موقف ميركل تجاه حقوق الإنسان يمثل تحولا في السياسة الألمانية

> برلين «الأيام» بول كاريل ونواه باركين:

> تختلف أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا عن مستشاري ألمانيا السابقين باتخاذها موقفا صارما تجاه حقوق الإنسان، حتى أثر ذلك على العلاقات الدبلوماسية وأصاب الأعمال في ألمانيا بالقلق.

وبالضغط على روسيا والصين وفي الآونة الأخيرة زيمبابوي فيما يتعلق بقضايا خاصة بحقوق الإنسان ابتعدت ميركل عن الاتجاه الهاديء الأكثر عملية الذي يميز السياسة الألمانية بعد الحرب، من كونراد أديناور إلى جيرهارد شرودر.

ويقول مساعدو ميركل التي نشأت في ألمانيا الشرقية الشيوعية: إنها تؤمن بقوة بأن قضية حقوق الإنسان يجب ألا تكون في المقعد الخلفي وراء مصالح العمل، كما كان الأمر أثناء حكم المستشار السابق لها شرودر.

وقال يوزيف يوفه رئيس تحرير صحيفة دي تسايت الأسبوعية:« كل المستشارين السابقين لها (ميركل) سواء من اليسار أم من اليمين كانوا يفضلون عادة التعقل على الجرأة، أو الصمت المهذب على المثالية السياسية، في إصرار على أن الدبلوماسية الهادئة تؤتي ثمارها بشكل أفضل.. ميركل تختلف عن ذلك بالتأكيد، وموقفها المتشدد بشكل متزايد فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان جدير بالملاحظة بشكل أكبر، لأنه يتناقض بشدة مع تعاملها مع السياسة الداخلية».

وتواجه ميركل انتقادات في ألمانيا لقبولها حلولا وسطا فيما يتعلق بقضايا مثل إصلاح برامج الرعاية الصحية، والحد الأدنى من الأجور، لكي تحافظ على الائتلاف بين المحافظين والاتحاد الديمقراطي المسيحي.

وفاجأت ميركل في وقت سابق من الشهر الحالي زعماء آخرين يحضرون قمة الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي وأفريقيا في البرتغال بانتقاد رئيس زيمبابوي روبرت موجابي.

وقالت ميركل بينما كان موجابي يستمع: « إن العالم لا يمكنه التزام الصمت وحقوق الانسان تدهس تحت الأقدام». وأضافت:« إن الوضع في زيمبابوي يضر بصورة أفريقيا الجديدة».

وتصريحاتها القوية في لشبونة عززت رسالة بعثتها عندما انتقدت واشنطن بسبب معاملتها للسجناء في السجن الأمريكي بخليج جوانتانامو بعد وقت قصير من توليها السلطة في نوفمبر تشرين الثاني عام 2005.

وفي سبتمبر أيلول أصبحت أول مستشارة ألمانية تلتقي الزعيم الروحي المنفي للتبت الدلاي لاما، وأغضبت هذه الخطوة الزعماء في بكين ما دفعهم إلى إلغاء سلسلة من الاجتماعات عالية المستوى.

كما أثار ذلك أيضا قلق مجموعات الأعمال الألمانية من أن يثير ذلك ردا من الصين فيما يتعلق بمجال الأعمال.

ويشعر رجال الأعمال بالقلق أيضا من انتقاد ميركل لسجل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيما يتعلق بحقوق الإنسان.

ويتناقض موقف ميركل بشدة مع موقف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي ترك مسئولة حقوق الإنسان في فرنسا عندما زار الصين في الآونة الأخيرة، كما توصل لاتفاقات في باريس مع الزعيم الليبي معمر القذافي في الآونة الأخيرة مما أثار احتجاجات من أعضاء في حكومته.

وقالت كاتينكا باريش نائبة مدير مركز الإصلاح الأوروبي:« ميركل تتصدى.. تقول نعم سنقوم بأعمال مع الروس والصينيين ولكنني لا أخشى الحديث عن الخلافات عندما تكون قائمة». وينطوي هذا الاتجاه على مخاطر.

وشكا مسئول بشركة ألمانية طلب عدم نشر اسمه لرويترز في الآونة الأخيرة من أن شركته خسرت عقدا في روسيا بعد وقت قصير من إعلان ميركل دعمها لشخصيات معارضة في روسيا.

ولكن مسئولين ألمانا مقربين من ميركل يقولون إنها تبدو مستعدة لقبول خسارة بضعة اتفاقات على المدى القصير، لأنها تعتقد أن موقفها سيخدم في نهاية الأمر المصالح الألمانية.

وقال فولفجانج نوفاك المستشار السابق لشرودر الذي يدير الآن مركز أبحاث تابع للبنك المركزي الألماني:« إن اتجاه ميركل المتشدد له مزاياه».

وأضاف:« تحدثت مع الرئيس بوتين في سوخي (حيث التقت ميركل بالزعيم الروسي في يناير) وقال إنه يحترمها ويثق بها.. يمكنك احترام شخص والثقة بشخص صادق معك وليس بمن يبحث عن بضعة روبلات». وتشيد جماعات حقوق الإنسان بميركل، ولكنها تواجه انتقادات من داخل حكومتها.

واتهم وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير وهو من الاتحاد الديمقراطي المسيحي سياسات ميركل تجاه روسيا والصين.

وفي الوقت الذي رحبت فيه منظمة العفو الدولية بموقف ميركل من حقوق الإنسان قالت إن الاختلاف في الآراء بين المستشارية ووزارة الخارجية يهدد بإضعاف موقف ألمانيا.

وقالت باربرا لوشبيلر أمين عام قسم ألمانيا بمنظمة العفو الدولية:« الحكومة تعطي إشارة خطيرة بهذا الخلاف، خاصة إذا كان علنيا».

ويتراجع الاتحاد الديمقراطي المسيحي وراء حزب المحافظين الذي تنتمي إليه ميركل في نتائج استطلاعات الرأي، ويشعر بالقلق تجاه شعبيته مع اقتراب الانتخابات الاتحادية المقررة عام 2009م، ولكنه يواجه صعوبة في إحراز نقاط في مواجهة ميركل بمهاجمة موقفها فيما يتعلق بحقوق الإنسان. رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى