> أبوبكر السقاف:

إن استقلال الجامعة أساس دورها وحرمتها، وعندئذ يكون إخراج الأمن من الحرم الجامعي تحصيل حاصل، فطالما ظلت الجامعة جزءا من أمن الدولة فهي حكماً تتبع الجهات الأمنية، وفي مقدمتها الأمنان القومي والسياسي، ومن هنا فإن تضافر جهود الطلاب والطالبات ونقابة أعضاء هيئة التدريس يجب ألا يكون موسمياً كما حدث بعد الاعتداء على الطالبين جميل ومراد سبيع في كلية الآداب بجامعة صنعاء، وقد غدا الاعتداء ظاهرة روتينية منذ عقود، فقد شهدت كلية الآداب والعلوم منذ سنوات ألواناً من العدوان السافر والسادي من حلق شعر الرأس إلى الضرب بأعقاب البنادق والإقذاع في الشتم دون أن يحرك كل ذلك الطلاب والأساتذة للقيام بحماية الحرم الجامعي الذي ينص الدستور حتى بعد عمليات «التجميل» الجراحية له بعد 94/7/7م على حرمة دور العلم.

إن أخطر ما في استباحة حرمة الجامعة أنه يوجه ضربة قاتلة لقلب هيئات المجتمع المدني ويدجن الشباب والشابات على شروط بيت الطاعة السياسي، وعندها يتعذر أن تنشأ تجمعات جديرة بصفتها المدنية السياسية، بل ويصبحون جنوداً ومجندات احتياطيين للجهات الأمنية في الدولة، كما اتضح منذ نحو عام ونصف العام عندما علق على ألواح الإعلانات بجامعة صنعاء إعلان للتوظيف في الأجهزة، وكان ذلك إلغاء صفيقاً للفرق بين دار العلم ودار التعذيب، وارتفاع بالدار الثانية إلى شرف الدار الأولى، وهذا عين الخراب الخلقي والمعنوي.

إن المهمة العاجلة الآن هي المطالبة بمحاكمة كل المعتدين على الطالبين، وجعلها بداية لنشاط مستمر ودؤوب من أجل استقلال الجامعة، والإصرار على أن مدنية الجامعة وكرامتها وحرمتها تجعل الحرس المدني الذي يتبع إدارة الجامعة ضرورياً ولازماً في جميع جامعات الدولة و(الحكومية) صفة خطأ، لأن الجامعة على صلة وثيقة بالمجتمع باستقلالها عن أجهزة القمع والقوة والحكومة والأحزاب، وفي هذه الحال فقط يمكن أن تقوم بدورها بما هي مجتمع فكري أساسه الحرية ويسعى للارتقاء بالمعرفة والأخلاق، وهو جزء من الفضاء المعرفي العربي والإنساني، وكل إخضاع لها لأجهزة الأمن ينفي من الأساس إمكان وجودها ودورها.