أول الشهداء الرياضيين في عدن:محمد علي الحبيشي... «حاضر في الذكرى .. وغائب عن التكريم»

> «الأيام الرياضي» عبدالجبار سلام سعيد:

> ألتمس من التاريخ أحد مواقعه العظيمة ليحقق لنفسه عظيم الاحترام والإكبار حين كان أشد الناس استقبالا للموت والتضحية من أجل حرية شعبه ورفضه للتواجد الاستعماري البريطاني في مدينة عدن الباسلة وناذراً حياته باسترضاء لذيذ لكي تنتصر إرادته الصلبة في الكفاح والنضال من أجل الاستقلال، فحمل البندقية لتكون خير من تتحدث عنه في معارك المواجهة المسلحة ضد الجنود البريطانيين حتى عرفت حينها شوارع مدينة كريتر الملتهبة أن من أمثال الشهيد محمد علي الحبيشي يموتون بالأمل العظيم للإستشهاد ويشخصون بأبصارهم إلى الخلود والمجد ولايموتون على فراش الأماني والتمني وأحلام النائمين، فوهب الشهيد محمد علي الحبيشي الوطن والشعب أغلى هبة يملكها وهي« الحياة»، وفرض بعد استشهاده على كاتب التاريخ أن يجرد قلمه وينكب وبضمير المواطن الذي رأى بأن يكتب للحقيقة حتى لايغفل التاريخ ذكر هؤلاء الناس وينسى حقهم بإجماع غريب، وهم الذين وهبوا لوطنهم العزة وللأبناء الكرامة ،وودعوا الحياة، وهم حاملون بنادقهم التي تحدثت نيرانها بلغة المظلومين والمقهورين أمام جحافل القوات الاستعمارية البريطانية.. هذا هو محمد علي الحبيشي أول الشهداء الرياضيين في محافظة عدن وأحد الأبطال اليمنيين الذين حققوا من المآثر البطولية في معارك حرب التحرير وفي ضروب الاستبسال والإخلاص وجادوا بالحياة في المواقع الحربية، وبكل شرف وكبرياء، فلقد كان- رحمه الله -النجم المحبوب والخلوق في فريق الأحرار الرياضي في فترة الستينيات من القرن الماضي وصاحب الفانلة البرازيلية الصفراء رقم (10) دون منافس واللاعب الذي عرف عنه قدرته على توسيع دائرة محبيه، وتكوين الصداقات والعلاقات الإنسانية وبامتياز،فقد كان محبوبا عند الجميع دون استثناء ولكن الشهيد محمد علي الحبيشي كان فخورا بوطنه ومعتزا بترابه ومقدسا للإستشهاد من أجله، فكانت حياته تمر بلحظات فارقة وفاصلة، وهي تبحث عن السبل والمخارج للتعبير عما يعتمل في داخله وأعماق نفسه بين سرية العمل الفدائي ضمن صفوف تنظيم الجبهة القومية والذي لم يدع أحدا يعلم بما يقوم به بدءا بأسرته وانتهاء بأخلص أصدقائه وبين ارتباطاته الرياضية العلنية مع فريق نادي الأحرار الرياضي سابقا (والتلال حاليا).

فلقد اشترك الشهيد محمد علي الحبيشي في الكثير من العمليات الفدائية ضد قوات الاحتلال البريطاني، عززت كثيرا من دوره النضالي وأكسبته خبرة وصلابة واحتل موقعا متقدما بين أوساط المناضلين حتى يوم استشهاده في يوم الخميس الرابع من شهر ديسمبر 1964م، ففي لحظات الغروب من ذلك اليوم كان الشهيد محمد علي الحبيشي مكلفا بتفجير باص تابع لجنود الاحتلال البريطاني أثناء مروره في طريق العقبة في شارع الملكة أروى ،وفي لحظة فتحة لأمان القنبلة إذ بالشهيد محمد الحبيشي يفاجأ مع لحظة وصول الباص أنه كان مكتظا بأطفال إنجليز في عمر الزهور، ففضل الشهيد التضحية بنفسه والإستشهاد على قتل الأطفال الصغار الأبرياء .

إن الصورة التي جسدها شهيدنا الرياضي في آخر لحظات كفاحه ونضاله المسلح تعكس -دون شك- تلك المعايير الإنسانية والأخلاقية الرفيعة لهذا الشهيد مما يجعل الحاجة كبيرة إلى قراءة تاريخه والعمل بما يليق من أجله أو حتى من أجل تلك المنشأة الرياضية التي تحمل إسمه وهي «المدرج البلدي لكرة القدم»بكريتر، والتي بعد أربع سنوات أطلق إسمه عليها ليصبح «ملعب الشهيد الحبيشي» وإلى يومنا هذا.

فالمتأمل لهذا الملعب الرياضي والذي آلت ملكيته لنادي التلال الرياضي يرى أن الإدارة التلالية قد أصبحت في انتظار الرؤية الرشيدة لرئيس النادي الدكتور عبدالوهاب راوح، والعمل وبما يليق لهذا الملعب من تعشيب وإنارة وصيانة تعيد الأمجاد الرياضية الرائعة لهذا الملعب الذي يظل شاهدا على عطاءات الرجال في هذه المدينة الرياضية والثقافية كمدينة للإشعاع العلمي والتنوير السياسي في عموم الجزيرة العربية آنذاك .

وحتى يكون ملعب الشهيد الحبيشي قد دخل ضمن القلة القليلة من اهتمامات القيادات الرياضية بمحافظة عدن.

إلا أننا لايمكن أيضا أن نغفل وزن الرئاسة التلالية، وهي تتخذ في الذكرى الثالثة والأربعين لاستشهاد الرياضي التلالي محمد علي الحبيشي ذلك القرار التاريخي بإعادة تأهيل هذا الملعب بما يليق به واحتراما لما يحمل من إسم،ولهذا نعتز ونفخربالقرار التلالي ورجالاته الأوفياء وثقتنا أنهم سيكونون ضمن آمالنا المعقودة بهم في رسم هذه اللوحة الرياضية البديعة لملعب الحبيشي .. إبن الوطن الغالي والرياضي التلالي الأول الذي رفع إسم الوطن وناديه التلال .

الشهيد محمد علي الحبيشي في سطور:

< من مواليد عام 1941م بمحافظة عدن.

< ينحدر من أسرة فقيرة.

< تلقى دراسته في مدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية والمعهد التجاري العدني.

< لعب للأندية التالية: الاتحاد المحمدي (امسيسي) والكوثر الرياضي والأحرار الرياضي.

< اشتهر كلاعب فنان ذو موهبة رياضية خلاقة ومبدعة وأخلاق عالية والتحلي بالروح الرياضية العالية وكانت تربطه بزملائه في الفريق ولاعبي الأندية الأخرى علاقات طيبة ووطيدة.

< من أبرز صفات الشهيد الحبيشي وسماته المميزة أنه كان هادئا في معاملاته مع زملائه كتوما وشجاعا وصامتا ورقيق الإحساس وإنساني المشاعر إلى حد بعيد وكان أنيقا في ملبسه وتصرفاته وتعاملاته يتمتع بأخلاق عالية.

< اشتهر كلاعب مبدع بالمحاورة والمراوغة والضربات القوية وضربات الرأس والقدرة على اللعب في كل المراكز فهو بحق كان الرياضي الشامل ،بالإضافة إلى كونه صلبا وعنيدا وشجاعا ومقداما جزيل العطاء واثق بالنفس وشديد الوفاء والإخلاص.

< استشهد في الرابع من ديسمبر عام 1964م وكان عمره 23 عاما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى