من قال إن الحكومة ضد المصالحة !! .. لكن عن أي مصالحة يجري الحديث ؟

> وجدان علي محمد:

> من قال إن دولة الوحدة وحكومتها ضد المصالحة؟ ومن يقول إن شعبنا اليمني من أقصى اليمن إلى أقصاه لا يحبذ السلام الاجتماعي والاستقرار والأمن والأمان؟ ومن يجرؤ على الكلام، فيقول إن هناك من سبق فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية للصفح والتسامح والعفو..؟

نقول هذا الكلام لأن هناك من يحاول وحاول كثيراً إظهار الدولة والحكومة وفخامة الرئيس القائد كأنهم جميعاً ضد المصالحة والتسامح والصفح.. فالمعروف أنه جرى إقامة ما يسمى بمصالحة لطرفي قتال 13 يناير 1986م.

وأن هذه المصالحة من شأنها أن تزيل الآثار الدموية والاجتماعية والأخلاقية التي لحقت بأبناء المحافظات الجنوبية جراء تلك الحرب الطاحنة بحثاً عن السلطة والتفرد بها يومها.

وبدورنا نسأل ببساطة ووضوح فنقول:

أولا: لو أن هذه المصالحة الجنوبية التي الغرض منها معالجة آثار حرب 13 يناير 1986م، كما يقال، فإنه من المفروض أن يتم تمثيل كل الأطراف فيها (من قاموا بها من الطرفين + ضحايا الطرفين + المفقودين من الطرفين + أسر شهداء الطرفين) لماذا لم يتم تمثيل كل الأطراف في هذه المصالحة باعتبار تمثيل الجميع حقاً مشروعاً؟

ثانيا: لماذا لا تكون هكذا مصالحة تحت رعاية دولة الوحدة، لأنها تعكس التعبير الصادق والنوايا الحسنة، أما بدونها فليست إلا هراء، والخروج بالمصالحة عن إطار الدولة لا يعني إلا الهروب عن جوهر هذه القضية.

وتبدو الأطراف المتصالحة كما لو أنها لا تحتكم لقانون واحد وحكومة واحدة، فالمصلحة الوطنية العليا تستدعي بالضرورة أن تكون الدولة هي الراعية للمصالحة المزعومة دون غيرها، لأن المصالحة كانت ولاتزال مبادرة الدولة، وهي لذلك ليست جديدة، ولم يأت أحد من دعاتها اليوم بأي جديد مرغوب أو حتى مكروه.

ثالثا: ثمة مشاكل في جنوب الوطن، والحديث عن مصالحة لابد أن يبدأ من مصالحة جراء حربين أهليتين بين الجبهة القومية وجبهة التحرير 1967م، وفي الأحزاب والتنظيمات السياسية الأخرى التي كانت قائمة أيامها، كما أن هناك مصالحات أخرى كان يجب البدء بها، مصالحة مع جماعة الرئيس الراحل قحطان محمد الشعبي 1969م ومصالحة مع جماعة الرئيس الراحل سالم ربيع علي 1978م ومصالحة مع جماعة الدبلوماسيين شهداء الطائرة ومصالحة مع جماعة السبعينات.. إلخ.

فلماذا فقط الآن التركيز على جماعة 13 يناير 1986م، وكأن البقية لا دم ولا دية لهم، فهذا عيب بالتأكيد، ولا هدف منه إلا العودة بالوطن والشعب أكثر من عشرين عاماً إلى الوراء، فلماذا لا نبحث عن منابع التخلف والانحطاط؟

رابعا: أي مصالحة يجب أن تقوم على اعتراف كامل من طرفي النزاع والمسئول عن الحرب والاقتتال.. اعتراف بالجرم والذين قتلوا، والذين فقدوا وجرحوا أو تضرروا جراء ذلك الاقتتال .. إلخ، ثم قبول كل الأطراف بالتصالح والمصالحة، فهل هذا متوفر في المصالحة المنتظرة، ثم ماذا سيقدم أصحاب فكرة المصالحة للذين قتلوا وجرحوا وفقدوا في تلك الحرب الملعونة كجزء من التعويض عما لحق بهم من خراب ودمار تعويضاً أدبياً ومادياً ومن أين؟

هنا لابد أن نورد حقيقة أن القائمين على مسألة المصالحة أرادوا تصوير الأمر وكأن المصالحة إرادة شعبية ضد إرادة الدولة، والأمر محض افتراء وكذب، ولأن الكذب ليس له قدمان كما يقال، فالأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية كان أول رئيس يدعو الرؤساء الذين سبقوه وقرروا العيش بالمنفى الاختياري، كان أول من دعاهم إلى العودة للوطن، ورأينا المشير عبدالله السلال أول رئيس للجمهورية اليمنية يعود إلى صنعاء، ورأينا كيف مارس الكثير من المهام وعومل بأحسن ما يمكن أن يعامل به رجل بمكانة السلال، ورأينا كيف أن فخامة الأخ الرئيس القائد علي عبدالله صالح كان صاحب قرار العفو العام أثناء حرب صيف 1994م، وبعدها.. وأن قرار العفو العام أوقف نزيف الدم، ومنع كل أشكال الممارسات الانتقامية في حرب صيف 1994م كرد فعل لأخطاء وجرائم حصلت قبل الوحدة، لهذا كله فإن دولة الوحدة التي قامت على الصفح والتسامح، والبدء بالصفحة البيضاء، هي أكبر من أن تقف بين جماعة تقاتلت فيما بينها بشراسة وحقد أقرب لقتال الذئاب، وحرمت نفسها طوال الفترة من 86 - 90م من إعلان العفو والصفح، ومنعت عن نفسها التصالح من 90م، إلى الأمس القريب.. وتخرج علينا اليوم بمشروع تصالح، لكنه تصالح عليه أكثر من علامة استفهام.. كأن نسأل، هل يستطيع القائمون على المصالحة دفع التعويضات الإنسانية والأدبية والمادية للمتضررين الذين يقدر عددهم بالآلاف؟ ومن أين؟ وهل يملك الداعون للتصالح والمصالحة توكيلات عن المعنيين بالأمر لإجراء مثل هذه المصالحة؟ ولو رفض جزء أو جماعة هذه المصالحة، فما هو مصيرها؟ ألن تفتح المصالحة حلقة جديدة من الصراعات يتم بواسطتها نبش أحزان الماضي بكل مرارته؟

وبدلاً من الحديث عن المصالحة يدور الحديث عن الانتقام، لهذا كله نقول وبكل صدق ومسئولية إن الدولة معنية بالمصالحة أو على أقل تقدير ليست ضدها، لكن تصوير الدولة ورموزها الوطنية بأنهم ضد المصالحة هي ممارسة وادعاء كاذب في وضح النهار لا يخدم أحداً على الإطلاق، ولا علاقة لها بالقضايا المطروحة التي يتكرر طرحها حتى وإن حلت.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى