لماذا يخشون النور والشفافية ؟

> عبدالباري دغيش:

> خلال الأعوام العشرة الماضية عمدت إلى التواصل عدة مرات مع القائمين على الموقع الالكتروني لمجلسنا النيابي من أجل نشر مداخلتي التي كنت قد قدمتها إلى المؤتمر الذي انعقد بتاريخ 9 يناير 2008م في العاصمة صنعاء بفندق تاج سبأ وبمشاركة حكومية ودولية غير أن القائمين على الموقع اشترطوا أن لا تتعرض المداخلة للحكومة بالنقد وكذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة وحين أرسلتها لهم اعتذروا بدءًاً عن نشرها واليوم (أمس) فوجئت بطلبهم نشرها، لكن مقلمة مقطعة أوصالها فلم أوافقهم .

فهل حقاً يتسع مجاس النواب اليمني، بيت الديمقراطية وعنوانها الرئيس ليكون مجلساً للجميع يتسع لكل أعضائه كما قال الشيخ سلطان البركاني رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام في مقابلة له مع جريدة «الشرق الأوسط»، أعاد نشرها موقع التغيير نت؟ وهل المجلس النيابي بمقدراته وإمكاناته وأنشطته تتساوى فيه الفرص أمام جميع أعضائه؟ وهل يجسد المجلس حقاً سلطة الرقابة والتشريع، ويشكل فعلاً إحدى سلطات الدولة الثلاث، أم يراد له أن يكون ديكوراً ليس إلا، وتابعاً صغيراً للسلطة التنفيذية؟ ثم ألا يجب أن يكون موقع المجلس الإلكتروني وصحفه ونشراته منابر إعلامية معبرة عن آراء أعضائه ولجانه وهيئاته، وليس حكراً على طرف دون آخر .. ألا يجب أن يكون الموقع الإلكتروني معبراً عن الطيف السياسي والاجتماعي والجغرافي المكون لخارطة المجلس النيابي؟ ألا ينبغي أن تكون واجهة كتلك (الموقع الالكتروني) معززة للنهج الديمقراطي الذي ندعيه ونتحدث عنه ليل نهار؟ أليس من العيب أن يُعمَل مقص الرقيب فيما يقوله النواب، وعبر موقعهم الإلكتروني في مجلس النواب ؟ ألا يكفي إعمال مقص الرقيب في نقل جلسات المجلس والإعلام المشوه عن تلك الجلسات في المحاضر والنشرات واليوميات؟ ثم لماذا تجتزأ كلمة ألقيتها في مؤتمر دولي حضرته أنا وإلى جانبي وزير الخارجية ووزير حقوق الإنسان، وعبرت فيه عن مصالح الناخبين من أهالي المعتقلين اليمنيين في سجن جوانتانامو، حيث لايزال أكثر من 100 مواطن يمني يصطلي في جحيم القهر والإذلال منذ أكثر من خمس سنوات منهم حوالي 14 معتقلاً من أبناء محافظتي عدن، حيث انتخبت عنهم نائباً إلى البرلمان؟! ما الذي يخيف القائمين على هذا الموقع الإلكتروني من نشر المداخلة كاملة في حين نشرتها مواقع إلكترونية أهلية أخرى دون اجتزاء أو شطب لأي من فقراتها مع أنني أرى في المداخلة دعماً للحكومة عبر تصويرها وكأنها واقعة تحت ضغوط برلمانية وشعبية للمطالبة باستعادة مواطنيها من سجون الولايات المتحدة في جوانتانامو وغيرها من السجون السرية المنتشرة في أرجاء مختلفة من العالم؟ ثم إنني أجد نفسي أتساءل لماذا يراد شطب أهم رسالة في المداخلة وهي تلك الموجهة لحكومتنا الموقرة والتي طالبنا فيها متابعة أوضاع مواطنيها التي هي مسؤولة عنهم بحكم القانون والدستور ؟! إن مجلس النواب هو مؤسسة تمثل الشعب اليمني، وأعضاؤه هم موظفون لدى الشعب وليسوا نسخة أخرى عن الحكومة، بحيث يشترط علينا كنواب تكرار مواقف الحكومة والتسبيح بحمدها، فلن نكون أبداً كالببغاوات التي تردد ما يقال .. إن مجلس النواب هو مؤسسة وطنية كبرى وهو ملك الجميع أو ينبغي له هكذا أن يكون، وأعضاؤه جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات، فليس هناك من جدته السيدة سارة والآخر جدته الجارية هاجر، فجميعنا أبناء وطن واحد منتخبون من الشعب «وبلقيس أمنا وكل فخرنا وكل حبنا بلادنا اليمن» أليس كذلك؟!

كما نرى أنه لو أعطي مجلس النواب دوره الحقيقي خلال الفترة الماضية لما وصلت البلاد إلى ما وصلت إليه الآن من أوضاع مخزية لا تسر أحداً من الأعداء قبل الأصدقاء.. لقد اجتزئت مهام هذا المجلس الجوهرية واحدة تلو الأخرى لصالح جهات ولجان ما أنزل الدستور بها من سلطان، سمعنا ولانزال نسمع جعجعة رحاها غير إنَّا لم نر بعد أثراً للطحين، فها هي خمس سنوات قد ولت ولايزال الحال في صعدة هو نفس الحال مع فارق أن عدد القبور إلى ازدياد، وكذلك الأيتام والأرامل والثكالى إضافة إلى تعاظم حجم الخراب واتساع الهوة وضياع الثقة بين الناس، وتلك لجنة تقويم الظواهر السلبية والحصيلة أن الظواهر السلبية إلى ازدياد فالقتل والثأر حاصل في عقر الدار وما أسهل إزهاق الأرواح والقتل بدم بارد، كما إن الفساد قد عم الآفاق، وهو السائد والنزاهة هي المتنحية في وقت نجد فيه أن توصيات مجلس النواب موءودة ومقبورة وحبيسة الأدراج لا ترى النور ولا تجد طريقها إلى التنفيذ إلا فيما ندر .

إن هذا المجلس بمهامه شبه معطل يكاد يكون مشلولاً غير قادر على الحركات إلا بخطوات وئيدة غاية في البطء لا تخدم التوجه الديمقراطي ولا الثوابت الوطنية التي ندندنها ليل نهار، دون أن نخدم تعزيزها وترسيخها (مثقال ذرة) في القلوب والأفئدة والعقول، بل على العكس من ذلك نجد من يسعى إلى الإساءة إليها من حيث يدري مغلباً مصالحه الضيقة الذاتية والأنانية والآنية، ونلمس عبر هكذا ممارسات من يحاول تعليبنا ومصادرة حقوقنا في الإعراب عن رأينا في موقع المجلس الإلكتروني الذي ينبغي له أن يكون منبراً حراً للجميع .. إنه وللأسف الشديد ورغم إنَّا على وشك توديع الفصل التشريعي الثالث من عمر التجربة التشريعية البرلمانية لايزال هناك من يفكر بعقلية شمولية في مجلس النواب ولايزال مقص الرقيب يعمل ولايزال هناك من يعتقد أن بإمكانه ممارسة تكميم الأفواه وتعطيل العقول وتقييد الحريات وإشاعة الخوف، ولايزال هناك من ينظر إلى هذا المجلس وكأنه طفل قاصر أو أنه ثكنة عسكرية وأن أعضاءه هم جنود وصف ضباط يأتمرون بالأمر العسكري .

كما أن هناك تعطيلاً للكثير من المهام الملقاة على عاتق اللجان الدائمة، فالعمل لايتم وفقاً لخطط، لا فصلية ولا نصف سنوية أو سنوية، فكل شيء خاضع في مجلسنا لتكريس الشمولية وفكرها وممارستها .. فلماذا يُخشى النور والشفافية ؟ ولماذا يظل هنالك من يريد دفن رأسه في الرمال ؟ ولماذا يعمد البعض إلى إغلاق الجروح المتقيحة في جسد الوطن ؟ ألا يعلمون أن أمراً كهذا يمكن أن يتسبب في تسمم الجسد كاملاً ؟!

ما قبل الأخير أود وضع جملة من التساؤلات لإنعاش الذكرى، قال تعالى: (?إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) ق 37 .

هل الموقع الإلكتروني بمجلس النواب خاص بهيئة رئاسة المجلس وأمانته العامة فقط، وهل هو تابع للحكومة بحيث يشترط فيما ينشر ألا ينتقد الحكومة ؟ أولم تنشأ البرلمانات أساساً لمراقبة ونقد الحكومات أم لمجرد حمل المباخر وممارسة المداهنة والنفاق؟ وهل يجوز لي أن أطالب بنشر مداخلتي كاملة دون اجتزاء أو شطب، ودون تحوير أو تقليم أو تقطيع.

أخيراً هذا ليس سوى (غيض من فيض) ولايزال في القلب الكثير والكثير مما ينبغي له أن يقال في الوقت والزمان المناسبين .

عضو مجلس النواب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى