كــركــر جــمــل

> عبده حسين أحمد:

> أمس ودعنا عاماً ..واليوم نستقبل عاماً جديداً .. وفي رأيي أن اليوم ليس أفضل من الأمس.. والحاضر ليس أحسن من الماضي .. وفي العام الجديد أتمنى أن تكون صحافتنا حرة أكثر لكي نحرر أنفسنا من الظلم والجهل والمرض والفساد .. فالصحافة الحرة هي التي تستطيع أن تحمي النظام والقانون .. وأن تدافع عن الفقراء والضعفاء والمظلومين .

> وأتمنى أن ينتهي هذا العذاب والشقاء والبلاء .. وأن نجد أحداً يستطيع أن ينقذنا ويخرجنا مما نحن فيه .. حتى لا نكتشف أن وجودنا لا معنى له .. وأن يشعر كل إنسان أنه من الممكن أن يعيش حراً .. وأن يكون قادراً على أن ينتقل من مكان إلى مكان في أمن وأمان .. وأتمنى أن تزول عن كثير من الناس الرغبة في الموت.. فقد كرهوا الحياة وذاقوا البؤس والشقاء.. وأصبحوا لا يهمهم أن يعيشوا.. ولا حياتهم تهم أحداً من الناس.. ولذلك هم يتعجلون الموت وينتظرونه .. ويدعون الله الستر وحسن الخاتمة .. أصعب ما يطالب به الإنسان نفسه وغيره أيضاً .

> وأتمنى ألا يوجد دليل واحد على أن ليس في العالم كله بلاد مثل بلادنا.. لا نعرف فيه أحداً يقول لنا أننا سوف نخرب الأرض ومن عليها.. وأن الذي نفعله ليس إلا نوعاً من الانحراف عن طريق الخير والسعادة والحق والعدل والجمال .. وأتمنى ألا يستدرجنا الأصدقاء ويوقعونا في مشاكل كثيرة .. فأكثر مصائبنا سوف تجيء من الأصدقاء ..وبعد ذلك سوف نظل نصدر ونبرر مصائبنا التي جاءت من الأصدقاء .. ثم نكابر ونقول إن هذا ليس إفلاساً .. وإنما قواعد جديدة في السياسة والعقل والمنطق .

> وأتمنى ألا نعيش في عزلة تامة عما حولنا .. وأن نتحاور مع الآخرين في الداخل وأي مكان في العالم .. نجلس إليهم ونسمعهم ونراهم ونشاركهم في مشاكلهم وهمومهم وحقوقهم ومطالبهم.. إننا نفضل أن نتصل بغيرنا وننقل إليهم آراءنا ووجهات نظرنا ..على أن ننتظر حتى يأتوا ليستمعوا إلينا في مكاتبنا.. وليس المهم أن نتفق معهم أو لا نتفق.. ولكن المهم أن نسمعهم وأن يسمعونا.. الذي يريدونه والذي نريده .. فقد علمتنا التجارب أن الذين تشنّجوا ورفضوا.. هم الذين ضيعونا وضاعوا .

> وأتمنى أن تنتهي جرائم القتل والسرقة والرشوة والفساد .. يكفي أن ناقوس الخطر ظل يرن كثيراً دون أن يسمعه أحد .. ثم تلاشى الرنين وبقي الخطر .. وأتمنى أن تنجح الدولة في ترشيد النفقات .. وأن تكون الإيرادات والمصروفات في نطاق الميزانية العامة فقط .. وأن تستغل موارد بلادنا في التنمية الصناعية والزراعية والصحة والتعليم .. من أجل إطعام الفقير وتأمين الخائف وتعليم الجاهل وعلاج المريض .. هذه هي بعض ضرورات الحياة ..أو هي الحياة نفسها.

> وأتمنى أن نهتم بالذين عادوا.. وإن كان يجب أن نعرف لماذا خرجوا.. ثم لماذا عادوا؟.. وأن يكون لنا نوع من المرونة والكياسة والسياسة الهادئة في التفاهم مع الذين يهمهم ويهمنا أمرهم ..فبلادنا تمر بمراحل قاسية علينا وعليهم .. كلام مفهوم وواضح جداً .

> هذه بعض أمنياتي في العام الجديد.. وهي ليست على بلادي بكثير .. وكل عام ونحن بخير !!>>

«الأيام» في 1 يناير 1992م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى