انقلاب أبيض في حضرموت

> وليد محمود التميمي:

> أصوات الجماهير أمانة في أعناق ممثليهم، صيانة مصالحهم ودرء المفاسد عن محيطهم، والتصدي لعوامل إقلاق سكينتهم وتعكير صفو حياتهم، مسؤوليات تنصب في صلب اختصاصات نواب الشعب تحت قبة البرلمان وممثليهم في أروقة المجالس المحلية.

إيماناً بهذه المبادئ والثوابت اتخذ أعضاء المجلس المحلي بسقطرى قرار منع دخول القات إلى الجزيرة وحظر بيعه وترويجه وتعاطيه، القرار وصفه بعض ضعاف النفوس والمترددين بالارتجالي والطائش وغير المجدي على اعتبار صعوبة إن لم يكن استحالة تطبيقه، لكن المنصفين والعقلاء من شخصيات اجتماعية وسياسية بمن فيهم المخزنون أنفسهم رأوا في إصداره مبادرة جريئة وإعلاناً عن موقف شجاع يحسب في كل الأحوال لصالح محلي سقطرى ويعزز من مكانة أعضائه في نفوس المواطنين بغض النظر عن نتائجه أياً كانت، حيثيات القرار لخصت الأضرار التي لحقت بأهالي رابع أكبر جزيرة في العالم خاصة ومواطني المحافظات الجنوبية عامة جراء تعاطي القات وإدمانه وفي مقدمتها التفكك الأسري والفساد المالي والإداري والانحلال الأخلاقي والتفسخ الاجتماعي.

أعضاء محلي سقطرى اتخذوا القرار عن قناعة راسخة بعد أن استشعروا تنامي سخط المواطنين نتيجة تزايد أعداد المدمنين على القات، وانتشار بؤر بيعه وترويجه في جزيرتهم. حقيقة كنا نتمنى أن يكون المجلس المحلي لمديرية المكلا السباق في تبني هذه المبادرة بعد أن تمادي تجار القات في غيهم وحولوا أحياء سكنية في عاصمة المحاظفة إلى غرز لبيع القات ولوكندات لتعاطيه، ولم يكتفوا بذلك بل تجاوزا الخطوط الحمراء وتجمهروا بالمئات في شوارع المدينة فسدوا الطرقات والمنافذ في وجه المارة والمشاة منتصف العام الماضي، احتجاجاً على رفع تسعيرة الضريبة المفروضة على بيع نبتتهم، كنا ننتظر من أعضاء مجلسنا الموقر ذلك تضامناً مع مثقفي حضرموت الذين تناولوا خطورة هذه الظاهرة بالكتابة في أعداد سابقة من صحيفتنا الغراء «الأيام»، وسكرتارية اتحاد الأدباء والكتاب بالمكلا الذين كرسوا فعاليات شهر كامل للتذكير والتحذير فقط بأضرار القات ومساوئ تعاطيه على الفرد والمجتمع صحياً واجتماعياً وأخلاقيا واقتصادياً وبيئياً، كنا ومازلنا نرجو أن يتحلى محلي المكلا بالوعي والحس العالي بالمسؤولية، ويستثمروا دعوات خطباء المساجد لتحريم القات ومنع بيعه وتعاطيه، وينتهزوا فرصة ارتفاع الأصوات المطالبة بوضع حد لانتشار الظاهرة وآخرها مناشدة الأخ خالد محفوظ بحاح وزير النفط بتحديد أسبوع بلا قات في مديرية غيل باوزير مساندة لجهود جمعية يمن بلا قات.

فلا علاقة تاريخية تربطنا بالشجرة وجذورها، ولا نحن من المستفيدين من الترويج لتجارتها وزرع حقولنا وبساتيننا بمحاصيلها، فهل يتحمل المجلس المحلي مسؤولياته أم يبقى كالنعامة تدفن رأسها في الرمال خوفاً وخشية من هبوب الرياح القادمة من جزيرة سقطرى، وهل يعي شبابنا وأبناؤنا المدمنون على القات هذه الحقيقة المرة؟ أم يواصلوا مسيرة امتهان كرامتهم وإهلاك صحتهم والعبث بسلامة أجسادهم وصرف أموالهم عبثاً؟

وسيبقى حلم حضرموت محمية طبيعية من دخول القات يراودنا ولو بعد حين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى