كــركــر جــمــل

> عبده حسين أحمد:

> لابد من عمل شيء يحطم هذا الجمود والركود.. ولابد من البحث عن حل.. عن مبادرة تؤدي الى الحوار والاتفاق من أجل اليمن ومن أجل الشعب اليمني أيضاً .. صحيح أن هناك خلافات حدثت .. وهناك مآس وأوجاع وآلام لا نريد تحريكها.. إنما الذي نريده في هذه الظروف الحرجة هو أن نجفف الدماء والدموع .. وأن نبدأ مرحلة جديدة في تاريخ بلادنا.. إننا نرى في العالم حولنا.. كيف يلتقي كلينتون ويلتسين مثلاً وزعماء الكوريتين.. وكيف يلتقي زعماء البلدان الأخرى.. وكيف يناقشون قضاياهم وخلافاتهم.. وكيف تكون نتائج هذه اللقاءات.. إيجابية ومدروسة ومحسوبة.. فلماذا لا نحاول أن نلتقي أو أن نجعل هذه اللقاءات ممكنة في أي وقت؟ ولو نجحنا في هذا المسعى لاستطعنا أن ندعم موقف بلادنا.. وأن نجعلها تمضي في سبيلها بنجاح واضح وعظيم.. ولكننا رفضنا ومازلنا نرفض هذه الوسائل الأجدى والأنفع.. ورضينا لأنفسنا بالمكابرة والعناد وخداع الذات أن نستسلم للكثير من المرارة والألم وخيبة الأمل.

> وكم كنت أتمنى لو توحد الشعب اليمني واتخذ قراراته على أرضية تفاهم واضحة ومتبادلة بحسن النية وصفاء النفس ووضوح الهدف.. بقدر من المرونة السياسية وبدون بيانات صارخة وكاذبة ومضللة.. كانت نتيجتها التفكك وضرب الأصدقاء بالأصدقاء حتى أصبح صديق الأمس عدو اليوم.. وفشلت سياستنا الغوغائية وأصبحنا نعاني من فوضى السياسة الاقتصادية و الاجتماعية.. إلى جانب الصراع على السلطة وكرسي الحكم .. والتآمر على تصفية الطرف الآخر عسكرياً وسياسياً.. ولذلك نجحنا في إشاعة الخوف والتسلط والظلم والتمزق والهوان في بلادنا.. بسبب الخلافات الداخلية السياسية والعصبية.. وإذا كان هناك اتفاق بين حزبين في بلادنا على شيء واحد.. فهو كراهيتهما الأول للثاني وحقد الثاني على الآخر حتى يعتزل واحد منهما الحكم ويترك السلطة المطلقة للأخر.. فليس أسهل بعد ذلك من الموت.. وليس أروع من البقاء على كرسي الحكم.

> قرأت عبارة بليغة تقول: «هناك ثلاث معارك مع الطرف الآخر .. معركة قبل أن تحاربه.. ومعركة عندما تحاربه.. ومعركة بعد أن تحاربه وهي الأخطر».. والمعنى واضح جداً أن الطرف المنتصر سوف يكون مع الطرف الخاسر بعد الحرب أعنف وأقسى.. وقد يصح هذا الكلام إذا كانت المعركة بين دولة وأخرى .. ولكنه لا ينطبق أبداً على فريقين من شعب واحد وأرض واحدة .. حتى وإن اختلفا على أسلوب الحكم وإدارة البلاد ومبادئ الديمقراطية.. ومن المؤكد أن الحرب بين أبناء الشعب الواحد - مهما كانت الأسباب - ليس فيها منتصر أو مهزوم .. فالخسارة واحدة .. أما الخسران فهو الشعب والوطن.

> ولذلك نقول: إن المعارك الأهلية التي تدور في أي بلد في أي مكان وفي أي زمان .. من الممكن أن تجد فيها صاحب مصلحة في النصر .. وآخر صاحب مصلحة من الهزيمة .. إلا الشعب والوطن .. فهما الجريحان دائماً .. ولن يستطيع أي أحد أن يوقف نزيف الدم فيهما.. أما إذا كنا من هواة القتال وإثارة الفتنة بين أبناء الشعب الواحد.. بسبب التخلف والعصبية والجاهلية وكرسي الحكم .. فإنني أتمنى أن تكون معركتنا بلا حرب .. أي بالحوار والتفاهم والاتفاق والتقارب والتضامن .. وهذا هو الانتصار بلا حدود..!!

نشرت في العدد 343 بتاريخ 19 مارس 1997م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى