عدن والجنوب ليست «فضاءً مفتوحاً» لحل بطالة الشباب

> د.محمد علي السقاف:

> أشرنا في الحلقة الأولى المنشورة قبل عيد الأضحى في صحيفتي «الطريق» العدد (535) و«الأيام» العدد (5272) أن الوحدة اليمنية التي تحققت في 22مايو 1990 قامت على أساس عودة الفرع(اليمن الجنوبي) إلى الأصل (اليمن الشمالي) الذي تعتبر نخبته الحاكمة أنه بمثابة الوطن الأم، وهذا المفهوم الخاص جداً خطير جداً بحكم طبيعة العلاقة بين الشمال والجنوب على أساس علاقة تبعية الفرع للأصل، وليس على قاعدة المساواة لوحدة قامت بين دولتين ذات سيادة معترف بهما دولياًً وإقليمياً كعضوين من أعضاء الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية احتل كل منهما مقعده المنفصل عن الآخر في المنظمتين الدوليتين. فإذا كانت أساس العلاقة قائمة على عودة الفرع إلى الأصل لما احتاج الطرفان إلى إبرام اتفاقيات دولية للوحدة مثل اتفاقية الوحدة الأخيرة الموقعة في صنعاء في 22 إبريل 1990، الأساس القانوني الدولي لقيام ووجود الدولة الحالية (الجمهورية اليمنية) . فهم ذلك بوضوح ودقة يعني أن أياً من الطرفين اللذين وافقا على تأسيس الدولة الحالية بإمكانه أن يعود إلى وضعه السابق قبل الوحدة. فعلاقة الشمال والجنوب ليست علاقة عودة الفرع إلى الأصل الوطن الأم، كما حدث في عودة مستعمرة هونج كونج البريطانية سنة 1997م، وماكاو المستعمرة البرتغالية سنة 1999 إلى الوطن الأم الصين الشعبية. كما سنرى ذلك لاحقاً لارتباطهما بموضوع المقال من زاوية حظر الهجرة الداخلية بين الفرع والأصل لمدة 50 عاماً!

فمشكلة النخبة الحاكمة أنها بسعيها إلى تحقيق الوحدة حلم جماهير الشعبين (حينها على الأقل) لم تنطلق من منظور وحدوي مثل الجماهير، وإنما انطلقت مدفوعة بالمصالح المادية التي تجنيها من الوحدة مع الجنوب من حيث امتلاكه للثروة النفظية، والمساحة الجغرافية الواسعة، وموقعه الاستراتيجي المهم، وقلة كثافته السكانية، وهي معطيات تفتقدها, وغير كافية في دولة اليمن الشمالي. من هنا لإتمام صفقة الوحدة وتحقيق تلك المكاسب المادية، تعامل الطرفان على أساس المساواة بينهما في تقاسم السلطة دون تقاسم الثروة في حين لم يتخل أحد الطرفين الموقعين على اتفاقية الوحدة عن مفهومه المتأصل في أعماقه إلى درجة القداسة الدينية بأن العلاقة بينهما بنهاية الفترة الانتقالية يجب أن تؤسس على قاعدة التبعية، ويصبح الجنوب محكوماً بنفس طريقة حكمهم وتعاملهم مع بقية سكان ومناطق اليمن الشمالي منذ عهد الإمامة وحتى قيام الجمهورية. فبغياب دمج المؤسستين العسكرية والأمنية برغم خيار صيغة الوحدة الاندماجية مثَّل عائقاً أمام تبعية الفرع إلى الأصل، ولذلك كان إشعال حرب صيف 1994م، ولمعرفة النخبة أن وضع الجنوب ليس مثل وضع المحافظات الشمالية بإمكانه استعادة سيادته السابقة تم تركيزها في سبيل جعل ذلك أمراً صعباً إن لم يكن ضئيلا حسب وهمها، فكان التسريح الجماعي للجيش والأمن، واستنزاف ثروته النفطية، وتصفية أصول ممتلكات دولته السابقة بحجة الخصخصة وتمليكها لعدد من النافذين ورجال الأعمال المقربين من السلطة. فإذا كانت عناصر تكوين الدولة هي:السكان والإقليم والحكومة، فإن قطع الطريق أمام احتمال عودة الجنوب إلى وضعه السابق رأوا أن ذلك يتطلب إفراغ مضمون العناصر الثلاثة السابقة لمكونات الدولة. فتوزيع الأراضي بالكيلومترات لبعض كبار المتنفذين من العسكريين والمشايخ وغض الطرف عن عمليات البسط والاستيلاء مهما كانت واسعة لا تكفي، وتوزيع الأراضي لعدد كبير من أفراد قوات الجيش والأمن سيعزز من مصداقية مواقف المعارضة الجنوبية «لعسكرة» الجنوب بعد حرب 1994، فلا مساحة الأراضي الموزعة، ولا عدد أفراد القوات المسلحة والأمن المرسلين إلى الجنوب، ولا زيادة عدد سكان الجنوب بمليون نسمة عبر تشجيع الهجرة الداخلية وفق تعداد سنة 2004، كل ذلك لم يغير بشكل أساسي التركيبة السكانية للجنوب، ولم يقتطع الجزء الأكبر من مساحته الجغرافية.

فالجنوبيون هم أقلية عددية 19% مقابل 81% في الشمال من إجمالي سكان الجمهورية، بينما الجنوبيون لا يزالون حتى الآن يمثلون الأغلبية السكانية في موطنهم في الجنوب، السؤال ما العمل؟ وماهي السياسة الواجب التخطيط لها لجعل الجنوبيين الأغلبية في موطنهم يصبحون أقلية سكانية والنازحين إليها من المحافظات الأخرى يصبحون الأكثرية في الجنوب؟، وبذلك يتم تغيير عنصريين من العناصر الثلاثة لمكونات الدولة: عنصرا السكان والإقليم (المساحة) تسكنها أكثرية غير جنوبية على امتداد أراضيهم وهم وإياهم يحملون نفس الجنسية، وبالتالي لا يعتبرون -قانوناً- أجانب مثل حال سكان بعض إمارات الخليج، حيث مواطنيها هم أقلية سكانية مقارنة بالأغلبية الوافدة المقيمة في أراضيها من الأجانب. والعنصر الثالث (الحكومة) تراجع التمثيل الجنوبي فيها إلى الحد الأدنى الذي سيُلغى بدوره بفعل التحول إلى النظام الرئاسي وفق مبادرة التعديلات الدستورية لمشروع رئيس الجمهورية. ماهي «العصا السحرية» التي ستجعل من تلك السياسة تتحقق على أرض الواقع؟! وهل بإمكان النخبة الحاكمة بقدراتها المتواضعة وبإمكانياتها المحدودة أن تخطط استراتيجياً لمشروع كبير كهذا وماهي نتائجه المحتملة؟ هل نفس المعالجات اتبعت في تجارب دولية أخرى؟ وهل نجحت أم فشلت؟ بعد تناولنا في الحلقة السابقة في (أولاً): شعار تحقيق التوازن في التوزيع السكاني بين الشمال والجنوب، سنتناول بـ(ثانياً) في هذه الحلقة برنامج الرئيس الانتخابي في انتخابات الرئاسة الأخيرة نجيب بعدها باختصار عن التساؤلات التي طرحناها قبل قليل.

ثانياً:البرنامج الانتخابي للرئيس هل هو حل لمشكلة بطالة الشباب أم أيضاً لتحقيق أهداف أخرى؟

حين تسكن أفراد النخبة فكرة مركزية كالفرع يتبع الأصل، من الصعب التخلص منها خاصة حين تصل الفكرة إلى مرحلة القداسة الدينية، وتصبح المشكلة لديهم في كيفية ترجمتها إلى أرض الواقع واختيار الزمان والمكان عند تنفيذها وتغليف الفكرة في الرغبة بتحقيق أهداف نبيلة لا يختلف عليها اثنان لأهميتها، وضرورة إيجاد حل لها، ومن يعثر على الحل فهو يكون بذلك قد حقق إنجازاً كبيراً ويدخل التاريخ قبل «لودفيج ايرهارد» أبو المعجزة الاقتصادية الألمانية، و«دنغ شياو بنيغ» الزعيم الصيني الراحل، ناهيك عن شارل دحول وونتسون تشرشل.. إلخ قائمة الزعامات التاريخية في العالم. فحل مشكلة بطالة الشباب ومساعدة ذوي الدخل المحدود عبر توزيع وحدات سكنية، ووحدات زراعية لهم، كما ورد في البرنامج الانتخابي للرئيس في انتخابات الرئاسة في سبتمبر 2006م، لماذا لم تدرج في برنامجه الانتخابي للرئاسة في عام 1999م و نسبة البطالة بينهم أعلى مما هي عليه معدل البطالة من إجمالي قوة العمل التي انخفضت إلى 18 في المئة والنمو السكاني من 3.7% في تعداد 1994م و 3.02% في تعداد 2004؟ إذا سلم المرء بصحة هذه الأرقام الرسمية ووسنرى لاحقاً أن الأرقام الأخرى تبدو مفرغة وكارثية! لماذا نحو المليار ريال المخصصة سنوياً للاعتمادات المركزية لا تذهب إلى مشاريع استثمارية تحد من حجم البطالة؟ لماذا أشعلت حرب صيف 1994؟ التي وفق البيانات الرسمية كلفت اليمن إحدى عشرة مليار دولار ناهيك عن الآلاف من ضحايا الحرب (الوحدة المعمدة بالدم) أليس حرب 94 أحد أهدافها ترسيخ مبدأ تبعية الفرع للأصل لرفض الطرف الجنوبي لها بإيمانه بمبدأ المساواة وليست التبعية. لذلك هذه الإشارة المختصرة توحي بأن حل مشكلة البطالة بتوزيع الوحدات السكنية والوحدات الزراعية قد لا تكون هي الهدف الأساس وإنما هدفها الأول عملية التوطين في المحافظات الجنوبية عبر تغيير التركيبة السكانية في الجنوب، واحتلال مساحات واسعة فيه للحيلولة دون عودة الجنوب إلى دولته السابقة في حالة أراد ذلك، وبهذا يريد القول إنه مثلما دخل التاريخ مع السيد علي سالم البيض بتحقيق الوحدة اليمنية وكلاهما وافق دون استفتاء شعبي، لا يريد أن يقال إنه في عهده لم يستطع الوطن الأم الحفاظ على الفرع وفق مفهوم النخبة للوحدة، من هنا مشروع حل مشكلة بطالة الشباب هو في المرتبة الثانية، بينما تأكيد تبعية الجنوب والحيلولة دون عودته كدولة هو الأساس. ففكرة محاربة بطالة الشباب والفقر وردت في الأساس في البرنامج الانتخابي للرئيس المصري حسني مبارك في انتخابات الرئاسة في سبتمبر 2005م، مع إجراء تعديلات دستورية بتوسيع اختصاصات مجلس الشورى المصري وقاعدة المشاركة للمرأة. وهذا ورد أيضاً في البرنامج الانتخابي للرئيس اليمني في سبتمبر 2006م. أضاف إليه بعد نجاحه في الانتخابات الرئاسية في النصف الثاني من عام 2007 تغيير النظام السياسي إلى نظام رئاسي الذي لم يرد في برنامجه الانتخابي للتعديلات الدستورية.

في حين برنامج مبارك في الانتخابات الرئاسية عمل على تقديم وحدات سكنية (لم يضف إليها وحدات زراعية) للشباب وذوي الدخل المحدود من خلال التسكين الجغرافي بإنشاء وحدات وفرص عمل في نطاق محافظاتهم من خلال برامج استثمارية مثلا في محافظات الصعيد بتوفير مليون ونصف مليون فرصة عمل جديدة خلال 6 سنوات فيها، وكذا أيضاً في محافظة السويس.. إلخ (الأهرام 19/9/2006م) وعلى المستوى اليمني فإن المهندس فيصل بن شملان مرشح الرئاسة للقاء المشترك اعتمد في برنامجه سياسة مالية تمويلية لمشاريع إنتاجية حرفية للشباب وتخصيص80% من قروض صندوق تشجيع النشاط الزراعي والسمكي للمزارعين والصيادين الفقراء، فلو أن برنامج الرئيس صالح اقتدى ببرنامج الرئيس مبارك بإنشاء وحدات سكنية للشباب وذوي الدخل المحدود في نطاق المحافظات التي ينتمون إليها لتبين أن مشروعه لا يهدف من ورائه غير حل لمشكلة البطالة والدخل المحدود للشباب، بينما الحقيقة غير ذلك كما سيتم توضيحه الآن من خلال التخطيط والإعداد لهذه السياسة وآليتها بشكل مبكر.

1- السياسات

الانفجار السكاني كان دائماً يمثل التحدي الكبير الذي يواجه السلطة السياسية في الشمال قبل الوحدة, لارتفاع معدلات النمو السكاني مقارنة بالنمو الاقتصادي في البلاد من جهة، ومن جهة أخرى مثلت محدودية المساحة والثروات تحدياً آخر في توطين وتلبية احتياجات النمو السكاني المتسارع ، ولذلك اعتُبرت الوحدة مع الجنوب بالنسبة للنخبة الحاكمة في الشمال مخرجاً في مواجهة تلك التحديات قبل حرب 1994م انحصرت الاستفادة من الثروة النفطية في معالجة تلك التحديات انتقلت بعد الحرب وإقصاء الحزب الاشتراكي من السلطة كممثل للجنوب إلى استغلال أوسع وصل إلى حد الاستنزاف لثروة الجنوب النفطية، ليس فقط لمواجهة تحديات النمو السكاني في الشمال، بل إلى تسخير عائدات النفط بشكل رئيسي بتخصيصها لتنمية بعض محافظات الشمال، خاصةً أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء في حين محافظات إنتاج النفط (حضرموت وشبوة) لم تحظ من موارد النفط إلا بالفتات، ومثلها محافظة مأرب (النفطية)، والحديدة وتعز وإب المهملة تقليدياً، برغم ذلك، وشر البلية ما يضحك، حين يسمع المرء تصريحات قيادات السلطة وصحفها الرسمية يرددون أن الجنوب بفضل الوحدة تحققت له مشاريع كبيرة كانوا محرومين منها قبل الوحدة وينسون أن المشاريع القليلة التي أنجزت في الجنوب هي بفضل عائدات ثروتهم النفطية وينسون ذكر المستفيد الأكبر من الوحدة الذي لا يذكرونه إطلاقاًً، وهي المحافظات الشمالية. وكل من كان مقيماً ويعرف أمانة العاصمة صنعاء قبل الوحدة وقبل حرب 1994 يقيس الاختلاف الشاسع للنمو السريع الذي شهدته أمانة العاصمة خاصة في بناء الجسور والأنفاق التي لم تكن تعرفها العاصمة قبل حرب 1994م، والتي إضافة إلى ما تم بناؤه يخطط لها للسنوات الثلاث القادمة تنفيذ حوالي 15 مشروعاً كبيراً بمعدل 5 مشاريع كل عام من الأنفاق والجسور الكبيرة، بتكلفة 23.5 مليار ريال، والتي تفقدها مؤخراً ولسخرية القدر نائب رئيس الجمهورية، ووزير الدولة أمين العاصمة (محافظ عدن السابق) د. يحيى الشعيبي («الثورة» بتاريخ 4/12/2007م)، في حين لم تشهد عدن (العاصمة الاقتصادية وعاصمة دولة الجنوب سابقاً)، ولا حضرموت موطن النفط الأساسي مشاريع مماثلة من جسور وأنفاق؟). والآن مع البدء في التخطيط والتنفيذ لبرنامج الرئيس الانتخابي، يتبعه توسع في احتلال مساحات شاسعة من أراضي الجنوب وتوطينها من خارج أبناء محافظات الجنوب، وهنا تظهر مشكلتان؛ أن النمو السكاني المتسارع موطنه الشمال، والتسكين لهذا الفائض السكاني سيكون في الجنوب، من جهة أخرى هناك أرقام متناقضة بشكل كبير حول أرقام الكثافة السكانية، نتناول بعد ذلك اتجاهات سياسة التوطين تحت غطاء محاربة البطالة لدى الشباب.

(أ) الأرقام والتناقضات بينها حسب المصادر

هناك محددات أعداد سكان الحضر والريف ونسبة الأمية في تحديد مناطق النمو السكاني المستديمة، على افتراض أن الأرقام المنشورة في تعداد السكان الأخير لسنة 2004 صحيحة، ودقيقة.

فعند مقارنتنا عدد السكان الحضريين وسكان الأرياف بين المحافظات الجنوبية والشمالية لفترتي تعداد 1994- 2004م سيتبين لنا الآتي :

1994:الجنوب: الحضر 29%،الريف 71%، 2004:الحضر37% ،الريف 63%.

1994: الشمال: الحضر 22% ،الريف 78%، 2004: الحضر27% ،الريف 73%.

تظهر هذه الأرقام أن نسبة عدد السكان الحضريين في الجنوب أعلى من وضعهم في الشمال بفارق 7% لصالح الجنوب ?\? تعداد 1994م، ليرتفع هذا الفارق إلى 10% في تعداد 2004، والاختلاف في إجمالي عدد سكان الأرياف بين الجنوب والشمال يبلغ أيضاً نسبة 7% في تعداد 1994م، و10% في تعداد 2004م ،وتشير نتائج تعداد السكان لعام 2004 أن معدلات الإنجاب العام بلغت (173.4) مولود لكل ألف من النساء في عمر (15- 49سنة) وفقاً لتعداد 2004 على مستوى إجمالي الجمهورية، أما في الريف فهو أعلى بكثير منه في الحضر حيث بلغ في الحضر (141.0) مولود، بينما في الريف(189.3) مولود لكل ألف من النساء.وفيما يخص اتجاهات نسبة الأمية في المحافظات في عام 2004، سجلت محافظة حضرموت وأمانة العاصمة، ثم محافظة عدن أقل نسبة الأمية بين السكان (يقصد به إجمالي السكان) لإجمالي الذكور والإناث (31.6%)،(21,9%)،(20,3)% على التوالي، وعلى مستوى الذكور سجلت كل من محافظة حضرموت، أمانة العاصمة، وعدن أقل نسبة للأمية بين الذكور (17,8)%، (13.4%)،(13,2%) على التوالي.

التناقض والتفاوت الكبير في الأرقام لسكان اليمن

نكتفي بسرد رقمين الاختلاف بينهما مفزع للغاية ويضع علامات استفهام كبرى، خاصة أنه من مصدر واحد، وهو صندوق الأمم المتحدة للسكان حول تقديراته لسكان اليمن بحلول عام2050م، قدر في عام 2003م عدد السكان بـ 102 مليون نسمة، وتقرير لاحق نشر مؤخراً قدر عدد سكان اليمن بـ 60 مليون نسمة، بالنسبة للرقم 102 مليون نسمة ذكر هذا الرقم في الاحصائيات التي عرضت في التقرير خلال اجتماع الدورة الرابعة لنواب الدول العربية المسؤولين عن السكان والتنمية الذي عقد في الرباط، المغرب في ديسمبر 2003 أشار أن مجموع سكان الدول العربية الـ22 يتوقع أن يبلغ في سنة (2025) 470 مليون نسمة ولسنة (2050) 654 مليون نسمة تكون مصر ?\? المرتبة الأولى بحلول سنة(2050) بحوالي 113مليون نسمة تليها اليمن في المرتبة الثانية بحوالي 102 مليون نسمة، (المصدر: صندوق الأمم المتحدة للسكان ونشر هذا الخبر في صحيفة «الحياة» اللندنية بتاريخ 7/12/2003م ، وكذلك في صحيفة «الثورة» اليمنية بتاريخ 17/12/2003، العدد 14280)، في حين نشر الملحق الخاص لصحيفة «الثورة» (الثقافة السكانية) بمناسبة انعقاد المؤتمر الوطني الرابع للسياسة السكانية بتاريخ 10/12/2007م، أن تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان الصادر في اليمن لعام (2050) سيكون نحو 60 مليون نسمة بفارق تقديري نحو 59% بين عام 2003 وما صدر ونشر مؤخراً، وهذا يتطلب الاستيضاح لخطورة الفارق بين الرقمين وانعكاسات ذلك على مستقبل اليمن بصفة عامة والجنوب بصفة خاصة.

(ب) البرنامج الرئاسي الانتخابي

المعطيات الإحصائية: عدد سكان اليمن الحالي لعام 2007م= 22.3 مليون نسمة

الزيادة السكانية 670 ألف سنويا

نسبة الشباب دون 25 سنة يمثلون 75% من السكان= 16.7 مليون نسمة

برنامج الرئيس الانتخابي لمحاربة البطالة والفقر وتوفير فرص عمل للشباب تضمن: «إنشاء وحدات سكنية لمحدودي الدخل، وتوزيع أراض سكنية (وليس وحدات سكينة كما تردد بعد ذلك) وزراعية للشباب ومحدودي الدخل في إطار مشاريع العمل».

في البرنامج العام لحكومة د. علي محمد مجور (أبريل 2007م):

في إطار مكافحة الفقر والبطالة وتوفير فرص عمل للشباب نص البرنامج على إنشاء عدد من الوحدات السكنية لذوي الدخل المحدود والمعدمين، ولم يتطرق إلى توزيع أراض سكنية، لكنه في أول حديث صحفي له مع «26سبتمبر» بتاريخ 19/4/2007 بإلحاح الصحفي له أكد د. مجور أن برنامج الحكومة أكد على بناء وحدات سكنية للشباب «وقد يصل الأمر (لاحظوا العبارة) إلى توزيع أراض سكنية وخلق فرص عمل لهؤلاء الشباب».

وفي القطاع الزراعي: تضمن البرنامج استصلاح أراض زراعية جديدة في المناطق التي يوجد بها مياه كافية وتوزيع 500 فدان من الأراضي المستصلحة في مناطق وادي حضرموت «تطوير الموراد البشرية بالتركيز على القضية السكانية التي يوليها البرنامج أهمية مطلقة في برامج عمل وسياسات الحكومة وإدماج قضايا السكان والنشء والشباب في خطط وبرامج التنمية.. وستعمل الحكومة الحد من الهجرة الجماعية إلى المدن وتوجيه الحراك السكاني نحو المناطق الساحلية».

وقد خصص برنامج الحكومة سطرين فقط لمشروع قيل إنه هام جداً في تطوير المنطقة الحرة بعدن «بالاستمرار في تحويلها إلى محطة دولية للشحن البحري والجوي في المنطقة ومركز لجذب الاستثمار المحلية والأجنبية»؟؟

كلام عام لا معنى له مجرد إبراء ذمة، في حين أكد البرنامج على «المضي في الخصخصة وفقاً للقانون وما تتحقق أهداف الإصلاح المالي والإداري» ثم تطرق البرنامج إلى معالجة مشكلة التخضم الوظيفي وتكديس الموظفين في مراكز المدن من خلال «إعادة توزيع القوى العاملة وتنظيم حركة التنقلات وتحفيز المواطنين على الانتقال للعمل في الأرياف ومعالجة حالات الموظفين الفائضين من الوحدات الاقتصادية المتعثرة».

وقد وضح رئيس الوزراء (الجديد) في حديثه المشار إليه مع «26سبتمبر» أن الفضل في صياغة برنامج الحكومة يعود إلى نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير التخطيط والتعاون الدولي الذي ترأس لجنة الصياغة وفق قرار الاجتماع الأول للحكومة برئاسة الرئيس صالح في 7 أبريل 2007م، وسنرى لاحقاً أهمية الدور الذي تقوم به هذه الشخصية في تنفيذ برنامج الرئيس الانتخابي في عملية التوطين هو وعدد آخر من المسؤولين في الحكومة، وكلهم من خارج المحافظات الجنوبية ولهذا الخيار أبعاده ومغزاه كما سنرى في الجزء المتبقي من هذه الحلقة في بداية الأسبوع المقبل إن شاء الله، ولكن نختتم هنا بتعليق سريع على النقاط التي وردت وأشرنا إليها في برنامج الحكومة قبل قليل: أن تأكيد البرنامج على ما سماه «توجيه الحراك السكاني نحو المناطق الساحلية» أمر خطير يوضح أين سيوجه غالبية الحراك السكاني، أي بملايين الشباب. فالمناطق الساحلية الغربية لليمن تمتد لمساحة (450) كجم، بينما يمتد ساحل اليمن جنوباً مسافة (1100) كجم إلى رأس (ضربة علي) عدا سواحل جزر اليمن وأكبرها جزيرة سقطرى وفق كتاب الزميل المستشار حسين الحبيشي (اليمن والبحر الأحمر)، ورئيس الجمهورية من جانبه لم يخفِ في خطاب عام له في عدن في 25 نوفمبر الماضي حين قال: «لدينا أراضي ما شاء الله من عدن إلى باب المندب، ممكن نسكن فيها 20 مليون مواطن، فلماذا التزاحم على الجبال ولماذا التقاتل على الأراضي»؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى