علم (بن شملان) يرثي علماً (بن غانم)

> نجيب محمد يابلي:

> سلمني عدد من الأعزاء من محافظة حضرموت مفاجأة جميلة، فشق المفاجأة أنها كانت قصيدة جادت بها قريحة الأستاذ المهندس فيصل عثمان بن شملان، وشق الجمال فيها أن الراثي والمرثي علمان لا يشق لهما غبار وهما: م. فيصل عثمان بن شملان والدكتور فرج سعيد بن غانم.

م. فيصل عثمان بن شملان:

من مواليد السويري بتريم عام 1934م. احتل ثلاثة مقاعد في المدرسة الوسطى بالغيل، فجلس على المقعد الأول طالباً وعلى المقعد الثاني معلماً وعلى المقعد الثالث مديراً. ترك سلاطين حضرموت فراغاً دستورياً بعد مغادرتهم البلاد فأجمع الحضارم على جدارة المهندس فيصل بن شملان لرئاسة اللجنة المكلفة لإدارة البلاد حتى يتم ترتيب الأوضاع النهائية.

شغل فيصل بن شملان منصب أول وزير للأشغال العامة في حكومة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية برئاسة قحطان الشعبي (وكان رئيساً للجمهورية أيضاً). شغل بن شملان أيضاً منصب أول مدير عام لشركة مصافي عدن بعد ما آلت ملكيتها للدولة عام 1977م، بعد أن أدار مؤسسة الكهرباء بعدن باقتدار وبالاقتدار نفسه خاض الإنتخابات الرئاسية عام 2006م. الرجل طاهر اليد عف اللسان.(لمزيد من التفاصيل راجع حلقة رجال في ذاكرة التاريخ 2006/7/9م)

د. فرج سعيد بن غانم:

من مواليد الفاتح من ديسمبر، 1937في غيل باوزير بحضرموت من خريجي الدفعة الثامنة في متوسطة الغيل (المدرسة الأم) 1949/48 ومن زملاء دفعته: حسين سالم بن رباع وفاروق عثمان بن شملان. محطات دراساته الجامعية والعليا، بدءاً من البكالوريوس والماجستير والدكتوراه والدورات التأهيلية كانت السودان وبريطانيا وبولندا والولايات المتحدة.

بدأ مشواره القيادي في الوظيفة في سبتمبر 1969م، عندما عمل وكيلاً دائماً لوزارة المالية، ثم نائباً لوزير التخطيط، فوزيراً للتخطيط، ثم مندوباً لبلاده في المقر الأوربي للأمم المتحدة بجنيف قبل الوحدة وبعدها، فوزيراً للتخطيط فرئيساً للوزراء عام 1997م وخلال الفترة -98 2007م عمل مندوباً مرة أخرى لبلاده في المقر الأوربي للأمم المتحدة بجنيف، حتى انتقلت روحه الطاهرة إلى بارئها في ليل الأحد، 5 أغسطس، 2007م.

يجمعه بفيصل بن شملان قواسم مشتركة كثيرة: منها وفرة العطاء وطهارة اليد وعفة اللسان ودماثة الخلق.

بن شملان في رثاء بن غانم:

تقع القصيدة في ثلاثين بيتاً، استهل بن شملان أول بيتين بالوقوف بين يدي ربه، وأفرد بن شملان الأبيات الأربعة التالية لمدخله إلى القصيدة، أما الأبيات الـ (24) الباقية فقد أفردها بن شملان لخطابه المباشر لفقيده فرج بن غانم.

وقف بن شملان في منتصف الطريق عند البيت الـ (15) حيث غمره الأسى وهو يخاطب بن غانم:

ظننت بأنّي سابق فسبقتني

ولو كان سبقاً غير هذا لأمتعا

واختتم البيت الـ(30) بالأمل الذي كان سراباً عند بن غانم فقال بن شملان مخاطباً فقيده:

عسى مقبل الأيام يصلح حاله

على منهج باشرته كان أنفعا

أترك القارئ العزيز مع قصيدة بن شملان:

إلى روح الفقيد العزيز د. فرج سعيد بن غانم رحمه الله

شعر: فيصل عثمان بن شملان

إليك ومنك الكون بدءاً ومرجعاً

وهبت لنا الدنيا ابتلاءً قصيرةً

يحل بنا يوم هو البشر كله

ويعقبه يوم هو الحزن كله

عقود جثت يادهر تمطرنا أسىً

فكفى رياح الدهر عنا بريهة

رحلت أبا مروان عن حين غرة

وما كان خلق لك أن لا تفي به

رجعت ولكن أي رجعى فجيعة

تسيل دموع السالمين غزيرة

«بكت عيني اليمنى» فقلت لها اذرفي

على مثل هذا يسكب الدمع جارياً

بكيت صفاء الذهن فيك وصحبةً

إذا ما سجى ليلي تذكرت صحبنا

ظننت بأني سابق فسبقتني

فياليته كان الفداء شريعة

ولكنها الآجال عمر محدد

تغمدك الله الرحيم برحمة

وأودع صبراً في ذويك وسلوة

دُفنت حكومياً بصنعاء باكراً

فلم يك للشعب الكريم تواصلٌ

فيا حسرتي حرمان رؤيا أخيرة

أأراثيك أم أرثي البلاد بأسرها

وما قدّم الإنسان خير رثائه

بذلت لها علماً وجهدك مخلصا

فلاقيت صداً عابثاً متعصباً

فيا بؤس قومي من مفاسد عصبة

وللوصل آداب وللقطع مثلها

فما ضرَّ أن وفّيت وصلاً وصعّروا

عسى مقبل الأيام يصلح حاله

فرحماك ربي حين تدعو المضاجعا

وخلّدت في الأخرى وللمرء ما سعى

نُسََُّّرُ به فعلاً وقولاً ومسمعاً

كأنا بداعي البشر ما كان قد دعا

فما خبر خُبّرت إلا وروّعا

فما سقت إلا ما أعلَّ وأوجعا

وقد كنت قد واعدتنا الصيف مرجعا

وقد كنت دوماً في وفائك أسرعا

فما رجعة كانت على النفس أفجعا

وهذا أبو الصهباء يسكب أدمعا

فما بخلت «فاضت وأسبلتا معا»

على مثل هذا يهطل الدمع طيّعا

ترسخها الأيام للحق أطوعاً

وقد كنتَ من بين الأحبة ألمعا

ولو كان سبقاً غير هذا لأمتعا

فدتك نفوس يستبقن تطوعا

فلله ما أحيى ولله ما نعى

وأسكنك الجنات مأوى ومرتعا

وصبراً لصحب أبعدوا عنك راجعا

رئيسٌ وجندٌ يحكمون الموانعا

إليك فهذا الأمن سد الشوارعا

وهمهمةً ألقى عليك مودعا

أحبتك لا زلفى أحبتك مقنعا

وقد كنت رمز للكفاءة أروعا

وكان حرياً أن نرى الزرع أينعا

وليس له رؤيا سوى النهب ما وعى

أبت أن يعمَّ الخير أو يتوسعا

وما يقطع الشعب الأبي تقطعا

فإن الكريم الحر ما رام مطمعا

على منهج باشرته كان أنفعا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى