شخصية الكاتب واستقامته

> عمر أحمد وادي:

> أدهشني المد المتزايد في عدد كتاب المقالات الصحفية التي تنشر في الصحف المحلية وأخص بالذكر لا الحصر صحيفة «الأيام» التي انتهجت وما زالت تنتهج سياسة القبول بالرأي والرأي الآخر وفتحت صدرها لمختلف الأقلام دون تحفظ وهذا أمر طبيعي لصحيفة مستقلة لها رواج واسع وقدرة عالية في إشباع قرائها بالقضايا المطلوب طرحها، بالإضافة إلى الأحداث المتلاحقة في الساحة اليمنية مما أكسبها ثقة قرائها وأصبحت تتمتع بشهرة عالية على مستوى الجمهورية اليمنية بصفة خاصة ودول الجوار بصفة عامة، مما جعلني أبادر بكتابة هذا الموضوع بعد أن أصبحت أقارن بين هذا الكاتب وذاك .

ولتوضيح الصورة، هناك أقلام لديها إدراك واع في كتابة المقال وأخرى لديها حماس غير محدود يفقدها أحياناً النوازن في التعبير، وبعض الأقلام للأسف الشديد ترمي سمومها بغرض التشهير والإساءة للغير ليس إلا.. ناهيك عن البقية الباقية في تقديم المدح المفرط لغرص في نفس يعقوب .. وأغلب هذه الأقلام تدخل في صراع مع الزمن .. وهنا يساورني القلق عندما أقرأ هذا التباعد بين الكتاب وهذا الشتات بين أصحاب الرؤى والبصيرة .. فالمعرفة واحدة والحقيقة جوهرها واحد وإن اختلفت الأشكال والطرق المعبرة عن هذا الجوهر .

إن استقامة الكاتب مهددة من دعوات ضميره الاجتماعي ومن اعتقاداته السياسية أو الدينية أكثر مما هي مهددة من دعوات طمعه أو طبعه .. فعطاء الكلمة ودورها من مسئولية الكاتب الذي ينبغي أن يوفر المناخ الذي يتطلبه ذلك العطاء وحجم المسؤولية، فإذا تفرد الكاتب بالكلمة الاستفزازية أو بالرأى العنيف أو المخالف وربما الجارح، من هنا يفقد هذا الكاتب مصداقيته وثقته عند القراء .. أما الكاتب المقتدر أو الصحفي الناجح فعليه أن ينظف قلمه من الكلمات الملوثة بالخوف وبقرع طبول الفتنة أو بالإثارة المكشوفة بلا ذكاء، وبالمقابل أن يطور من أفكاره ومداركه ليقدم للقارئ غذاء روحياً وعقلياً طازجاً وفياضاً بالإحساس أو يترك الخبز لخبازه كما يقول المثل الشعبي .

بعض المقالات أو المواضيع التي تطرح من بعض الكتاب والصحفيين تتثير اهتمامات بعض الناس وتستقطب التعليقات المباشرة ولكنها لا تقوى على الحياة والاستمرار في أذهان الناس .. من هذا المنطلق ينبغي للكاتب أو الصحفي ألا يتفاخر بالكتابة حتى تظهر صورته أمام القراء ليكسب ثقة الناس بكتاباته فإظهار الصورة ضمن المقال لا يعني سوى التعريف بهذا الكاتب ليس إلا، فالعبرة في أسلوب الكتابة والمعالجة الصحيحة والتعبير الصحيح ، أو على أقل تقدير توصيل معلومة لقضية محورية ينقلها للقارئ، بعبارة أدق ألا يستخدم الكاتب قلمه كالفرجال ليرسم به دائرة يحبس في داخلها قناعاته وأفكاره ورؤيته ويدور حولها .

هناك مثقفون ومفكرون ووسائل إعلام يحالون جميعاً أن يهتموا بالمعالجة عبر الكلمة والترشيد والتثقيف من داخل الإنسان حضارياً ومعرفياً وتمدنياً، لكن هؤلاء أحياناً يهملون العناية المطلوبة والضرورية لقيمة هذا الإنسان .

فتحية من الأعماق لتلك الأقلام التي استطاعت أن تصمد في وجه التيار المعاكس وسطرت بأناملها الذهبية معاني الشرف والتضحية في سبيل تحقيق مطالب حقوقية، وأسهمت في طرح القضايا الموضوعية بغرض معالجة الاختلالات والأساليب المنحرفة بأسلوب حضاري بعيداً عن المكايدات والافتراءات والمزايدات، رغم تعرضها للمضايقات والاستهداف.. مع تمنياتنا للزملاء الصحفيين والكتاب والمثقفين والمفكرين والمبدعين بالتوفيق والنجاح في أداء رسائلهم الصحفية والإعلامية والأدبية، متمنين أن يكون عام 2008م مصدر خير لهم وللشعب اليمني جميعاً .. والله من وراء القصد .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى