لماذا كانت الثورة والوحدة هدفا؟

> السفير/نبيل خالد ميسري:

> في ظل حكم الإمام وأسرته للشطر الشمالي كانت الغالبية العظمى تعيش حياة صعبة جدا في كافة المجالات بمفهوم اليوم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وتتطلع لقيام الثورة، وحتى الإمام وأسرته والمقربون كانت حياتهم تعيسة وشاقة مقارنة بحياة اليوم، وإن كانت لديهم مميزات بسيطة جدا والسبب يعود لسياسته المغلقة.

كذلك الحال في جنوب الوطن، حيث كان الأجنبي مستعمرا له، وقد ساهم الاستعمار في خلق بعض مقومات الدولة الحديثة التي كانت في عدن بالذات (مقره الرئيس)، فقد ساهم بشكل أو بآخر في زرع بذور التنوير، حيث كانت عدن وبعض السلطنات تعيش مرحلة متطورة إذا ما قورنت ليس بوضع بقية مناطق اليمن ولاحتى الجزيرة العربية، بل تجاوزت في تطورها دولا عديدة في العالم، إلا أن هناك مناطق عدة في الجنوب تعيش حياة صعبة، ولم تصلها أبسط المقومات المطلوبة، ومهما كانت تلك البصمات والمترتبات إلا أن موجة رفض الاستعمار في العالم كله قد أشعل شغف أبناء جنوب اليمن لانطلاق ثورة أكتوبر وإخراجها قبل موعدها.

وإلى جانب تلك البصمات التنويرية وإهمال أجزاء كبيرة من الجنوب، فقد زرع الاستعمار أيضا الخلافات والصراعات بين تيارات ومناطق الجنوب قاطبة، ولم يخرج في 30 نوفمبر 67 إلا وقد أسس لانشقاق بين أهلها، وهو ماظهر في قتال الجبهة القومية وجبهة التحرير، وكانت هذه هي أول أخطاء ثورة الجنوب.

وبعد قيام الثورثين سبتمبر 62 وأكتوبر 63 حتى قيام الوحدة، شهدت البلد صراعات في كلا الشطرين على السلطة، أدت لمزيد من الفرقة والآلام، وفي كل مرحلة تكون غالبية أبناء الوطن الضحية لمترتبات تلك الصراعات، ولهذا فقد كان مواطنو كل شطر يسألون الله الفرج برحمة منه للتخلص من الأوضاع التي يعيشونها، بسبب السياسات التي تتبعها السلطات القائمة والتي أدت إلى تهميش الغالبية سواء كانت معارضة لها أم مستقلة، وكانت تتمنى قيام الوحدة.

وجاء الفرج عندما أعلن في عدن التوقيع على قيام الوحدة في 30 نوفمبر 1989، وبعد أشهر أعلن للعالم قيام الجمهورية اليمنية إثر دمج الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية واعتماد دستور الوحدة.

وبدأت الدولة الجديدة بالتقاسم للسلطة والثروة بين موقّعي الاتفاقية، متناسين بقية القوى في كل شطر، والرفض من قبل موقعي اتفاقية الوحدة لأبناء شطرهم الذين اختلفوا معهم في مراحل سابقة، وهذا هو الخطأ الأكبر لدولة الوحدة التي ربما أقرها البعض في وقت لاحق.

إذا علينا إذا ما أردنا بناء دولة لجميع أبناء الوطن أن نعقد مؤتمرين يضم الأول كل محافظات الشطر الشمالي سابقا والآخر يضم كل محافظات الشطر الجنوبي سابقا، ويكون هدف كل مؤتمر تقييم الإيجابيات والسلبيات التي رافقت كل شطر، والتصالح والتسامح والتوحد نحو الاستفادة من أخطاء الماضي وعدم تكراره، والنظر لمستقبل الأجيال القادمة دون الأنانية لما سيحصلون عليه في زمانهم، بعد ذلك يرسمون رؤية موحدة نحو يمن موحد الأرض والإنسان ودولة نظام وقانون تعرض للاستفتاء أولا في كل شطر ومن نتيجتها يمكن أن يكون استفتاء عام.

هنا يمكن أن نقول إننا عالجنا الخطأ الأول والخطأ الأكبر الذي رافقنا وسيرافقنا إذا لم نمتلك الشجاعة للوقوف أمامها بخطة هامة تعيد آمال اليمنيين من كل صوب في داخل الوطن وخارجه نحو بناء دولة حديثة يشارك فيها كل أبنائها دون استثناء.

الخلاصة: إذا ما توحدت كل التجمعات القائمة والمتناقضة منها على الاتفاق نحو عقد المؤتمر الذي أشرنا إليه في كل شطر، وبمباركة المواطنين على هذه الخطوة لاشك أن الدولة ستكون عاملا مساعدا في تهيئة الظروف لإقامة المؤتمرين والوقوف بجدية أمام نتائجهما.

النية تسبق العمل، وأملنا أن يتم إعلان كافة التجمعات موافقتها على عقد المؤتمرين والتهيئة الصادقة لإنجاحهما، وبمشاركة الجميع دون استثناء.

(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون)

صدق الله العظيم

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى