للخروج من الأنفاق المظلمة!!

> عبده فارع نعمان:

> الشعب اليمني بخير، والوطن بخير لكنه لا يقوى على تحمل أية تداعيات أو سجالات سياسية، وخاصة ذات الحساسية المتراكمة والاحتقانات المقلقة، مع العلم والتأكيد أنها تشكل مخاطرة مدمرة للسلم الأهلي وتهدد الأمن والاستقرار وبمعنى أكثر وضوحاً، لا تنفع الوطن ولا المواطن (ولا تسمن ولا تغني من جوع) بقدر ما تضعف شخصية المجتمع وتعصف به، في وقت المجتمع بحاجة ماسة وضرورية إلى مضاعفة الجهود فيما ينفع الناس بالملموس في كل منابع الحياة الحرة الكريمة، قال تعالى في محكم كتابه: ?فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض والمجتمع بحاجة أيضاً إلى التوسع في المشاريع الاستثمارية، وإلى كل جديد ومتجدد في المشاريع الإنمائية وإلى بناء الاقتصاد الوطني بكل آفاقه ومعطياته ومقوماته في المجالات الزرعية والصناعية والتجارية والخدمات الاجتماعية ونحو ذلك، وأولاً وأخيرا الأمن والأمان.

تلك هي أركان الاستقرار والحياة الفعلية لعامة المواطنين وأفراد الشعب بكل أصنافه وأطيافه سواء بسواء، ودونما أي تمييز أو تفاضل، فالكل يجب أن يعيشوا ويقتاتوا، والكل يجب أن يخضعوا لنظام واحد ودستور واحد، وقوانين تؤلف القلوب وتجسد الإرادة اليمنية وتوحد العمل المشترك الذي يصب في مصلحة الوطن الواحد الموحد، قال تعالى واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا.. وهنا تأتي مصلحة كل الشعب كرديف للمصلحة الوطنية تحت لواء المواطنة المتساوية ليكون الكل متساوين أمام القانون حاكماً ومحكوماً لا يفرق بين أحد منهم دون آخر، ويولد الحب والتآخي، وينبذ أي صنف من أصناف الكراهية والضغائن والأحقاد والثأرات وتصفية الحسابات، صغيرة أم كبيرة قديمة أم حديثة بين فصائل وفصائل، أو قبائل وقبائل، أو مناطق ومناطق.

وكلنا همنا تجاوز هذه الصعاب والعقبات والخروج من الأنفاق المظلمة والتعوذ من الشيطان الرجيم! والتوصل إلى قناعة مشتركة في اتباع الوسائل الحضارية الحكيمة والعاقلة في معالجة قضايانا العالقة، ودون ذلك فلربما أنه لا يعني إلا الهلاك والدمار، رغم أن الوعي- الذي هو بحاجة إلى إعادة صياغة- والعقل عادة ما يتغلب على كل تلك المشاكل، وبالعقل وحده سنجد المخارج الأمينة والآمنة ،وبهكذا مفهوم يكون الوطن دائماً مستقراً والشعب آمناً مطمئناً والأفراد والأسر والعشائر والقبائل والطوائف راضية مرضية عن بعضها البعض، مقتنعة بشراكة العيش، فالأرض وخيراتها وثرواتها للجميع.. لأن الجميع هم أصحاب الإرث، وهم الذين صبوا عرقهم في اكتسابها وجمعها.

وبهذه الاتجاهات، لا يحق لحاكم أو زعيم كائن من كان الاستئثار بالثروة أو الاستحواذ عليها، فالحاكم أو الزعيم ليس إلا رمزاً للمجتمع ينظم خطاه ويقود نشاطه، ويعمل على حماية مكتسباته في الثروة ونحوها على درب النشاط الموحد والمشترك في أداء الواجب المحتوم حيال المجتمع الجديد القوي البنيان، والسليم في تفكيره وأدائه، هذا إذا استخدمنا عقولنا وفكرنا ملياً ونظرنا إلى كل الأبعاد من حولنا وما يجري من مآس، واستمددنا الدروس والعبر سوف نرحم أنفسنا وشعبنا ونقيه ودماءنا من بطش المجهول ووحشيته ولا سيما الأطفال والنساء والشيوخ، وستعم الرحمة الوطن -كل الوطن- (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، وسنتخطى كل صغائر الأمور وشكلياتها، وكل المخاطر التي تحيق بنا وبوطننا.

وحينها نجد أنفسنا مدعوين لتقييم أي عمل أو نشاط غير سوي يصدر عن هذه الجماعة أو تلك، كالمهاترات الصحفية والمكايدات السياسية التي لا تؤدي إلا إلى (الويل والثبور)، فالحزب المكايد يفقد شخصيته وتأثيره، ويفقد صفته كقائد وطني إن شاء الله للجماهير ومرب لها، وهكذا الصحافة إذا ما أوغلت في السب والشتم والمهاترة تفقد هي الأخرى الصفة الصحفية، وتفقد الرسالة التي من أجلها تحمل مسؤولية العمل الصحفي والإعلامي في إطارها، وللأسف الشديد ما نقرؤه في صحافتنا وما نسمعه ونشاهده في وسائل إعلامنا الأخرى يثير القلق بل والألم؛ لأن وسائل إعلامنا لم تعد -كما يبدو- تتحمل مسؤوليتها التاريخية في تحليل وتشخيص الأمراض السياسية والاجتماعية، والخروج بالمعالجات والحلول المنطقية والعقلية، بدلا من التعبير النابي والسفه غير المبرر.

والمطلوب من المعالجات تقديم الرؤى والمبادرات التي تخدم وتعزز الثوابت الوطنية والقيم والأخلاق المثارة في الفقرات السالفة الذكر، والتي لابد وأن يسجلها التاريخ المعاصر في أنصع صفحاته وسجلاته إن نحن عملنا بها، لأن طموحاتنا -كما كان يكرر فقيد الصحافة المغفور له إن شاء الله الصحفي الكبير الأستاذ محمد علي باشراحيل، مؤسس صحيفة «الأيام» الغراء- تتجلى في أننا نريد ونريد، ونحب أن نرى بلادنا في أبهى حلل المجد والرفعة والعزة والكرامة.. وهذه القيم لا تقبل السب ولا المهاترات بمجملها، وترفض ضياع الوقت والعبث به فيما لا فائدة منه ولا قيمه له، ترفض وتأبى المكايدات والسجالات التي لا غاية منها ولا هدف إلا الحسرة والندامة والخسران.. وهيهات أن يعوض الوقت الضائع إلا في الملاعب؟ وهو ثمين وغال جداً بالقياس إلى أوضاعنا ومعاناتنا سلطة ومعارضة وشعباً.

وليتأكد القاصي والداني من أبناء شعبنا ومن يتربعون عرش السلطة، ومن يقفون في الصفوف المعارضة بوعي أو بغير وعي أن الحلول لقضايانا لا يمكن أن تأتي من الخارج، أو بالاستقواء بقواه -كما أشرنا إليه في مقال سابق نشرته في هذه الصحيفة الغراء في عددها (5276) الصادر بتاريخ 2007/12/18 (ص 9)- فالحلول مخزونة وجاهزة في رؤوس حكمائنا ومفكرينا، وهم كثر!!.. هنا في الداخل على أرض الوطن وما دوم ذلك فهو محال ومحال، فاتركوا تبادل التهم والسباب جانباً لأنها ليست من شيم وأخلاق اليمنيين، وهلموا.. هلموا للبحث والتنقيب عن مصوغات الحلول والمخارج في رؤوس الأشهاد من رجال اليمن داخل اليمن، ومن خلال الحوار الجاد والصادق والبناء في مؤتمرات وطنية يعد لها الإعداد الجيد والدقيق، أما (الفوضى الخلاقة) عفواً (الهدامة والمرعبة) فلا تخدم إلا المغرضين والمتزلفين، وتخدم أعداءنا وحسادنا على أمننا واستقرارنا، اللهم إني بلغت.. اللهم فاشهد، وأنت يا الله أقوى الأقوياء، ?{?وإنك على كل شيء قدير?}?.. أما من يجانبون الحقيقة فصدق قول الله فيهم ?{?كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا?}? صدق الله العظيم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى