ثقافة العنف

> جلال عبده محسن:

> تألفت لجنة من أعضاء البرلمان الأوربي، بغية العمل على إلغاء ما سموه «المجزرة» في مصارعة الثيران التي تشتهر بها إسبانيا، جراء تعذيب الثور من قبل المصارع، ومن ثم قتله واعتبروه وحشية إنسانية يقترفها الإنسان في حق الحيوان، بينما رآه البعض صراع الخير مع الشر، ورآه البعض الآخر صراعاً بين ذكاء الإنسان وقوة الحيوان إلى أن تخضع القوة للبراعة وتعترف بقوة الذكاء وتفوقه على جبروت الوحشية، ومع أنها وحشية بهيمية غريزية من حيوان ليس له عقل يستخدمه في الدفاع عن نفسه والحفاظ على بقائه في الحياة إلا أنه ومما يدعو إلى الدهشة أن هذه الكلمات هي اليوم موضوع حديث الساعة، حيث إننا مع المنطق الذي ينبغي أن يسود فيما بيننا نحن البشر بالاعتراف بقوة الذكاء والحكمة على منطق ثقافة العنف والعنجهية وإراقة الدماء، كما يعلمنا ذلك ديننا الإسلامي الحنيف بأن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه .

إن الاحتجاجات والاعتصامات السلمية ما كان لها أن تجد طريقها إلى الشارع اليوم لولا تراكم المظالم واحتقانها، وإنه من الخطأ الجسيم التقليل من شأن وحجم المشكلة أو التعامل مع أصحابها بلغة غير لغة الحكمة والعقل، لاسيما وأن الأزمة الاقتصادية التي تطحن وتؤرق الجميع تمنعهم من الإحساس بالهدوء والاستقرار والأمان، وتجعلهم في حالة قلق دائم، وإن الأمر في اعتقادي يعبر عن درجة من الوعي والإحساس بالمسؤولية تجاه بعض القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التي تئن تحت وطأتها البلاد بفعل السياسات الخاطئة، إلا أنها تصب في ترسيخ دعائم الوحدة وإصلاح مسارها بينما يوجد في الساحة من هم يدعون أنهم مدافعون عن الوحدة، وأفعالهم وسلوكياتهم مكرسة للانفصال، كما يوجد من يدعون الديمقراطية والتنمية الحضارية، وتتخفى فيهم النزعات السلطوية والاستحواذ على الثروة وسرقة المال العام، وهو ما يدعو إلى أن توجه إليهم سهام العدالة لردعهم، ومع ذلك ومن وجهة نظرهم لا خطر على الوحدة منهم .

إن ثقافة العنف التي لا تنمو إلا عن مرض وهستيريا من مغذيها .. هي أسلوب بليد عفى عليه الزمان ولا يولد إلا العنف، وإن معالجة الجروح والقروح التي أصابت النفوس، وتأثيراتها النفسية هي مقدمة على الحقوق والمكتسبات من أجل تعزيز وتعميق الوحدة، وإن معرفة نوع المريض الذي أصابه المرض لأهم كثيراً من معرفة نوع المرض الذي أصاب المريض .

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى