهور والاستعجال والحكمة وفن التعامل مع هكذا أمور، وعدم التعامل مع ردود الأفعال.. يعلموننا أن يكون الرد بالعمل، ثم بالعمل المقرون بالصمت، لا بثرثرة اللسان، فالرجل حكيم وقائد محنك وصاحب نظرة مستقبلية ويعمل بصمت وهدوء بعيداً عن الضوضاء ومكبرات الصوت، فهو لا يملك من الصحف (ملحقاتها)، ولا يمتلك محرريها بقدر ما يملك من القيادة والحكمة والحنكة ما يجعله في الحكومة وزيراً ، وهو في الماضي عندما كان بعيداً عن الاتحاد كان يصاب بحسرة وألم على مستقبل كرة القدم في بلادنا، من جراء تناوب المدربين وتعاقبهم على منتخبنا رغم أسمائهم الكبيرة ومكانتهم الرفيعة على المستويين القاري والإقليمي، حيث لم تتح لهم الفرصة الكافية للحكم عليهم،ولصناعة منتخبات قوية، أو وضع الأساس والبدايات الأولى لتطوير الكرة ومن ثم المحاسبة، وِإشهار مبدأ (الثواب والعقاب) وتقييم المرحلة ليستفيد منها الجميع للمراحل القادمة.

والجماهير الرياضية تندب حظها وتتحسر على ضياع السنوات الماضية من دون أن نصنع شيئاً أو نضع الأساس والبدايات الأولى لتطوير الكرة اليمنية .. وأنا بدوري أتساءل ماذا لو استمر المدرب الألماني للناشئين (سبتلر) لعدة سنوات، وهو الذي صنع منتخب الناشئين السابق (الأمل)، وماذا لو استمر أحد المدربين الذين تعاقبوا على تدريب المنتخب خلال العشر سنوات الماضية على سبيل المثال المدرب (زوران) إلى يومنا هذا؟..في اعتقادي أن الإجابة لن تخرج على أن الحال سيكون أفضل مما هو عليه الآن على الأقل ،فنحن حتى اليوم في مرحلة البداية من (الصفر) ، والشيخ العيسي اليوم يجيب على كل تساؤلاتنا بتجديد العقد مع المدرب والخبير المصري محسن صالح فهو يعرف أن صناعة منتخبات قوية وتطوير الكرة لا يأتي بضربة حظ أو بالتلميع الاعلامي وإنما يأتي بالعمل الصادق والصبر وفق الخطط المرسومة، ونحن نعلم أن منتخبات كبيرة لم تحقق الإنجازات وصعود منصات التتويج إلا عبر المرور بتلك القاعدة.

لا يستقيم الظل والعود أعوج

إن بقاء المدرب (محسن صالح) الذي يعرف بواطن الأمور،وواقع كرتنا اليمنية وكرة قدم العالم بأسرارها، ليست هي الغاية التي ينشدها رئيس الاتحاد وأعوانه لتطوير كرتنا (المسكينة)، وإن كان البعض منهم يرى في ذلك (أم المعارك) فقد تركوا خلفهم كل هموم الشباب والرياضة وفشل بعض الإتحادات الرياضية والإتحادات غير الفاعلة وصراع اللجنة الأولمبية مع الوزارة ومشاكل الأندية الرياضية وفساد بعض إداراتها، وغير ذلك الكثير في الشأن الرياضي، وأخذوا يتسلحون ويتمترسون ويتربصون للخروج لمحاربة ذلك (المدرب)، معلنين أنه جلب (العار) لكرتنا اليمنية، وأفسد ما أصلحه ذلك المدرب البرازيلي (المسلم) أحمد لوسيانو والمصري محمود أبو رجيله وغيرهما ، وأنه وراء ترتيبنا العالمي الذي تقهقر بعدما كنا متقدمين على الصومال.

السؤال الذي يقفز للتو: ماذا سيصنع لنا أي مدرب عالمي خلال عام أو عامين، ما لم تكن هناك استراتيجية واضحة وثبات للمواسم وقاعدة رياضية من الناشئين والشباب وأمور كثيرة يحاول اتحاد الكرة القيام بها وإصلاحها، لكن على طريقة (أكل العنب)، فالإتحاد لا ينظر إلى «ظل» الاشياء، بقدر ما يولي اهتمامه بإصلاح إعوجاج الكثير من الأمور في طريقه للبحث عن استقامة كرة القدم، وقد تجلى ذلك باهتمامه المباشر بمنتخبات البراعم والناشئين والشباب الذي كان له الأثر البالغ في نفوس اللاعبين والأجهزة الفنية، والذين سعوا لإثبات الذات ورد الجميل بتحقيق النتائج الباهرة، فقد حقق منتخبنا للبراعم بقيادة مدربه الكابتن عبدالله باعامر بطولة مهرجان الدوحة،فيما تأهل منتخبا الناشئين والشباب(الملتزمان بالسن القانوني) إلى نهائيات آسيا القادمة بقيادة المدربين الوطنيين الكابتن سامي نعاش والكابتن عبدالله فضيل، وذلك بفضل الاهتمام بتلك القاعدة وجعلها بجاهزية عالية ولفترة طويلة بتوفير المعسكرات الداخلية والخارجية، ولا سيما منتخب الشباب الذي كان قبل عام ونصف (منتخب الناشئين)..فالاتحاد يرى أن استقامة (العود) ضرورة وطنية ملحة لمستقبل الكرة اليمنية وسعى منذ البداية إلى الاهتمام بالقاعدة وتوسيعها من خلال التحضير لإقامة البطولات المحلية لها على مستوى الجمهورية وإنشاء مدرستين كرويتين للبراعم في الأيام القادمة في صنعاء وعدن كمرحلة أولى ثم بقية المحافظات لتكون الرافد الاساسي للمنتخبات الوطنية..علما بأن الاتحاد خلال مسيرته القصيرة استطاع أن يضع العربة في مكانها الطبيعي لكي يستطيع السير بالحصان، ويعمل بكل ما أوتي من قوة على تثبيت المواسم الرياضية وبناء القاعدة ليجني بعد ذلك اللول والمرجان.

عندما يتحدث الصمت بالأرقام

(لأول مرة) يتم نجاح بطولة الدوري وعدم تأجيل أي مباراة فيه رغم المشاركتين الخارجيتين لفريقي الصقر والهلال ونجاح بطولة كأس الرئيس لأول مرة بطريقة الذهاب والإياب، وإقامة البطولتين معا (الدوري والكأس) في فترة زمنية واحدة وبخطين متوازيين، والإنتهاء من دوري الدرجة الثانية بنجاح منقطع النظير وفق البرنامج المعد له مع تحديد موعد المباراة الفاصلة في حالة التعادل بين (شمسان وأهلي تعز) قبل يومين من شهر رمضان الكريم واختتام بطولة دوري الدرجة الثالثة ( المحافظات) بنجاح وإقامة التجمعات النهائية، كما تسير هذه الايام بطولة كأس الوحدة التي يختتم بها أكثر المواسم تعددا في المسابقات ،وإقامة بطولتين للناشئين والشباب وتشكيل منتخب للبراعم (لأول مرة) ، كما تم تشكيل لجنة لمناقشة الدوري القادم مؤلفة من كوادر رياضية مقتدرة برئاسة د.عزام خليفة حتى يستفاد من أخطاء الماضي ويخرج الدوري القادم بأحسن صورة ، ولأول مرة اتحاد الكرة يحسن اختيار مدربين لمنتخباتنا الاربعة ،واختيار كفاءة وطنية لرئاسة لجنة الناشئين والشباب في الاتحاد بقيادة الكابتن أحمد علي بن علي.. كما امتدت أيادي العيسي البيضاء لتهتم باللاعبين المصابين وأعضاء الاتحاد المرضى واهتمامه بالدورات الإنعاشية للمدربين والحكام، كما اهتم شخصياً برعاية مهرجانات الاعتزال للاعبين وعلى حسابه الشخصي ،وما يميز هذا الاتحاد عن غيره أنه يبحث عن الجديد والاستقرار، كما يحاول أن يستفيد من أخطائه السابقة علناً ودون مكابرة منه كما عمل على تكريم الفائز في بطولة الدوري وأيضاً استقدام طاقم تحكيمي خارجي لنهائي كأس الرئيس حتى يجنب الآخرين سوء الظن، وما تشكيله للجنة مناقشة الدوري إلا أكبر دليل على نية الاستفادة من الأخطاء السابقة وإشراكه الآخرين في اتخاذ القرار، كما يدرس حالياً تقديم موعد بدء دوري الدرجة الأولى حتى تكون نهايته مواكبة لنهاية كل دوريات العالم ومتوافقة مع استحقاقات المنتخب القادمة.

الرجل (العيسي) لم يعلن الأفراح أو يقيم الليالي الملاح ليفاخر بتلك الانجازات سعياً وراء مكاسب خاصة أو لعمل (دعاية) تنفعه عند حمى الانتخابات فالرجل يؤمن أن ذلك من صميم عمل الاتحادات وواجب عليها وهي تعد من الثوابت والقواعد التي رست على شواطئ تلك الاتحادات منذ عقود من الزمن، والرجل وضع قدمه الأولى على عتبة الأحلام وسط نكران متعمد وجحود من بعض الصحف والأقلام.

فمن يكرم صاحب الريادة ذلك الذي سعى للتطور، والمغرم بالرياضة، وذلك العاشق الولهان وينطق بكلمة حق ووفاء وعرفان في حقه.. حتى لاننادي يوماً ما ونقول من يبني حديقة لأوسان.