الاعتذار أولاً

> جمال عرب:

> لا بأس أن وقع اختيار على يوم 13يناير كمهرجان جماهيري تحضره العديد من الشخصيات والفعاليات ليكون يوماً تاريخياً للتصالح والتسامح بين فرقاء الأمس أحباء اليوم.. ولا بأس أيضاً أن تكون ذكرى هذا اليوم المشئوم يوماً احتفالياً تنتهي منه كل الأحقاد والضغائن والثأرات بعد مرور 22 عاماً على أحداث 13يناير 1986، التي أخذت معها رموز الثورة والنضال وقادة الجنوب الأبطال فمنهم الشهداء الأبرار عبدالفتاح اسماعيل وعلي أحمد ناصر عنتر وصالح مصلح قاسم وعلي شائع هادي مع كوكبة من خيرة الرجال ومنهم من اتجه نحو الشمال من المناضلين وصناع القرار أمثال علي ناصر محمد وأحمد مساعد حسين ومحمد علي أحمد وغيرهم ممن أسهموا في الثورة ونيل الاستقلال.

إن ذكرى يوم 13 يناير 1986م الدامي ليست بذكرى للترحم والتصالح وحسب ولكن ذكرى للحسرة والندم جراء ما حدث فيها من دمار وخراب وقتل حصد معه العديد من الأبرياء سواء أكان عشوائياً أم لتشابه الملامح أو الأسماء.. ذكرى إعدام وطن وتخويف شعب يعاني من آثارها حتى اليوم.

نعم لقد دمرت وخربت كل المؤسسات العسكرية والأمنية وعتادها وأغلب المؤسسات والمرافق المدنية والطرق والكهرباء وخزانات المياه والنفط والمعاهد والكليات إلى جانب الآليات والمركبات والمعدات والمخازن والمعامل والمصانع والموانئ والمطارات، وما تم بناؤه وتشييده منذ الاستقلال.. انتهت وانتهى كل شيء خلال شهر ونصف الشهر من اندلاع هذه الحرب الجاهلة والظالمة.. ولقد أخذت كل الإنجازات والمكاسب الثورية والوطنية، فخسر الجنوب أشجع الرجال والقيادات المحنكة عسكرياً وأمنياً والكوادر المؤهلة والخبرات في كل مجالات العلوم والتربية والأدب والطب والهندسة والاقتصاد والإدارة والصحافة والإعلام والثقافة، فمنهم من استشهد يومها أو تم تصفيته أو صرفه لاحقاً و محاكمته إعلامياً ثم قتله أو ممن اختلت عقولهم أو فقدوا أو زجوا بزنازين التعذيب والمعتقلات العسكرية والمدنية المستحدثة حينها أو ممن هربوا بأرواحهم إلى الشمال حتى يجدوا الأمان الذي ظل مفقوداً بين عمليات التمشيط والفرز والانتقام التي شملت اقتحام محارم جميع المنازل بمحافظة عدن، والممارسات المناطقية وأساليب التطفيش للقيادات والكوادر المعتدلة المحسوبة على هذه المحافظة الباسلة والصابرة على مثل تلك العقليات المتسلطة التي اتخذت أساليب الترهيب والتخويف نهجاً لفرض سلطتها، بعد أن جعلت من قرى ومناطق خصومها أحراشاً تنعق فيها طير البوم ليلاً وتجول في أحيائها الثعابين نهاراً.

وبهذه الذكرى وباسم المطحونين يومها والصابرين بعدها والمتفائلين دائماً.. نبارك هذا التسامح والتصالح طالما كان من القلب إلى القلب، وطالما كانت هذه الفعاليات سلمية ووطنية وتنضوي في إطار النهج الديمقراطي وحرية الرأي والتعبير والتي كفلها دستور 22 مايو 1995م، فإذا كان علينا الاستفادة من هذا النهج الوحدوي، علينا أولاً أن نذكر لتتذكروا معنا وتعترفوا أن أبناء محافظة عدن والمناضلين منهم الذين هم أصلاً ينتسبون أباً عن جد لكل محافظات الجمهورية اليمنية كانوا وظلوا وما زالوا أوفياء للثورة والشهداء والمناضلين الشرفاء، وعقولاً وأبداناً تعمر وتعمل وتربي أجيالاً لا تعرف سوى الانتماء لهذا الوطن ووحدته المباركة، فالواجب هو الاعتذار عن ما سببته وخلفته حرب 13 يناير الأسود وما عانى من جرائها أبناء عدن خاصة من تمييز وتخويف وتهميش وتطفيش. وطالما آمنا بالوحدة والديمقراطية.. نبارك مرة أخرى هذه الفعاليات ومهرجان 13 يناير 2008م.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى