عندما يوحد الموت المواقف

> محمد سعيد سالم:

> الأحداث في بلادنا تتوالى لكن (الأخبار السعيدة) تتوارى في خوف، وتدفن رأسها وسط رمال (الأخبار الحزينة) التي تغلبها بقوة مددها وسطوتها!

نترك ميزان المعادلة بين الأحداث ونتوقف- اليوم- أمام رحيل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب، بكل مايمثله ذلك من مفردات وعناوين على سطور وصفحات الأحداث في اليمن.

الراحل عبدالله الأحمر لم يكن شيخا من الوزن الثقيل جدا فحسب، يوحِّد توجهات عشرات المشائخ في قبيلة حاشد الكبرى، بل كان-رحمه الله- رجلا صنع حركة الكثير من الأحداث في بلادنا بحلوها ومرها، مثل كل القادة والسياسيين، الأحياء والأموات، وكان رقما صعبا رسم موازين قوى على واقع التحولات الوطنية المختلفة!

لذلك لم يكن غريبا أن تتوالى برقيات التعازي من القادة الوطنيين الكبار- علي ناصر محمد، علي سالم البيض، حيدر العطاس، وغيرهم- من صانعي الأحداث الوطنية في بلادنا، تعبر عن حزنهم بفقد (قامة وطنية كبيرة) بحجم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، ولم يكن غريبا أن تتنازل وسائل الإعلام الرسمية عن (خصومتها) مع تلك الشخصيات لتندمج مع (طغيان الحزن) وقهر الموت!

إن التاريخ اليمني بكل تفاصيله وتقلباته وتعقيداته لن يجد موقفا موحدا في النظرة إلى حدث ما، ولاتقييما جامعا من كل الأطراف على بناء مسيرة مستقبل الوطن، أو الموقف من إدارة الدولة وسبل تطوير النظام السياسي، لكن الموقف الذي (يوحد الرؤية والشعور) هو الموت! وقد أثبت ذلك رحيل الشيخ الكبير الأحمر إلى جوار ربه!

إني ومثلي الملايين ممن (يدبِّون) على ثرى هذه الأرض نريد أن نرى (الحكام والقادة) على مثل هذه الرؤية والشعور، وهم (أحياء) يقررون مصير الأمة.

إن كل الناس من غير الحكام والقادة بلا ظهر يسندهم، لذلك هم يتمنون أن تبقى- كما قال الشاعر- صدورهم معهم لتكون لهم ظهرا!

إذا أدرك السياسيون وخاصة القادة في الحكم والقادة في الأحزاب أن قانون الرحيل إلى الله يشملهم دون رضى منهم، لظلوا يفتدون بكل ما يملكون حتى يرضى الناس عنهم ليرضي الله عنهم! مع الاعتراف بوجود مصلحين.

رحيل الشيخ الأحمر سيترك فراغا سياسيا وإنسانيا واجتماعيا، لأنه حمل في حياته خصائص جعلت له (جنسية خاصة في السياسة) ومنحته (لغة) تتحدث العربية بـ(اللغة اليمنية).

كنا وسنبقى على يقين أنه الوحيد في اليمن الذي احتفظ بقدرته الاستثنائية على (الحكم والصراخ والمعارضة) وقد لايستطيع أحد أن يفعل ذلك من بعده.

ربما يكون الراحل الكبير قد أفرح كثيرين وأحزن كثيرين في حياته، وهذا دأب كل من يعملون على قاعدة أن (السياسة هي فن الممكن) ولكن الرجل بموته جمعنا على الحزن!

السؤال إلى الحكام والقادة الذين مايزالون في (غفلة) عن يوم الرحيل: (على ماذا تستطيعون أن تجمعونا؟!.. بالحياة وليس بالموت).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى