أزمات.. لا فقاعات

> برهان أحمد إبراهيم:

> الأنظمة المتعالية المنفصلة عن مجتمعاتها، لا تأبى المضي في المكابرة، غير مبالية بما تعيشه شعوبها من مشاكل وأزمات وخطورة أوضاع، وهي بسلوكها المتعالي على الطبيعة الإنسانية والمنعزل عن حقائق الواقع إنما هي تفاقم المشاكل وتصعد من حدتها وخطورتها، لتصل بمجتمعاتها إلى وضع كارثي، يستهلك طاقتها، ويضعها في دائرة المجهول.

وإصرار السلطات على عدم الاعتراف بما يحدث في الواقع، واستخفافها الغريب بخطورة الأوضاع ووصفها بأنها «.. فقاعات لا تستطيع التعامل معها بجدية..» ما هو إلا دليل على مكابرتها، وشاهد على سوء تقييمها للأوضاع، وخطأ تقديرها لنتائجها بفعل انعزالها وعدم قراءتها للواقع، كما يعد مؤشرا على بدء انتقال الوطن من طور الأزمات إلى طور أكثر خطورة، لا مجال فيه للسيطرة على مجرياته أو التنبؤ بمعطياته.

ولكي يخرج الوطن من حالته تلك القابلة لكل الاحتمالات الخطرة، ولكي تبدأ السلطة بتحمل مسئولياتها لوقف مسلسل التصدعات، يجب على السلطة أولا الاعتراف بحقيقة الأزمة، والإقرار بأن ما يحدث خطر وقابل للتصعيد وليس (فقاعات) كما تدعي، عليها قراءة الواقع بوعي، لترى الحقيقة بكل تفاصيلها وأبعادها، حقيقة وضعها ووضع الوطن، بعدما تنازلت عن كل سلطاتها لفئة متنفذة أنهكت البلاد وسحقت العباد، فإذا بها سلطة فاقدة ثقة المواطن، ليقينه أنها ضد طموحاته ومصدر شقائه، عليها أن ترى حقيقة سوء علاقتها بشعبها، وتبحث عن أسباب نأي المجتمع عن مؤسساتها، وتحاشي المواطن اللجوء إلى أجهزتها، وتصريف شؤونه دون تدخلها، عليها أن ترى حقيقة انعدام مصداقيتها، واستقلال القبائل عن إدارتها بإقامة مجتمعهم المنفصل عنها واحتكامهم للعرف عوضا عن قوانينها، وإن هم تعاملوا مع جهاز من أجهزتها لجأوا ساعتها إلى السلاح.

عليها أن ترى حقيقة عجزها الكامل عن اقتلاع الفساد، وتطهير هيكلها من أسبابه ومظاهره، حتى أصبح الفساد حقيقة ماثلة في أجهزتها ومكاتبها ومؤسساتها وهيئاتها ومجالسها.

عليها أن ترى الواقع بوعي ومسئولية، علها تصل إلى أن ما يحدث كارثة، وليس (فقاعات)، لتبادر عندئذ إلى الاعتراف بحقيقة الخطر والاحتكام إلى العقل، وإقناع الجميع أنهم شركاء في هذا الوطن، وأن وجودهم وفكرهم ورأيهم موضع احترام لا موضع اتهام، وتبدأ الحوار معهم في ظل ظروف متكافئة للوصول إلى جذور المشاكل والبحث عن حلول لها، بدلا من مراهنتها على عصا الأمن.. إنقاذا لهذا الوطن وقبل الدخول في المجهول.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى