مشكلة الجنوب تكمن في إفراغه من ثرواته

> محمد عبدالله باشراحيل:

> يلاحظ في المحافظات الجنوبية خاصة أن هناك رفضاً تاماً للأوضاع المعيشية التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم ، مع رفض للممارسات السياسية والحقوقية، التي تم التعبير عنها بالاعتصامات السلمية المتكررة في المدن الجنوبية، كأسلوب حضاري، والتي واجهتها السلطة بالمقابل بأسلوب همجي نتج عنه سقوط قتلى شهداء وجرحى، وكان آخر تلك الاعتصامات وآخر أولئك الشهداء يوم 13 يناير الحالي بمحافظة عدن.

إن ما يشاهده الإنسان من ممارسات مؤلمة تقع على الساحة الجنوبية، تصيبه بالذهول والدهشة والحيرة، وخاصة ذلك الإنسان المحلل لها والمدرك لأبعادها، فالمحافظات الجنوبية تتعرض إلى تهميش لأبنائها وإلى نهب لأراضيها وهدر لثرواتها الطبيعية والمادية والبشرية، فقد اتبعت السلطة سياسة الاستحواذ السريع، وكأن فترة بقائها في الحكم وشيكة على الانتهاء، لذا تراها تلهث وراء كل ما يوفر لها موارد مالية عاجلة، وليس أدل على ذلك من قيامها على سبيل المثال لا الحصر بحفر أكثر من 50 بئراً عام 2007م للنفط بحضرموت وحدها، في وقت تظهر تقارير البنك الدولي أنه في حالة استمرار ضخ النفط من حضرموت بالمعدل الحالي نفسه، فإن النفط فيها سينضب (ينتهي) عام 2012م، أضف إلى ذلك ما يقال عن الثروة السمكية وما تواجهه من ممارسات خاطئة لبعض شركات الصيد الأجنبية على طول الشريط الساحلي لبحر العرب من باب المندب وحتى حوف بمحافظة المهرة، علماً بأن هذه الشركات تحظى بحماية من وكلاء لهم نفوذ في السلطة، أما الأرض في المحافظات الجنوبية فقد كتب عنها الكثير وتم الاستيلاء عليها واحتلالها، ثم توزيعها على المتنفذين وأقاربهم، ففي حضرموت مثلاً منهم من حصل أو استولى أو احتل مساحة تقدر بمساحة دولة البحرين، ومنهم من باع القطعة المسماة بالبرتقالة في المكلا بحوالي 3 مليون دولار، أما عدن كملوها»، كما قال أستاذنا القدير الدكتور أبوبكر السقاف في مقاله يوم الإثنين الماضي من على منبر هذه الصحيفة الغراء، هذا يحصل بينما أبناء المحافظات الجنوبية محرومون لا يجدون حتى مجرد مساحة تكفي لبناء مساكن متواضعة لهم ولأبنائهم، وفي وقت ترفد محافظاتهم موازنة الدولة بأكثر من %75.

وبإيجاز فإن الإنسان في المحافظات الجنوبية يهمش وتهدر ثروته، وتغلق في وجهه كل فرص العمل والرزق والمنح الدراسية التي احتكرها المتنفذون، كلها ممارسات تصب وتهدف إلى إفراغ الجنوب من ثرواته الطبيعية والمادية والبشرية، وتعطي مؤشرات خطيرة تنذر بضياع مستقبل أبنائه إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.

سياسات سلطة كهذه لا تأخذ في الحسبان مستقبل أجيالنا معرضة للمحاسبة في وقت لاحق، فكما يقال «دوام الحال مستحال». والحال كما شخصه أحد الأطباء بعد إجراء فحوصات شاملة على مجمل أعضاء جسم أحد المسؤولين الكبار الذين سأل الطبيب ماذا عندي يا دكتور؟ فأجابه «بصراحة عندك قصر نظر ومشكلة كبيرة في الجنوب» والحليم تكفيه هذه العبارة بدلاً من تلك الإشارة.

كبير خبراء سابق بالأسكوا الأمم المتحدة

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى