وداعا رجل الخير الفاضل الشيخ عمر قاسم العيسائي

> د.علي صالح الخلاقي:

> الموت حق، ولا راد لقضاء الله وقدره، لكننا حين نفارق وإلى الأبد شخصيات عظيمة تركت بصماتها في حياتنا العامة، نشعر بوطأة الموت ولشعورنا أنها قريبة منَّا ولها مكانة محفورة في القلوب والوجدان.

ومن هؤلاء العظام رجل الأعمال المعروف الشيخ الفاضل عمر قاسم العيسائي, الذي رحل عن ديانا يوم أمس الأول الأحد, بعد أن ترك سيرة طيبة, عنوانها العطاء السخي, وميادينها المشاريع الخيرية العامة, داخل اليمن وخارجها, وكفالة اليتامى ودعم الأرامل والمحتاجين ودعم الطلاب المبرزين والفقراء لمواصلة تعليمهم الجامعي في الداخل والخارج, وثمارها قطوف دانية بالنسبة للمشاريع الخيرية المتنوعة, وابتسامات مرسومة على شفاه اليتامى والمحتاجين, الذين لا شك أن الحزن سينتابهم جميعاً عند سماعهم لنبأ رحيله عن دنيانا, لشعورهم أنهم فقدوا عائلهم وراعيهم بعد الله سبحانه وتعالى .

بالنسبة لنا في كلية التربية - يافع, كان وقع الخبر مؤلماً على جميع أعضاء الهيئة التدريسية والطلاب جميعاً, لأن تأسيس هذا المنبر الأكاديمي الرفيع قد ارتبط باسم هذا الشيخ الفاضل, الذي لولا دعمه السخي لظل حلماً صعب المنال. ولا زلنا نتذكر تلك الأريحية التي تفاعل بها مع اللجنة المشكلة حينها لمتابعة تأسيس الكلية والتي كُلفت حينها للتواصل مع كبار رجال الأعمال من أبناء المنطقة في الداخل والخارج. ولا زالت كلماته ترن في وجدان أعضاء اللجنة حين تم الاتصال تلفونياً به شخصياً لمعرفة مدى استعداده لدعم هذه الفكرة وحجم وطبيعة الدعم الذي سيقدمه, فجاء رد الشيخ عمر قاطعاً, حينما قال عبر الهاتف:«أن تأسيس منبر جامعي في يافع هو الحلم الذي أحلمه دائماً وأنا على استعداد لدعم إنشاء مثل هذا الصرح العلمي من الريال إلى المليار». وهو ما كان فعلاً , فقد تحمل لوحده كامل التكاليف التي شملتها الدراسة الخاصة لإنشاء الكلية والتي بلغت حينها 72 مليون ريال. وبدلاً من أن تتواصل اللجنة مع رجال الأعمال الآخرين, شكرتهم على تجاوبهم وأبلغتهم بأن الشيخ عمر قد أخذ على عاتقه مهمة تقديم كامل التكاليف المطلوبة. وعلى الفور سارعت اللجنة لتحقيق حلم الشيخ وحلم كل أبناء المنطقة على أرض الواقع وبتعاون لا يُنسى من قبل رئيس جامعة عدن حينها الدكتور صالح علي باصرة وزير التعليم العالي حالياً, ومدير عام مديرية لبعوس- يافع حينها صالح عبادي عبدالكريم, ولكم هي الكلمات والأشعار التي قِليت فيه عند الافتتاح, وستظل تقال بعد الرحيل لأن صنيعه ذلك لا تُنسى، بل يظل متجدداً ما بقي هذا المنبر الجامعي مصنعاً لتخريج الأجيال المتسلحة بالعلم والمعرفة.

ولكم هي أفضال هذا الشيخ كبيرة ليس فقط في تشييد هذا الصرح العلمي الذي جعل إمكانية مواصلة التعليم الجامعي متاحة لمئات من الطلاب الذين لم يكن بمقدور أسرهم جميعاً تحمل أعباء الانتقال إلى للدراسة الجامعية في المدن, بل وفي دعمه المستمر لطلاب الكلية بمبالغ شهرية تساعدهم على مواجهة أعباء الدراسة الجامعية.

ألم أقل لكم إن مصابنا جلل وحزننا كبير لوفاة هذه الشيخ العصامي الكريم, الذي جمع ثروته وشيَّد شركاته لبنة لبنة بجهده وعرقه منذ أربعينات القرن الماضي , وأصبح اسمه مرتبطاً لدى كل من عرفه أو سمع به بالعطاء السخي واليد الممدودة لفعل الخير وتقديم الدعم لمن يستحقه كائناً من كان.

لا أعرف الشيخ عمر ولم أتشرف بالتعرف عليه عن قرب, لكنني أشعر أنه من تلك الشخصيات العظيمة التي نحس بقربها منا وبوجودها وحضورها الخالد في ما قدمته يده السخية من عطاء, وكان لدعمه نصيب في شحذ هممي لنشر ما تيسر من الموروث الشعبي الذي شمله بعنايته ودعمه.

رحم الله الشيخ الفاضل عمر قاسم العيسائي وندعو الله أن يجزيه خيراً وأن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى