الامتحانات الصفية أمام الوحدة اليمنية

> عياش علي محمد:

> الوحدة السياسية التي تمت بين دولتي الشطرين الشمالي و الجنوبي، والتي جاءت تحت تأثير العاطفة واعتبارات الظروف المستجدة تواجه اليوم امتحانات صعبة، بعد أن ولت العاطفة وظهرت وقائع الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية المعقدة في اليمن.

والطموح السياسي عند النخبتين السياسيتين اللتين سيطرت على عقولهما مسألة الوحدة اليمنية بأي ثمن، اصطدمت بحقائق الجغرافيا والتاريخ والاختلافات الجوهرية بينهما.. فكانت وحدة (مشوهة) لم تراع الحذر والسير وفقاً للخطوة خطوة باتجاه الاندماج الأعظم.

فلماذا لا نتعلم من تجارب الآخرين؟ بدلاً من التفاخر بعجز تجربتنا الوحدوية أمام تجارب الآخرين؟!!

فهذه فرنسا إحدى الدول الأوربية التي اندمجت في الاتحاد الأوربي، الذي كان يتشكل في بداية عهده من سبع دول، ووصلت في مرحلة متأخرة إلى 27 دولة شكلت المجموعة الأوربية الواسعة.

وبدخول أعضاء جدد إلى المجلس الأوربي تضررت فرنسا من هذا التوسع المتسارع، وتسبب بأضرار كبيرة على الفرنسيين، إذ إن معظم الفرنسيين فقدوا وظائفهم وأدى ذلك إلى رفض فرنسا للدستور الأوربي.

لم يقل الأوربيون إن فرنسا (انفصالية) حين رفضت الدستور الأوربي، بل على العكس من ذلك أعطوها قدراً من الإعجاب بموقفها الذي اتسم بالمسؤولية تجاه شعبها الفرنسي.

هذه فرنسا الأوربية التي يجمعها مع حلفائها الأوربيون خلفيات مشتركة، وتتقاسم معهم أسساً ثقافية ممتدة من الحضارة الرومانية والمسيحية وحتى العروق (القوزاقية).

فما بالك بأبناء الجنوب الذين ذهبوا ضحية (اندماج وحدوي) خسروا على أساسه وظائفهم وممتلكاتهم (و كيانهم) ومواردهم، فكيف لهم أن يستمروا على هذه الشاكلة من الخسائر المادية والاقتصادية والبشرية.

أليس لهم الحق أن يتظاهروا ويعتصموا لرفض هذا الواقع المزري الذي انتبابهم وهدد وجودهم؟

ولماذا لم يطلق على الجنوبيين بأنهم حملة الحرية والإخاء والمسؤولية، كما أطلق الأوربيون على فرنسا ومجدوا موقفها؟!!

إن اليمن لا تزال بعيدة عن أن تصبح (أمة واحدة)، فهذا يحتاج إلى عقود زمنية طويلة تعيد ترتيب البيت اليمني، بعد أن قضى قروناً طويلة من التباعد والتنافر والحروب.

ومن أجل الوصول إلى ذلك الهدف ينبغى أن يمهد الطريق رويداً رويداً، تبدأ بتشغيل كل القطاعات التي دمرت أو بيعت بأثمان بخسة، ومروراً بميناء عدن ومطار عدن الدولي والمناطق الحرة حتى تنساب البضائع والخدمات بين المحافظات اليمنية والخارج، حتى تصل اليمن إلى تثبيت القوانين والأنظمة لتكون أساساً للتعامل بين الشريكين في الوحدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى