عبدالقادر خضر..وتجليات الإعلامي العاشق

> «الأيام» عبدالرحمن إبراهيم:

> بعد حرب صيف أربعة وتسعين الظّالمة، توقفت صحيفة (عدن) التي كنت أبثّ شجوني وجنوني وتمرّدي الشاسع عبر سطورها غير الخاضع لرقيب النّاشر عدا ضميري وسريرتي، التي أزعم أنّها نقية، بريئة وعفوية، وراودني إحساس أنّني سأتنفس الصعداء وسأتحرر من مطادرة الزميلين، رئيس التحرير الأستاذ أحمد إبراهيم أبكر، ومدير التحرير الأستاذ إبراهيم الكاف، وإن كانت مطادرة الكاف، رغم ما تثير من قلق، لا يقل عن قلقه في نفسي، إلاّ أنه قلق شهيّ له رنين مريح، ووقع روحي بهي، لم أكد أسترجع دقّات قلبي المكدود من ألم الحرب، حتّى فاجأني الراحل مؤخرا، الصحافي الإعلامي اللامع عبدالقادر خضر - بصوته الواثق، وحديثه الشائق المقنع -عبر الهاتف - الذي شعرت من خلاله، ومن كلماته، أنه يحمل في طيّاته نوعاً من ترميم انكساراتنا، بحميمة مؤنسة، وأريحية آنسة قائلاً: أفردت صفحة في مجلة «النجوم» سيصدر العدد بعد أسبوعين، لا تتاخر، أريدك أن تؤكد التزامك الذي عهدناه لمجلة «الفنون» منذ الثمانينات فالنجوم لا تقل شأناً عن الفنون، فإذا كانت الفنون وراءها وزارة الثقافة، فالنجوم وراءها عبدالقادر خضر. اعتداد بالنّفس، يؤكد، على نحو يقيني، بصحافي واع للمغامرة التي سيقحم بوابتها الشائكة.

إنه تجلّ واضح، وبهي لعشق مجاله الذي نذر نفسه وسخّر جلّ حياته للذوبان في صعوباتها المتعددة، وتحدياتها المتشعبة المعروفة، بدءاً من توفير المادة حتى توزيع المطبوعة .. تصورا كم هو حجم المعاناة والقلق سواء للصحافة، أم مجالات الإعلام الأخرى!!

عبدالقادر خضر - طيب الله ثراه- يتمتع بملكية إعلامية تستجذب -بعذوبتها وأعجوبتها الصارختين- من أشقاهم الله وبلاهم بهذه المهنة المؤرّقة التي بقدر ما يمنح صاحبها من نجومية وألمعيّة اجتماعية، تلهب الذهن والوجدان، وتمتص أعذب سنوات العمر الجميل .

الحق أنّ ذلك لم يكن غريباً على أخي وصديقي عبدالقادر الذي تخرج من معطف «الأيام» وتتلمذ على يد عميدها المغفور له الأستاذ محمد علي باشراحيل أحد أبرز رجالات الصحافة في عدن واليمن بعامة .

ذهني ومخيّلتي، محتشدان بالذكريات والمواقف، ما يجعلني أتعسّر أن أستعيدها، وهو يودّعنا دون فراق، وهو الذي يباشر حياةً -رغم انحباس شقائه ومحاصرتها في دهاليز الذاتية والأسرية - تفوح بالحب والسعادة والخير والتفاؤل غير المهادن، ويعلن صارخاً بود سخي ومحبة عارمة قائلا : (ياعوضين وياعبدالرحمن أنا بدفنكم وبحمل جنازتكم) كلمات ظلت تحوم حول مسامعي، منذ أن هدّجني خبر وفاته، حتى لحظة كتابة هذه الكليمات التي لا تفي بحق صديق وأخ جمعتني به أيام بيضاء وليال حالكات، غير أن ما أزعجني كثيراً، شكواه الشامخة من السلطات المحلية التي لم يطلب منها سوى مستحقاته المشروعة التي تمثلت في نشر الإعلانات في النجوم، وبكرياء قال : قيمة الإعلانات هدية مني للمحافظة الذين لم يردوا حتى على مكالمتي، سامحهم الله !!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى