عرفت لحج المسرح في الأربعينات

> «الأيام» وحيد الشاطري:

> فن المسرح هو أبو الفنون كلها إن لم يكن هو كل الفنون المتعارف عليها، وهذه المقولة لم تأت من فراغ، ولكنها جاءت باعتبار المسرح يمتلك خصائص ومميزات عدة أهمها التفاعل الإنساني الذي يرتكز على القدرة العالية في الأداء الدرامي الراقي وحنكة واقتدار تلقي المشاهدين وإعجابهم وتأثرهم بما يقدم لهم على خشبة المسرح، وعملية الوقوف على خشبة المسرح ليست بالعمل السهل-كما يعتقد البعض- ولكنها عبارة عن عملية طويلة من المران والتدريب والشجاعة وحب فن التمثيل المسرحي، بالإضافة إلى امتلاك ناصية الثقافة والمعرفة، وهذه جميعها تمثل مواهب ذات قدرات خارقة لايستهان بها.

ومع بداية الأربعينيات وبشكل تدريجي عرفت لحج المسرح، وكانت الوسيلة التي يستخدمها المسرحيون القدماء في لحج هي إحضار عدد من (الفوانيس) الكبيرة التي كانت توزع متناثرة على مساحة المنطقة المراد إضاءتها، ولزيادة مساحة الضوء في المنطقة وتحديد المنطقة التي اعتمدوها كمنصة مسرحية مرتفعة كانت توضع قطع معدنية من النوع اللامع بأحجام متفاوتة في الأبعاد الثلاثة للمنصة المسرحية ينعكس عليها ضوء تلك المصابيح الغازية، فيتمكن الأهالي من المشاهدة الجيدة والواضحة لما يدور أمامهم من أحداث المسرحية.

أما عن تطور المسرح في هذه المدينة الخضراء فقد كانت النقلة النوعية بشكل واضح وجلي في الأربعينيات وتحديداً في عام 1947م، حيث برزت فرقتان مسرحيتان، كانت الأولى تعرف باسم (العروبة) للتمثيل في الضاحية الشرقية من مدينة (الحوطة) أما الثانية فقد عرفت باسم الفرقة (القومية) للتمثيل، وكانت في ضاحيتها الغربية، وقد ضمت الفرقتان المسرحيتان نخبة طيبة من الشباب المتعلم والمثقف ومن كانوا على درجة كبيرة من الإلمام بالشعر والأدب أمثال المخرج والممثل المرحوم عبدالله عبدالكريم السلامي والأديب المرحوم عبدالله هادي سبيت والشاعر الشعبي المرحوم مسرور مبروك والفنان الكبير المرحوم محمد سعد الصنعاني وكذلك المرحوم محمد فضل اللحجي، ومن أهم الأعمال المسرحية التي قدمتها الفرقتان وكان لها حضور دائم آنذاك مسرحية (المروءة والوفاء) و(قصر الهودج) و(أوبريت بنت الناس) و(طرفيشة)، وقد تسنى للحج أن تشارك بأعمالها المسرحية في ثمانينات القرن الماضي في محافل عربية خارج الوطن اليمني، وقد عرضت المسرحيات اللحجية على الجمهور العربي في ليبيا، الكويت، السعودية، العراق في مهرجانات للمسارح، وقد نالت إعجاب واستحسان الجماهير العربية في تلك البلدان؛ لكن أهم فترة مميزة للحركة المسرحية في لحج كانت حقبة السبعينيات حيث قدمت لحج بعد ضم الفرقتين المسرحيتين (العروبة والقومية) في فرقة مسرحية واحدة ثم إدراجها ضمن أقسام الإدارة العامة للثقافة في لحج، وقد ركزت الفرقة في نشاطها على الجوانب الاجتماعية ونقد السلبيات والممارسات الخاطئة، وكانت تقوم بدور تعبوي وتحريضي في توعية الجماهير بدورها في بناء وتنمية المجتمع.

ومن أهم الأعمال المسرحية في هذه الفترة نذكر (وامعيبتش وانويرة) (زواج بلا سكن) (محو الأمية واجب) وكذا الأوبريتات الفنية مثل أوبريت (أمس والشعب) للشاعر حمود نعمان صالح، وكذلك المشاركة في تمثيل عدة مسلسلات إذاعية كان أهمها المسلسل الاجتماعي الكوميدي الشهير (شروة) لمحمد قائد صالح، ومسلسل (أحمد فضل القمندان)، أما في فترة ما بعد قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م وبعد مرور سبعة عشر عاماً من عمر الوحدة اليمنية المباركة فلم نسمع أو نشاهد أي عرض مسرحي قادم من لحج، وطبعاً الأسباب كثيرة لاحصر لها في هذه العجالة، وإنما لابد أن تتكاتف أيادي الجميع لعودة روح المسرح في لحج من خلال اهتمام ومتابعة مكتب الثقافة والسلطة المحلية بالمحافظة لإيجاد الحلول لعودة بريق المسرح اللحجي على خشبة مكتب الثقافة في القريب العاجل إن شاء الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى