> «الأيام» محمد مرشد عقابي:

جزء من وادي تبن والاراضي الزراعية
أعاصير الإهمال تقتلع جذور الأمل
منطقة غزاها الإهمال الذي يكاد يغطيها بالكامل تنسج من معاناتها خيوط الانتظار لمؤشرات الفرج المختفي خلف سحب كثيفة من الإجحاف، منطقة يغلفها غطاء النسيان وتنهل كل يوم من عيون المآسي قطرات الألم.
«الأيام» ومن تحت أنقاض المقاساة كان لها دور في إزالة الرؤى الضبابية المسلطة على المنطقة وبمعول الحبر أزاحت كل تلك الأكوام المتراكمة على المواطن من هموم وغموم الحياة وتضاريس مناخات مصاعبها المتنوعة، لتأخذها من أفواه الأهالي وتضعها في كلمات مرتبة في أسطر، فكانت البداية مع المواطن وشيخ المنطقة علي فضل فردين، حيث قال : «منطقتنا تفتقر لأبسط ما يجب توفيره من خدمات فلا يوجد لنا مشاريع ماء ولا طرقات ولا كهرباء ولا حتى حواجز وسدود لإبعاد أضرار السيول عن أراضينا، فنحن تائهيون لا ندري هل حلت بنا لعنة الزمن أم ماذا أصاب مديريتنا بالضبط! فالمسيمير منذ أزمنة تليدة ماضية إلى اليوم وهي تلازم المعاناة وتراوح مكانها بدون أن يعمل المسؤوليون عنها أي حل لتخليصها من دوائر التهميش الذي مرت عليه عقود وأزمنة عديدة، لذلك من الطبيعي أن يطلق على المسيمير الوجه الآخر لعملة المعاناة».

قطيع من الحمير لجلب الماء
وأضاف متعجباً:«هل يستطيع أحد بمن فيهم المسؤولون أن يسكنوا صحراء جرداء تغيب عنها المشاريع ولا تتوفر فيها التضاريس الملائمة لإبقاء الإنسان على قيد الحياة فالاعتقاد هنا جازم بأنه لا أحد يستطيع فعل ذلك ومنهم المسؤولون الذين لا يرضون حياة الشقاء لأطفالهم، لكن من المفارقات العجيبة التي تصيب أفكارنا بالشلل أنهم يتلذذون بمعاناتنا ويمتعون أبصارهم بالنظر لآهات وصرخات الألم لأطفالنا فكيف لنا أن نعيش وسط غابة مغلقة علينا لا يوجد فيها إلا الوحوش الكاسرة التي تنتهج شريعة الغاب».
وقال: «هذا ما يطبق علينا نحن أهالي المسيمير لا يوجد لنا أي معنى في هذا الوجود وأصبحنا فعلاً بالمنفى، ونحن على تربة الوطن والأدلة والبراهين الشاهدة كثيرة جداً أبرزها غياب مشاريع الماء والكهرباء التي من المعتاد والبديهي أن توفرها السلطات لأي مجتمع بشري على وجه الأرض، لكن نحن أبناء هذه المديرية التعيسة يبدو أن تلك الأسس الخدمية قد شرعت ضمن المحرمات علينا.
واختتم بالقول حديثه : إننا لانملك أي عصا سحرية لنشعل بها فتيل الرحمة وبواعث الشفقة في قلوب مسؤولينا وقادة سلطتنا المحلية وكل الجهات التي تقع على رقابها مهام انتشال وضعنا البائد سوى "الأيام" صوت الشعب لننقل من على صدر صفحاتها الرحبة والمتسعة لكافة أهات أبناء هذا الوطن ونناشد من خلالها كل الجهات الرسمية بالمديرية والمحافظة بأن يراعوا الله وينظروا إلى حالنا وحال أطفالنا بعد أن أصبحت حياتنا شبيهة بحياة الحيوانات ولايوجد لنا مشروع خدمي يشعرنا بالفرق.
اجترار الأحزان إلى متى سيظل ملازماً لنا
أما المواطن وعاقل المنطقة صالح محمد فقد انتابه شيء من الحزن على واقع الحال فبادر بالقول : لمن نشكي حالنا وبمن نستنجد إنقاذنا هل بأبطال المسؤولية الذين يتحركون في جهات تحرك البوصلة بحثا عن ما فتح ويسر الله أم نشكي لفطاحلة سلطتنا المحلية الذين يوزعون خطاباتهم المعسولة والملفوفة ببهارات المشاريع الوهمية».
وقال : «نحن تعبنا مناشدات للجهات المسؤولة فلا سامع ولا مجيب ووسط عوامل الفقر والمرض والجهل أطفالنا يتعذبون تحت وطأة جحيم الأمراض لا نقدر أن نصبر أكثر على هذه الأوضاع فقد وصل الحال بنا إلى أعلى درجات اليأس وضاقت علينا الدنيا فالأمراض تحاصرنا من كل حدب وصوب والأوبئة تنتشر في أوساطنا وأكثر مسبب لها هي مياه وادي تبن التي أصبحت مشكلة عويصة تؤرق كاهل جميع أهالي المسيمير فهذه المياه تشكل البؤر المناسبة لنمو الأطوار المختلفة للبعوض وكذا تكوينها للمستنقعات التي توفر البيئة الخصبة لتوالد وتكاثر مختلف الديدان والطفيليات التي تغزو أجسادنا وأجساد أطفالنا وتقوم بتلقيحنا يومياً بسمومها الفتاكة لتكثر متاعبنا بسببها ويضيق بنا الحال أكثر فالمواطن منا لا يستطيع أن يوفر في ظروف الحياة الحالية حتى قيمة قرص بنادول».

أجزاء من منطقة حبيل سويداء
وتساءل قائلاً : «إلى متى ستظل السلطة تمارس لعبة التملص والتنصل من الإيفاء بوعودها وإلى متى ستبقى هذه السلطة ترقص على سلالم الوعود الهشة المبنية على الكذب والخداع والإفتراء؟!». واستغرب بالقول:«أين تذهب ملايين الإيرادات وبلايين الاعتمادات للمديرية وأبنائها هل تأخذها الطيور الطائرة في عز الظهر أم تلتهمها الثعالب وسط غفلة من أهل الدار؟». واختتم حديثه بالقول : «لا أجد ثمة تعابير إلا أن أجمع ما بقي لي من مفردات حزن لأناشد بها عبر «الأيام» كل فاعلي الخير بأن ينظروا إلى وضعنا وينقدونا وأطفالنا من الهلاك المحتمل بأن يوفروا لنا أساسيات مقومات الحياة كالماء ولهم عنا خير الجزاء».
الحمار صاحب الأدوار المتعددة والمهام المتنوعة في عصر التكنولوجيا
الحمار في منطقة حبيل سويداء أصبح لا غنى عنه، حيث يلعب دوراً محورياً من خلال تحمله للعديد من المهام العملية والمشاق والمتاعب، مثل جلب الماء والمواد الغذائية ومواد البناء وغيرها من الاحتياجات على ظهره، فلا يمكن للمواطن في المنطقة أن ينجز تلك المهام إلا بوجود الحمار بعد أن غابت طرق ووسائل المواصلات الأخرى.
ولهذا من الطبيعي بل من العادات والتقاليد المتوارثة في المنطقة منذ القدم أن يوجد في كل منزل من منازل المنطقة حمار مما يدل على المكانة المرموقة التي حازها الحمار في عصر الاتصالات والتكنولجيا والمواصلات الراقية ووصول الفضاء وحول هذا الجانب تدخل بالحديث معنا المواطن قاسم سالم أحمد قائلاً :
«لم نجد من يشاركنا متاعب الحياة إلا الحمار فهو من يتصدى للمشاق والمتاعب في جلب الماء من مسافات بعيدة على ظهره، بل إن تنصل جميع القائمين على البلاد من القيام بواجباتهم وكذا تخلي سلطتنا عنا وعدم اهتمامها بحالنا، فأصبح الجميع في منطقتنا يتسابقون بالظفر والفوز بالحمار القادر على تحمل المشاق لكي يعينهم في نقل الماء وغيرها من المنافع الأخرى التي يقوم بها الحمار بعد أن اختفت منافع المسؤولين عن المنطقة». وأضاف قائلاً : «ونتيجة للإقبال المتزايد على الحمار من قبل مرتادي شرائه من المواطنين فقد أصبح سعره لا يطاق ،حيث أصبح المواطن في المنطقة غير قادر على شراء حمار مما يعني تكالب كل الظروف القاسية علينا فحتى الحمار أصبح له قيمة في هذا الزمن.كل تلك النكبات تحصل وأعين المسؤولين مغمضة الأجفان عنا ومتجاهلة شكوانا وما يحصل لنا من مرض ومتاعب أخرى».

طريقة نقل الماء على ظهور الحمير