حفاظاً على وحدة الوطن

> مقبل محمد القميشي:

> لاشك أن البلاد في واقعها الراهن تعيش مرحلة حرجة بل مشوبة بالخطر.. الأمر الذي يتطلب الإسراع إلى انتشال البلاد من هذه المرحلة من قبل الجميع في كل مواقع المسؤولية.. قوى سياسية حية أو نخباً ثقافية وفكرية واقتصادية أو قيادات رأي عام وغيرهم من الخيرين.

ومما لاشك فيه أن تراكمات - غير إيجابية - أدت إلى ما آلت إليه الأوضاع في عموم اليمن وعلى وجه أخص في عموم الجنوب بعد حرب 1994م القذرة.

وسقوط الطبقة المتوسطة إلى الطبقة الأدنى والأشد فقراً.. أما بالنسبة إلى ما خلفته حرب صيف 1994م فقد كانت عبارة عن إحلال قيادات مدنية وعسكرية بدلاً من الكوادر التي كانت على رأس مؤسسات ومرافق حكومية مدنية في عدن وبقية المحافظات الجنوبية.. وعملت نتائج تلك الحرب على تسريح الكثيرين من الكوادر العسكرية والضباط والصف والجنود والإحالة إلى التقاعد الإجباري من الجنوبيين في معظمهم أو من جيش الجنوب.

أضف إلى ذلك ازدياد أعداد البطالة بين الشباب والخريجين واستحواذ آخرين من غير أبناء المحافظات الجنوبية على الوظائف المقرة لكل محافظة.

وفوق هذا وذاك الرسوم المتعددة والمختلفة وفرض (الحد الأدنى) في كل من فواتير الكهرباء والمياه والهاتف وربط كل صغيرة وكبيرة بالمركز.

وتم أيضاً كنتائج حرب واستحقاقات لها نهب الأرض ومرافق ومؤسسات ناجحة تحت غطاء الخصخصة ورمي عمالاتها إلى صندوق العمالة الفائضة كما تم عسكرة الجنوب جهوياً بعد عمليات تسريح عسكري لكوادر وجنود جهوياً أيضاً، فماذا يريد النظام وسلطاته، وماذا بيده من قدرات لإصلاح كل تلك الأمور سياسياً اقتصادياً، واجتماعياً.

نعود ونقول.. أو نسأل.. ماذا يريد الجنوب؟ وفي اعتقادي إن الانفصال الذي قد يرى فيه البعض حلاً للأزمة ليس هو المطلوب والمرجو بعد أن حقق اليمن وحدة نالت إعجاب دول العالم وأثارت استغرابهم لقيامها خاصة وأنها تمت بين دولتين محسوبتين من دول العالم الثالث.

إذن.. المطالب ليس هناك من ينكر مشروعيتها إلا الجاحد والذي يعيش في أبراج عاجية.. وما نزول القيادة السياسية إلى عدن وتشكيل اللجان المختلفة إلا دليل على الاعتراف بمشروعيتها.

- لذلك ليس هناك داع لأي شعار يحاول العزف على أوتار الفتنة وأوتار الانفصال طالما وأن هنا إمكانية التعبير عبر الاعتصامات والاحتجاجات والإضرابات كحق دستوري، وطالما أن هناك استجابة لوضع الحلول لكل خلل في ظلال وحدة معمدة بالحبر وإن تم جرها إلى حرب.

ماذا يريد الجنوب؟ لا يريد بالطبع إلا أن يكون شريكاً.. في الثروة والوظيفة والحكم.. هذا ما يريده، فهل يرى النظام في ذلك مبالغة، وقد قامت الوحدة في 22 مايو 1990م على أساس ذلك؟ لا إجابة مني أضع الكرة في ملعب النظام وعليه الإجابة.

وإذا كان ذلك سؤالنا.. فإن القيادة السياسية بإرادة سياسية قادرة على ذلك بقرار سياسي يصدر من قبلها فلربما أن الحكومة- وهذا ما يؤلمنا- وأجهزتها لا تفهم ولم تستوعب بعد خطورة ما تلقيه على ظهور المواطنين من الأعباء التي أوصلت حال الناس إلى الحضيض.

فالفساد قد انتشر في كل مفاصلها ولم يستثن منه مفصل، والقيادة السياسية تعترف وتذكره في كل خطاباتها إلا أنها لم تفعل حياله شيئاً يذكر بالقوانين وبقضاء نزيه عادل.

لذلك إن وصل الحال إلى الحراك السياسي في المحافظات الجنوبية، فإنه قد وصل الحال نفسه في المحافظات الشمالية، فقد توحد الألم مثلما توحد الوطن ونحن مع القضاء على الألم بالقضاء على الفساد، ومع توحد الوطن والنضال السلمي من أجله ومن أجل إصلاح كل ما اختل من الأمور.. من أجل حياة كريمة لا إذلال فيها ولا منة.

نحن مع النضال السلمي لتحقيق المطالب في إطار الوحدة اليمنية مع المواطنة المتساوية، ولسنا مع قمع السلطة ومحاولات الالتفاف على حقوق المواطن، كما إننا لسنا مع ممارسات التمييز التي يسلكها كثيرون منذ سنوات في توزيع الأراضي أو التعيين في المناصب.. والكل عليه أن يفكر بما هو أفضل.. من أجل استقرار اليمن وصمود وحدتها أمام كل الأمواج التي تصادفها أو قد تصادفها.

كما أنه علينا أن نضع أمامنا رؤية لمستقبل يمن مشطَّر، وقد عهدناه وعرفناه يمناً موحداً وقد عايشناه وما زلنا ولا يهمنا أمام هذه الرؤية الأفراد، لأنهم زائلون بقدر ما يهمنا وطن، وهو الباقي وموحد.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى