أزمة الشاعر هي في صدق موقفه

> «الأيام» علي محمد يحيى:

> من وحي تجربة الشاعر الكبير عبدالرحمن السقاف مع أزمة من أزماته وهو يستلهم قصيدته (حالات)

اعتاد النقاد أن يسموا الشاعر بأنه هو الذي يرسم لنفسه مساراً معيناً يخطو من خلاله كي يحقق (الظرف الكوني) أو اللحظة الزمنية التي يعيشها حين يكتب القصيدة!! والواقع كما أتصور هو العكس، فإن الظرف الكوني أو اللحظة الزمنية التي يعيشها هي التي تحدد له المسار.

فهو في واقع الأمر ليس حراً في اختيار الموقف، ولا حتى اللحظة الزمنية، وإلا لكان ناظماً لا شاعراً. وعلى هذه الحال فإن الموقف عند الشاعر الأصيل والمجيد لا يكون مفتعلاً ولا مبتذلاً مهما كانت خصائصه، لكنهم- أي النقاد- تجاهلوا أن هناك شيئاً آخر، أو هي أشياء أخرى يمكن أن تضاف إلى الظرف الكوني أو اللحظة الزمنية، وأحد هذه الأشياء هو الظرف الاجتماعي، ولا أقصد هنا الظرف الذي يتركب منه الشاعر، وإنما القصد هو الظرف الكائن في الزمن.هذا الظرف الاجتماعي الذي يتفاعل معه الشاعر قبل الأزمة وبعدها، والعلاقة المباشرة بالناس من قِبَل الشاعر مضاف إليه الظرف الكوني- ومتضافرة- فإنها تشكل جداراً أو ساتراً سميكاً أمام نفس الشاعر تليها لحظة من التراخي التي يشعر خلالها بما يشبه الضياع وفقدان السيطرة، والتي تكونت بفعل تلك الأشياء المتضافرة، فيصبح الشاعر في هذه اللحظة كنقطة من الزئبق في أنبوب الاختبار لا يستقر في مكان- تحت الضغط الزماني والمكاني- وفي هذه اللحظة لا يكون بمقدوره تبديل موقفه أو العدول عنه نحو موقف آخر. ومن ثم الشاعر الأًصيل يعيشها كما هي بلا إضافة، لأن الإضافة في هذه الحالة تشبه عملاً بطولياً أجوف لامعنى له.

ومن هنا يظهر جلياً الفرق عند الشعراء بين من يعيش اللحظة الزمنية المفروضة عليه من الخارج ويتحرك ضمن إطارها المرسوم، وبين ذلك الذي يتحدى تلك اللحظة الزمنية المفروضة ويحاول الخروج من بوتقتها متسائلاً متمرداً يقرع الأبواب الموصدة ويدق طبول الأزمة متحدياً، لاجتياز ساترٍ يقف عند حافة اللحظة يحجب عنه كل شيء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى