الإنسان قيمة

> علي صالح محمد:

> قبل أيام كنت أقرأ مقالة عميقة المعاني والدلالات للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب الرئيس ورئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة حاكم دبي، نشرتها جريدة «الخليج» نقلا عن صحيفة «وول ستريت جورنال»، تحدث فيها باعتزاز وفخر وبثقة عالية عما تحقق من إنجازات، وعن رؤيته تجاه ما سيتحقق في مدينة دبي، والمكانة التي أصبحت تحتلها اليوم على المستوى العالمي، باعتبار «أن فكر دبي وروحها يقومان في الأساس على مد الجسور مع العالم الخارجي، وتوطيد الروابط، وخلق حلقات الوصل مع الحضارات والثقافات المختلفة»، كمركز اتصال وتلاقح حضاري بين الأمم وفي المستقبل المنظور والقائم على مفهومه، بأن التنمية والتطور أساسهما الإنسان وتطوير مهاراته وقدراته من خلال «رفع عبىء الفقر عن كاهل الناس، وخلق المزيد من فرص التعليم، وتعليم الناس في كل مكان، وكيف يمكنهم تحقيق النمو، وكيف يثقون في أنفسهم» وركيزة ذلك الشباب الذي يحتاح إلى رؤيته للخروج من «البطالة المذلة والتطرف» اللذين يعيشهما في المنطقة العربية «وإن قصة دبي تدور حول تغيير حياة الناس إلى الأفضل، من خلال الرأسمالية الذكية، وقوة الإرادة والطاقة الإيجابية» على حد قوله بثقة ملحوظة، إن بوش حين يزور دبي «سيتفاجأ بمدينة كبيرة لاشبيه لها ولانظير يضاهيها في العالم، مدينة جديدة تنبت في قلب الصحراء». وفعلا كان صادقا في ما قاله، حيث رأينا علامات الاندهاش والانبهار بادية بوضوح على محيا بوش وهو يتجول في عاصمة الإمارات ومدينة دبي، ليرى بأم عينيه ما يدهش ويبهر كل زائر حد تصريحه بالقول: «إن الإمارات أنموذج يحتذى به في التنمية والاستقرار». وخلال ذلك كنت أقرأ في صحيفة «الإمارات اليوم» الصادرة يوم الأحد 13 يناير 2008م الخطة الاستثمارية التي أطلقتها أبوظبي بعنوان «أبوظبي إلى رؤية 2030» التي تتضمن ضخ المئات من المليارات في جميع القطاعات، بهدف التحول إلى أن تصبح الإمارت مركزا عالميا للعلم والمعرفة والثقافة، ومركزا اقتصاديا للصناعة والتجارة والخدمات، وعلى قاعدة أساسية مفادها أن «الاستثمار الحقيقي الناجح هو في الإنسان وبيئته، والعوامل التي تؤمن له التنمية المستدامة والنمو المستمر». وبعدها بيوم كنت أقرأ مقالات في عمود (دبابيس) للكاتب عبدالله رشيد بعنوان (من يحمي حقوق المواطن؟!) تحدث فيه عن حادثة قيام شخص مجهول بالتعدي على منزل مواطن بالتعاون مع الشغالة الآسيوية، الأمر الذي فتح الأذهان على أسئلة تطرح نفسها حول حقوق المواطن بسبب ما يتعرض له من ظلم على أيدي العمالة الوافدة، طارحا السؤال من يحمي حق المواطن مما ترتكبه خادمات المنازل، مطالبا منظمة (هيومن رايتس ووتش) بالتدخل لرفع الظلم عن المواطنين الواقع عليهم من قبل الخادمات.

وفي نفس اليوم ونفس الصحيفة قرأت عنوانا تصدر الصفحة الأولى مفادة «20 قتيلا وجريحا في مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في عدن»، وقبلها بأيام سقوط أكثر من ثلاثين قتيلا في صعدة.. ياللهول! ويا للمفارقات المؤلمة! هنا يبحثون عن تنمية الإنسان، ويفاخرون ويتنافسون فيما بينهم من أجل (الرفاه) وبما أنجز وسينجز من أجل الإنسان، حتى أنهم يشكون من استبداد الخادمة، وتعديها على حقوق المواطن، لأن المواطن في بلادهم له منزلة خاصة تميزه كثيرا عن الوافدين، وهناك في اليمن يستمر إطلاق الرصاص على صدور الرجال العزل لأنهم أرادوا اللقاء من أجل التسامح وطي صفحات ماضي الصراعات الأليم فيما بينهم، وهنا لا أريد أن أعلق على استمرار الاستخدام المفرط للقوة ضد الناس العزل والمستمر منذ حرب 1994م إذ يبدو أن الكلمات التي قالها الأستاذ علي صالح عباد مقبل في كلمته المؤثرة، وهو يودع قبل شهر مع الآلاف المحتشدة شهداء المنصة في 13 أكتوبر 2007م في ردفان:

طوبى لكم أيها الشهداء، وهنيئا لك أيتها الحرية، اختاري ماشئت من بين صفوفنا، خدي الأجمل من شبابنا، الأشجع من رجالنا، والأحكم من شيوخنا.. فنحن شعب لايبخل على الحرية، وقد خبرنا الزمن!

ستصبح عنوانا للمرحلة القادمة وشعارا للنضال السلمي المتنامي للجماهير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى