كيف حضرموت بلا قات؟!

> صالح حسين الفردي:

> عادت مشكلة تعاطي القات في حضرموت إلى الواجهة مجددا في اليومين الماضيين، وبدأت تتعالى أصوات كثيرة في المجتمع، من علماء دين، أدباء وكتاب ومثقفين، وشخصيات اجتماعية وحقوقية وصحفية، أصوات تدق الخطر الداهم الذي تمثله هذه الوريقات اللدنة، وتبين مدى القلق والهواجس التي طفت على سطح الحياة الحضرمية بعد سنوات من الصمت المتوطئ الذي مارسته النخب السياسية والحزبية وبقية فئات المجتمع، إلا من همهمات بين حين وآخر تأتي لتذهب إلى العدم ثانية، في حين ظلت هذه الوريقات تمد سيطرتها على جوانب المجتمع والحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية، لتشكل خيمة قرار يتم من خلالها رسم ملامح المجتمع وترسيم مرجعيته التي يجب أن تكون، وقد استأنس الكثير من فاقدي الإمكانيات والمتسلقين والمزيفين بهذه الآلية سهلة المنال، فكانت قبلتهم التي يذهبون إليها في حمية شمس النهار ليحيكوا تفاصيل واقع بعيد كل البعد عن الحقيقة التي يحتضنها بسطاء الناس، ويتمسك بها رواد الحياة وأعلام المجتمع في نقاء سريرتهم ونبل غاياتهم، في حين يستحلي الآخرون (اللوك) اليومي للعشب الأخضر، وقد ظنوا أن الكون قد تجمع عند هذه (الكنتونات) المغلقة بأبخرة الدخان، وقعقعة مياه (الشيش)، والسقوط في التفاصيل التي تعقب هذه السويعات النابذة لثالوث الصداع اليومي الذي يرددونه دون خجل أوشعور بالغصة (حضرموت التاريخ والأصالة والتراث)، وعلى الرغم من كون هؤلاء لايعول عليهم في تغيير الحال، فهم أس المشكلة، وهم الدعاية المكثفة لثقافة القات وآليته المجتمعية، فإن مايندهش له المرء هو هذا التغافل الكبير الذي مارسته النخب السياسية في كل مراحل اللعب السياسي في الدورات الانتخابية التي شهدها الوطن في السنوات الماضية، بل إن البعض منها مصاب بنفس الداء دون أن يلجأ للانتفاض على هذا الحال، وأظن أن الشارع عندما يئس من خروج هذه الأحزاب إلى الشارع لتبني قضاياه العادلة، وظلت تمارس نفس الطقوس القاتية، حمل شعلته وقضيته وخرج بها دون انتظار، فما كان من هذه النخب السياسية إلا أن تداعت لتمحو عن مشوارها فرية الصمت لسنوات طوال، واليوم وبعد أن عاد القات إلى الواجهة، وأدرك الجميع تخاذله الذي أوصل المشكلة إلى حالة من التعقيدات الصعبة التي وجدنا بوادرها في قرار مجلس سقطرى المحلي، وما رافقه من محاولات لإجهاضه وعدم تمريره، في حين لم يستطع محلي المكلا إلا أن يطالب السلطة المحلية بالمحافظة بإخراج أسواقه المنيعة من قلب المدينة إلى خارجها، مع تقنينه ليومي الخميس والجمعة، وقد كان ممنوعا دخوله إلى حضرموت فيما سبق وهي خطوة في طريق الألف ميل، ولكن هل بمثل هذه الأماني سنصل إلى حضرموت بلا قات، بلا شك لا، وأظن أن للقات مزايا - عند البعض- منها ماذكرناه آنفا، أما البعض الآخر، فهو يتعاطاه لأسباب أخرى منها: البطالة المتزايدة، الفراغ القاتل، غياب التنوع الثقافي والتراثي والفني الذي عرفته حضرموت، إغلاق المتنفسات الساحلية في وجه الشباب بفعل الردم العشوائي، وعدم قدرتهم على ممارسة كرة القدم، كما كان عهد السابقين، وعدم توفر الأنشطة الرياضية والفنية في المدارس، وإقامة المهرجانات الرياضية في كل الألعاب، وخاصة ألعاب القوى في الثانويات، والجامعة، وبين الأحياء السكنية.. باختصار فقدان الوعي الذي وقعت فيه أغلب النخب الاجتماعية والسياسية والثقافية والتربوية، وممارستها الصمت تجاه دخول واستمرار استفحال ظاهرة القات حتى صارت جزءا من ثقافتنا اليومية أو تكاد أن تكون، لذا ستبقى حضرموت بلا قات تردد صدى السؤال :كيف؟!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى