في وداع الشيخ عمر قاسم العيسائي

> د. عيدروس نصر ناصر:

> فجأة وعلى حين غرة اختطف الموت من دنيانا الفانية رجل الخير والبر الشيخ الفاضل عمر قاسم العيسائي هذا الرجل الذي ملأ الدنيا بسمعته الطيبة وأعماله الخيرة، وقد صُدم لسماع خبر وفاته كل من سمع باسمه وتعرف عليه ولمس عطاءه الجميل والمثمر في كل المجالات.

لم يكن الشيخ عمر قاسم مجرد رجل أعمال ناجح بنى نفسه من الصفر تقريباًً، ولكنه فضلاً عن ذلك ظل حتى اللحظات الأخيرة من حياته رجل الخير والبر على مدى حياته، وظل منزله دوماً ملاذاً لكل المحتاجين من كافة مناطق اليمن وغير اليمن.

لم يصل إلى الشيخ عمر قاسم العيسائي محتاج إلا ومد له يد العون، ولم يلجأ إليه مريض إلا وساهم في علاجه، ولا يتيم إلا وقدم له الدعم، ولا طالب عجز عن مواصلة التعليم إلا وساعده على إكمال تعليمه، كما تبنى العديد من المشاريع الخيرية التي قدم لها الدعم مباشرة، ومنها على وجه الخصوص كلية التربية يافع التي تبنى ليس فقط ترميم مبانيها وتجهيزها وإعداد جميع أقسامها للاستخدام، بل وظل ولا يزال يقدم الإعانة الشهرية لمعظم طلابها (من أبناء منطقة يافع ومن غيرها من المناطق) ممن لم تمكنهم ظروفهم من التعليم في عدن أو الجامعات البعيدة أو في الخارج.

مازلت أتذكر ذلك اليوم الذي كنت في زيارته في منزله بجدة بمعية زميلين من المقيمين هناك، واغتنمنا فرصة مقابلته لتناول قضايا العديد من المهاجرين الذين لم يتمكنوا من الحصول على الكفالة والذين كانوا قد طلبوا منا المساعدة في معالجة قضيتهم هذه، وحينما عرضنا عليه تلك القضية لم يتردد في القبول بكفالة هؤلاء، ولكنه فقط طلب منا الاعتذار لهم عن تشغيلهم لأنه كان يعاني من الكثير من العمالة التي لا يستطيع تشغيلها، وبالنسبة لنا ولهؤلاء المهاجرين كان هذا هو غاية ما نطلبه لأن مجرد الحصول على الكفيل يمثل ضمانة أساسية للاستقرار لهؤلاء المهاجرين.

إن الموت حق علينا جميعاً، وهو الذي لا يأتي بميعاد ولا يميز بين الأغنياء والفقراء ولا بين الصغار والكبار، ولكن عندما يكون الفقيد بحجم الشيخ عمر قاسم العيسائي، فإن وقع الحدث يكون أكثر من صدمة والمصاب أكثر من جلل.

ولئن كنا قد خسرنا الشيخ عمر العيسائي جسداً، فإننا لم نخسره روحاً وعطاء وقيمة، وستظل ذكراه العطرة تلوح في ذاكرة الأجيال كلما تذكروا عطاءه المتعدد الأوجه والمجالات، كما إن الشيخ عمر قاسم قد ترك خلفاً صالحاً من الأبناء والأحفاد الذين هم الآخرون لهم بصماتهم المعروفة في تقديم الخير لكل من ضاقت به السبل وألمَّت به الشدائد.

رحم الله الشيخ عمر قاسم العيسائي، وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان..

إنا لله وإنا إليه راجعون.

خاطرة شعرية

هرمُ الخيرِ الذي نعرفهُ

ينثرُ الخيرَ بشتَّى الصور

كان مخزون جمالٍ دائم

يغرسُ البرَّ كغرس الشجر

كان نهراً دافقاً منتشراً

فائضاً بالحب مثل المطر

فجأةً قد غاب عنا ومضى

تاركاً في الحقل طيب الثمر

قد فقدنا قمراً مبتسماً

طيب الذكر جميل الأثر

غير إنا ما فقدنا نبله

وسجاياه وحسن النظر

إنه باق هنا ما بيننا

عبقاً يزكو كعطر الزهر

يزرع الآمال في أنفسنا

يمسح البؤس وحزن البشر

يعرف الحبَّ لنا أغنيةً

ويداري سهدنا في السفر

محاضر في كلية التربية يافع /عضو مجلس النواب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى