نداء عاجل إلى وزير الثقافة:أنقذوا معهد الفنون الجميلة

> علي الذرحاني:

> معهد الفنون الجميلة أو معهد جميل غانم للفنون الجميلة بكريتر عدن، ذلك الصرح الفني الذي كان يشع فناً وذوقاً وجمالاً وتألقاً، ومثل بؤرة إشعاع فني وحضاري كأول معهد فني في اليمن والجزيرة العربية، وتخرج فيه العديد من الكوادر الفنية في قطاع المسرح والموسيقى والفنون التشكيلية، وأصبح البعض منهم فنانين كباراً بعد أن أكملوا دراستهم الجامعية في الفنون في الخارج وعادوا إلى أرض الوطن ليعطوا كل ما لديهم من خبرات وإبداعات للأجيال الصاعدة والواعدة.. ولكن ياخسارة! فقد مر هذا المعهد خاصة بعد حرب 94 بمنعطفات ومعوقات مثبطة وتعقيدات كثيرة كانت سبباً في توقف الدراسة فيه في فترات متقطعة نتيجة الإهمال ونتيجة تغيير عمداء المعهد الذين تعاقبوا على إدارته، الواحد منهم إما أن يكون حازماً أو يكون غير مكترث، أو ليس لديه خبرة في الإدارة أو التخصص الفني أو ليس لديه رؤية أو إستراتيجية أو منهج أو برنامج لإدارة معهد فني، أو أنه يتغيب كثيراً ولا يحضر إلى المعهد، كما هو حاصل مع المدير الحالي للمعهد الذي قدم تصوراً لبرامجه إلى وزارة الثقافة، وطلب منها مخصصاً مالياً محدداً وثابتاً، وعندما لم تستجب الوزارة لمطلبه اعتكف في منزله وترك المعهد لنائبه لكي يتولى مهام المدير العام، ولكن اليد الواحدة لا تصفق، مع أن المدير العام عين لنائبه نائباً مساعداً، ولم نسمع في كل الدنيا عن وجود نائب للنائب إلا في بلادنا..!

وقد مر المعهد بفترات انقطاع الدراسة تجاوزت العام أو العامين أو الثلاثة من أجل التأهيل والترميم، فكانت زمناً مقتطعاً من حساب الدراسة ومن عمر الدفعات الدراسية المغلوبة على أمرها، لم نذكر هنا هموم ومكابدات طلاب القسم الداخلي بالمعهد!

هذا التعطيل أربك العملية الدراسية وشل كامل النشاط الفني وثبط همم وعزائم الطلاب وأثر في إقبالهم على الدراسة بل وجعل البعض منهم غير مكترث للدراسة وكثير الغياب والإهمال، وانتقل العديد من مدرسي المعهد والبعض انتقل إلى رحمة الله، وكثيراً ما يتغيب الكثير منهم أو يتأخر عن أداء عمله نتيجة عدم مساواتهم بزملائهم في قطاع التربية والتعليم خاصة في طبيعة العمل أو ما كان يسمى بقانون المعلم، وهذا أدى إلى قتل هممهم وعدم تحفيزهم على العمل مع غلاء الأسعار هذه الأيام، وتعرض المعهد لعدة سرقات نتيجة الإهمال وغياب الحراسة الدورية، ولأن سور المعهد تعرض من بعض المواطنين للاغتصاب والاقتطاع والبناء عليه واحتسابه ضمن جدران منازل الساكنين بجواره بما فيهم بيت الله الذي لا يقبل أن يبنى له بيت يعبد في أرض مغتصبة، وبعض جيران المعهد أخرج مكيف الهواء الخاص به من جداره إلى داخل المعهد الأمر الذي يعرض المعهد للسرقات بسهولة.

ومع ذلك كله كانت هناك محاولة لضم المعهد إلى جامعة عدن من أجل انتشاله من أوضاعه المتردية تمهيداً لفتح قسم أو شعبة للفنون الجميلة بالجامعة تكون نواة لكلية الفنون الجميلة في المستقبل، إلا أن تلك المحاولة من قبل الجامعة لم تنجح، وظل حال المعهد على ما هو عليه، بل ازدادت أوضاعه وأحوال كوادره سوءاً وتردياً لغياب المخصص المالي لتسيير العملية الدراسية وغياب المنهج الدراسي الفني الواضح والمحدد، ولغياب الحزم من قبل الإدارة، وسلوك بعض عناصر المعهد الذين يستهوون الاصطياد في الماء العكر ويستمتعون ويتلذذون بالكيد لبعضهم بعضاً، كالنار التي تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله، مما ولد انطباعاً لدى الطلاب بعدم الثقة بالمعهد وبالإدارة وبالمدرسين، وجعلهم حائرين بين مواصلة الدراسة في المعهد أو الفرار منه إلى معاهد أخرى أكثر أمناً وسلاماً، بالإضافة إلى عزوف بعض المواهب الشابة الواعدة عن الالتحاق بالدراسة في المعهد نتيجة نظرة المتدينين إلى الفنون باحتقار وازدراء وأنها من المحرمات نتيجة التعبئة الخاطئة لبعض الوعاظ المتشددين.

وبصفتي أحد مدرسي المعهد الذين عملوا في حقل التدريس الفني داخل المعهد لأكثر من عشر سنوات، وشغلت منصب إدارة الفنون التشكيلية في مكتب الثقافة منذ بداية الوحدة، وشغلت منصب إدارة قسم الفنون التشكيلية بالمعهد حتى كتابة هذه السطور التي أناشد فيها وزير الثقافة الذي كان في يوم ما عميداً لكلية المجتمع وأرجوه أن يتدخل لإنقاذ المعهد وانتشاله من أوضاعه المتردية، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا الصرح الفني الشامخ، وإعادة رونقه الجميل والرائع من أجل أن تعود الابتسامة لثغر اليمن (عدن الحبيبة).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى