تكتل إنقاد وطني

> جمال محمد الجعبي:

> بكل أسف أقر اليوم أن أطراف المنظومة السياسية الحاكم (المؤتمر الشعبي) والمعارضة (اللقاء المشترك) وجدوا أنفسهم خارج معادلة الحراك الشعبي في الجنوب أو ما يصح وصفه بانتفاضة الجنوب، وكانت النتيجة أن السلطة وجدت نفسها في مواجهة مباشرة وقاسية مع الشارع، دون وصاية عليه من أحد وفي ظل وجود قيادة ميدانية تمتلك مشروعية وقبول الشارع في الجنوب وعدم اعتراض الشارع في الشمال.

وهذه المواجهة التي وجد النظام نفسه في وسطها .. بقدر بدايتها الهادئة بقدر صلابتها وتماسكها، الذي يزداد يوما بعد يوم وتكتشف السلطة أنها عاجزة عن تطويعها رغم المليارات التي تواردت الأخبار عن صرفها لكسب الولاءات وشراء الذمم دون جدوى، وربما وهو الأدهى أن المقاولين المحيطين بالنظام هم (الجعبة) التي استوعبت تلك المليارات التي كان بالإمكان تسخيرها لحل مشاكل كثيرة أثارتها انتفاضة الجنوب .

ولذلك وبعد أن أقصى المؤتمر الشعبي القضية الجنوبية التي طرحها الحزب الاشتراكي على أجندة الحوار قبل نحو تسعة أشهر، وتم اتهام أمين عام الاشتراكي حينها بالانفصالية من قبل الأمين العام المساعد للمؤتمر، وتعطل على أثرها الحوار قبل أن يستأنف بفتوى التفافية من الأستاذ عبدالقادر باجمال من خلال اعتبار موضوع القضية الجنوبية يمثل مطالب تخص الاشتراكي، بعد ذلك الإقصاء صار الشارع الجنوبي في حِلٍّ من أي التزام للمؤسسات الحزبية التي لم تعطِ قضيته الأولوية، ولجأ إلى النضال السلمي لنيل هذه المطالب، وهنا وفي ظل خروج الأحزاب (كمؤسسات لا كأشخاص) من المعمعة ومواجهة الشارع للسلطة المستهترة بحقوقه، وحيث يضع النضال السلمي السلطة أمام خيارين هما: العودة إلى الشراكة السياسية التي تم القضاء عليها في حرب صيف 1994م، أو الخيار المفتوح على بدائل ستكون مطروحة عند انسداد التعاطي مع الخيار الأول، وفي ظل انتهاج السلطة لخيارين هما: المراوغة والترغيب بالجزرة، أو القمع والترهيب بالعصا، وفي ظل تكافؤ الطرفين حتى الآن فإنه لا مفر من تدخل جهة ثالتة لفض الاشتباك بين مطلب المشاركة السياسية المتكافئة، وبين مطلب الهيمنة والانفراد بالثروة والقرار السياسي للبلاد .

وإذا كانت الأحزاب (سلطة ومعارضة) غير قادرة على هذا الدور وغير مقبولة من الطرفين؛ فإن الحل يتمثل -كما أعتقد- في كتلة إنقاذ وطني -لا نستعيد تجربة تحكيم علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان عبر نموذج أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص- هذه الكتلة يجب أن تكون مدركة لحقيقة القضية الجنوبية وغير متجاهلة لأسلوب السلطة المراوغة التي لا تمتلك مصداقية لدى الشارع .

وهنا لا أملك أن أضع المزيد من الشروط اللازم توافرها في كتلة الإنقاذ الوطني، ولكن أتمنى أن يكون هذا الموضوع محل بحث من الناشطين والمثقفين ومنظمات المجتمع المدني والقيادات العسكرية والأمنية غير الطارئة على المؤسسة الأمنية والجيش، والشخصيات الاجتماعية ممن لم تتلوث بالقرب من السلطة .

فهل نفعلها ؟ قبل أن ينهار المعبد على رؤوس الجميع .

والله من وراء القصد .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى