حرام من اللجع إلى اللجع

> سعيد عولقي:

> ما عاد ينفعش كما يبان لي القول المأثور أيام زي دي اللي نعيشها (إنما أصل الفتى ما قد حصل) ففي أيام زي دي اللي نعيشها يبان إنه الزمن عكس المسألة إلى أن خلاها (لا تقل لي يا فتى ما قد حصل وتدوخ بي في تفاصيل ومتاهات مالهاش داعي ولا تكلمنا عن العدل والمساواة وحقوق الانسان رجالا ونسوانا لأن العدالة والشرائح والقوانين كلها تشبعنا كلاما كثيرا في هذا الشأن).. لكن الحقيقة الماثلة أمامنا تبقى هي ذيك هي، وهي إنك لازم تخلي ما قد حصل عل جنب، فهو في الأخير لابد ما يخضع لقانون الأمر الواقع الذي هو (يا فتى اقطع معي الكلام وقل لي ماهو أصلك وفصلك أنا افدا أبوك، ولا تتوهنا وتتوه معي في تفاصيل ما قد حصل، لأن كل شيء عندنا محكوم بما يحدد موقعك من الإعراب في المسألة ومكانتك في الحياة من حيث الأصل والفصل والنسب والكسب وهكذا..).

أنا والله شوف يا ابن الناس حبيتك، كما تقول أغنية المرشدي، وألا ماكنت با أصارحك بهذا الكلام، لأنه هذي القضية قديمة قدم التاريخ، وموجودة في كل مكان مش إلا عندنا.. قل لي أنت من في البلد أقول لك من أنت في كل مكان مش إلا عندنا.. قل لي أنت ابن من في البلد أقول لك من أنت في القضية، أو أيضا قل لي كم في جيبك أقول لك من أنت، وليش تروح بعيد وتتشكي هنا وهناك، وفي الأخير تجي تلاقي إنه إذا كانت قضيتك مرتبطة بالتعليم العالي وحريق قسم أو إدارة البعثات اللي اشتعل هناك لا كان بفعل ماس كهربائي ولا سكينة بطاطس ولا عقب سيجارة، وإنما عملية مقصودة وبفعل فاعل، لأنه حتى الأهبل اللي لا معه تعليم عالي ولا واطي ولا عيال لهم بعثات تعليمية خارج الوطن الحبيب أو داخله بايعرف من كشوفات المتقدمين المقبولين- كل عام وكل دهر وكل حين ومين- أن الذي يتصدر هذه القوائم هم أسماء أبناء المسئولين المبجلين المحترمين المحمولين المشمولين، وهم نفسهم أولئك الذين يأكلون خيرات البلد من اللجع إلى اللجع، ويكنزون المليارات، وفوق ذا وذاك يهطشون المنح المقررة على حساب الدولة من أفواه أبناء الناس المساكين أصحاب أصل الفتى الذي ما قد حصل، تعالوا يا ناس! ما له على الأقل اتقوا الله قليلا.. خافوا من ربكم يوم الحساب العظيم، وخافوا على أولادكم هذه الأيام اللي ما فيها حساب ولاعقاب ولا ماس كهربائي ولا عقب سيجارة ولا جدتي، الله شايزيلكم بحق هذا اليوم المفترج..! ما تشتوش حتى تخلوا قليل من مخصصات هذه الأم الجيعانة الكحيانة منشان الناس التعابى يقدروا يعلموا عيالهم المبرزين في الخارج اللى قده التعليم فيه معونات ودعومات من دول أجنبية؟ حتى هذه الفتفوتة الصغيرة تشتوا تخطفوها من فم أبناء المساكين وأبناء السبيل من مواطني هذه الأمة التي صار حالها يصعب على الكافر.. وهذا اللي نعتقد أو نظن أو أنه كذلك فعلا كافر هو الذي يتفضل علينا بالمنح الدراسية في شتى حياتنا البائسة بنت البائسة والكلبة بنت الكلب.. هذا مع العلم أن هذونا المسائيل اللي مش مربايين ويشتوا يربوا أولادهم في الخارج تسعين في المئة منهم طناجيح وبلداء والعياذ بالله، ولا يصلحوا لشي ولا يحتاجوا لشي، لأنهم بفضل السياسة التسامحية مع الفساد والمفسادة عايشين على صحة الوالد أو العم أو الخال أو الجد أو جد الجد وجدة الجدة، ومن قال حقي وهو ليس حقه فقد ظلم ووجب عقابه، وسلموا لي على خلي كثير، سلموا سلام مش بيس.

هذا العفن كله في التعليم العالي (قسم المنح والبعثات) لايمكن وحتما وجزما ولطما ودكما أنه السبب فيه مجرد ماس كهربائي أو عقب سجائر.. إلا والله إذا قلتوا لنا أنه عقب سيجار من اللي نسميه نحنا (شروت) وتشتهر به كوبا، وتكلف الحبة الواحدة منه قيمة مصروف معاش تقاعدي زي حق حسن فرور اللي شرب مرة حبة شروت وجلس يسعل مسكين لما كان بايموت علينا.. رجع بعدين فكر- زيه زي صاحب الماس الكهربائي المزعوم- وفتفت الحبة الشروت وحولها إلى تمباك نثره على الجمر فوق البوري اللي برأس المداعة ووقعت لك ليلة عادني عادني بالي فيها من الزين ساعة يا قمري البان.

دلحين المسألة وما فيها ما عاد حد يقدر يغطي على مكشوف، واللي ما كانش مكشوف- مع أنه مكشوف من زمان بس ماحد يتابع- انكشف وبان.. واللي مش مصدق يروح أو يخلي واحد يقدر يروح ويدخل إدارة البعثات هذه، ويطلب قوائم المبعوثين للسفر للتعليم في الخارج على نفقة الدولة اليمنية العظمى.. شوفوا كم نسبة أسامي عيال المسائيل في القوايم، وشوفوا كم عيال الناس وشوفوا كم الناجحين من عيال الناس اللي يرجعوا ريوس.. وكما المطحلين من عيال المسئولين اللي يتقدموا من الجير الأول وفوق، ويرجعوا تيتي تيتي زيما رحتي جيتي، وعاده بعضهم يرجعوا أخس وأضرط. ومع ذلك يحتلون أرقى المناصب.. أسألوهم بالله هذولا المسئولين الذين يدرسون عيالهم برع من المال العام أحق به غيرهم.. اسألوهم مش حرام عليكم تربوا عيالكم من مال حرام؟ هل تقدروا تحلفوا يمين طاهر على الختمة إنكم تصرفون على عيالكم من مال حلال بلال سلال.. أو حتى سلالالك؟

لكن أعتقد أنكم تقدروا تصلحوا أي شيء.. تقدروا تحلفوا يمين ونص.. مش قد أقسمتم أمام رئيس الجمهورية بأن تمارسوا عملكم بنزاهة؟ آه .. يا نزاهة.. ترللي.. شلو شلو.. آه..

«الأيام» العدد (4954) في 29 نوفمبر 2006م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى