الراحل مبتسما

> محمد عبدالله الموس:

> لا شيء كنا نختلف عليه عدا شدة انتقاده في كتاباته لـ«الأيام» وهي انتقادات ناتجة عن تحيزة لعدن، فقد كان يقسو في بعض المفردات بصورة لا يمكن نشرها في صحيفة بحجم واتزان ومسؤولية «الأيام»، ولم تجدِ معه مقولة (أنك يمكن أن توصل أقوى المعاني بأرق وأرقى المفردات) كان يرى - أوهكذا ظننت- أن اللصوص وأولئك الذين يعيثون في الأرض فساداً يلتقون عند نقطة واحدة، هي أنهم لا يفهمون سوى اللغة التي تخلو من الرقة والرقي إلى ما هو أقوى حتى من الكلمات.

إنه الراحل - مبتسماً- الصديق والزميل عصام محمد خالد، الذي غادر دنيانا الفانية في العاصمة السورية دمشق في الأيام الأخيرة من العام المنصرم 2007م، ذلك الإنسان النبيل الذي لم يفقده أهله فقط ولكن فقدناه كلنا، في الحي في النادي في المنتديات في غير زاوية يجلس فيها أحدنا يناقش شأناً عاماً من شؤوننا المليئة بالعيوب والأخطاء و الاختلالات التي يستحيل حصرها.

تقاعد باكراً كغيره من أولئك الذين كانوا يديرون ويحركون منشآت عدن الاقتصادية التي جرى تبديدها باسم الخصخصة (سيئة الذكر)، ورمي عمالتها المؤهلة والماهرة إلى صناديق (العمالة)، والإقعاد قبل الأوان، وقد مكنته قدراته المتميزة من الحصول على عمل آخر لدى إحدى الجهات الخاصة ليرفع دخله بما تحتاج إليه متطلبات أسرته، فهو كغيره من أبناء عدن الطيبة لا يفقهون سوى البحث عن الكسب الحلال، حتى لو هددهم الجوع والفاقة فلم يكن (سِمِّيْخَا) أو (فهلوياً).

لم تفارقه الابتسامة أو روح الدعابة المعهودة فيه، حتى بعد أن عرف أنه مصاب بداء السرطان الذي ينتشر بصورة مقلقة في مجتمعنا، ولم تحرك معه جهات الاختصاص ساكناً لعمل البحوث اللازمة لمعرفة السبب، أو هل هناك علاقة بما يقدم للناس من سلع وأغذية وأدوية سواء ما يصنع محلياً أم ما يدخل البلاد مستورداً أو مهرباً، فلم يعد خافياً أن الاستهتار بحياة الناس وصل حد إدخال مسكنات (البندول) المعمولة من مادة (الجص)، وكل ما نراه ونسمعه من صروحنا العلمية وفي مقدمتها الجامعات هو التسابق على عقد الندوات الموظفة للتطبيل وللتهليل البعيد عن خدمة العلم والمجتمع.

لكل أجل كتاب فتلك مشيئة الخالق التي لا راد لها، لكننا نحمل أمانة الشكر باسم أهله وناديه (نادي الروضة) ومحبيه لكل من ساعده خلال مرضه في محافظة عدن ومكتب الصحة وإدارة الأمن وإدارة اليمنية في عدن، ونائب رئيس ونادي الشعلة ومع هؤلاء وبعدهم صحيفة «الأيام» التي كانت تسبقنا بذكرها العطر عند كل باب طرقناه خلال فترة مرضه وعلاجه.

رحم الله الزميل عصام محمد خالد وأسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى