> عبده حسين أحمد:

قال مصطفى أمين إنه عندما كان الرئيس السادات في واشنطن اجتمع ببعض الصحفيين الأمريكيين وقال لهم: «إن مصر والديمقراطية مائة في المائة، وإن الصحافة المصرية حرة تنتقد كما تشاء.. وتهاجم كما تريد.. وإن الديمقراطية في مصر أصبحت مثل الديمقراطية في أمريكا وإنجلترا».. ثم سألته إحدى الصحفيات: «إذا كان هذا صحيحا، فلماذا أوقفت الصحفي مصطفى أمين عن الكتابة». ففوجئ الرئيس السادات بهذا السؤال، وقال: «إنها مسألة بسيطة».

> وقال أحد الصحفيين الأمريكيين: «إن اثنين من زملائنا في الواشنطن بوست هاجما الرئيس (نيكسون) حتى أرغماه على الاستقالة، ولم يستطع (نيكسون) أن يطرد الصحفيين من جريدتهما، ولكن الصحافة هي التي طردت رئيس الجمهورية». وأدار الرئيس السادات ظهره ولم يرد على هذا الكلام».

> وكتب مصطفى أمين: «إن (أحمد لطفي السيد) سقط ذات مرة في الانتخابات التشريعية ضد (عثمان بك سليط)، وكان لطفي السيد فليسوف عصره وأستاذ الجيل، بينما سليط بك لايكاد يقرأ أو يكتب، ومع ذلك كان أذكى انتخابيا من العالم الفليسوف، فقد أذاع بين الفلاحين الناخبين أن لطفي السيد ديمقراطي، وأن معنى الديمقراطية هو أن تتساوى النساء بالرجال، فتتزوج المرأة من أربعة رجال، كما يتزوج الرجل أربعا من النساء، وكان الناخبون يذهبون إلى لطفي السيد ويسألون: هل أنت ديمقراطي؟. فكان يجيب: نعم ولي الشرف. فيعتقد الناخبون أنه فعلا يريد أن تتزوج المرأة من أربعة رجال. وجرت الانتخابات وسقط لطفي السيد سقوطا فاضحا، ولم يدخل أي برلمان بعد ذلك طوال حياته».

> وفي العالم العربي عندما تهاجم الصحف النظام أو أي مسئول كبير في الدولة يقولون عنها (صحف صفراء)، فمن أين جاءت هذه التسمية؟. ظهرت هذه الصحافة الصفراء في أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر، وكان ذلك نتيجة نشوب الحرب بين الأمريكان والأسبان، حين تسابقت الصحف في نشر أنباء الحرب، واصطنعت لذلك العناوين الكبيرة والألوان المثيرة والصور الضخمة، مما يتفق وخطورة الحرب.

> وكانت من أشد الصحف الأمريكية تنافسا في هذا الميدان صحيفتان، هما صحيفة (ورلد WORLD) لرجل يقال له (بوليتزر)، وصحيفة (نيويورك جورنال) لرجل يقال له (هيرست)، ودرج الأول على أن يصدر عددا خاصا في يوم الأحد، وفاجأ القراء في هذا الصدد ببدعة صحفية جديدة، هي الإكثار من الرسوم الساخرة، ومن أبرزها رسم مطبوع باللون الأصفر يمثل صبيا متشردا أطلقت عليه الصحيفة اسم (الطفل الأصفر YELLOW KID)، ويقال إن ذلك هو السبب في تسمية الصحافة الصفراء بهذا الاسم.

> غير أن هذه الصحف لم تقف عند أنباء الحرب وإخراجها بتلك الصورة المثيرة التي تتفق وخطورة الحرب، بل كانت بعد انقضاء الحرب تمضي في خطتها وتنشر الأخبار الاجتماعية أيضا، ومنها الجرائم والأخبار الجنسية بمثل الطريقة التي كانت تنشر بها الأخبار الحربية.

وشيئا فشيئا استطاعت هذه الصحف الصفراء أن تؤثر في ذوق القراء، وأن تجعلهم يعتادون على هذا النوع من الإثارة، وهكذا اقترنت هذه الإثارة بالصحافة الصفراء حتى لانفهم من هذه التسمية غير هذا المعنى.. الصحف الصفراء هي التي لاتعجبهم ولاتدخل مزاجهم >>