«الأيام» تستطلع أوضاع وهموم عزلة الراكة بشبوة:منطقة محرومة من مشاريع التنمية الحكومية تماماً طريق بحاجة ..إلى السفلتة.. وسد اللجمة في خطر

> «الأيام» جمال شنيتر:

>
منطقة الراكة
منطقة الراكة
تقع عزلة الراكة على بعد عشرين كيلومتراً إلى الشرق من مدينة جول الريدة المركز الإداري لمديرية ميفعة وهي تقع بين جبال شاهقة الارتفاع من جهة، وسهول رملية صحراوية من جهة أخرى.

وتتكون العزلة من عدد من القرى المتناثرة بين الشعاب والجبال وأهمها وأكبرها:الراكة، المافدة، جولة، الغبر، هرب، المريا، محور، الأيسر، والشعاب الشرقية والغربية.

ويقدر عدد سكانها بنحو ثلاثة آلاف نسمة ومعظمهم من قبيلة آل باقطمي التي تنتمي إلى قبائل بابحر ونعمان إحدى أهم وأكبر القبائل في محافظة شبوة.

«الأيام» زارت عزلة الراكة فشاهدت معاناة الإنسان في هذه المنطقة المحرومة من مشاريع التنمية المختلفة.

الطريق ثم الطريق

رغم أن المسافة من مدينة جول الريدة مركز المديرية منطلق رحلتنا إلى عزلة الراكة لا تتجاوز عشرين كلم إلا أن رحلتنا كانت شاقة ومنهكة، حيث تمر السيارة في طريق رملية تتخللها بعض الكثبان الرملية.

عن هذه الطريق يحدثنا الشيخ صالح بن ناصر باحتيش قائلاً:«هذه طريق ميفعة - الشعاب- مضة- يبعث تربط بين محافظتي شبوة وحضرموت ولا تزال طريقاً رملية وترابية وغير معبدة ويعاني المواطنون في المناطق التي تقع بين مديرتي ميفعة ويبعث معاناة كبيرة وشاقة من هذه الطريق ويطلبون من الدولة أن تقوم باعتماد مشروع الطريق وذلك بسفلتة الطريق الذي يصل إلى نحو سبعين كلم من جول الريدة إلى يبعث منها 38 كلم من جول الريدة إلى أعلى عقبة النهضة، وهي حدود محافظة شبوة ثم 32 كلم حتى مديرية يبعث محافظة حضرموت، وقد قام الأهالي بجهود ذاتية بشق عقبة النهضة- مضة ولم تقدم الدولة ريالاً واحداً في ذلك والمشكلة أننا نعاني عند هطول الأمطار على المنطقة، حيث إنها تلحق أضراراً كبيرة بالطريق في المنطقة وينقطع الخط وتنعزل مناطقنا عن بقية المناطق ونصبح محاصرين بين الجبال والشعاب والرمال.

عقبة النهضة

وصلت بنا السيارة إلى قمة عقبة النهضة في الحد الأخير لمحافظة شبوة، وشرح لنا مرافقونا في الرحلة كيفية شق هذه الطريق في هذه العقبة الشاهقة ذات الالتواءات والمنعطفات العديدة، حتى أصبحت الآن أكثر سهولة من ذي قبل بعد أن تم ذلك بجهود ذاتية ودون أن تقدم الدولة شيئاً لهذه الطريق، غير أن الطريق لا تزال غير معبدة.

الوالد أبو زيد عبدالله الميدعي قال يشير إلى أسفل العقبة:«هنا كانت تمر القوافل التجارية الآتية من ميناء بالحاف أو من سوق حوطة الفقيه علي، حيث كانت تمر قوافل الجمال محملة بمختلف أنواع البضائع متجهة إلى حضرموت ومأرب وغيرها من مناطق اليمن».

الحيوان وسيلة مواصلات
الحيوان وسيلة مواصلات
سد اللجمة الشعاب

هنا حيث عطش الأرض والجدب والقحط يعتمد الناس على سد اللجمة الشعاب في الحصول على مياه الشرب، إلا أن المشكلة تكمن في عدم وجود حواجز ومراصد تحميه من الحشد الضخم للأحجار الصغيرة والأتربة التي بدأت تزحف على السد، وبهذا الصدد يقول الشيخ صالح بن ناصر باحتيش أثناء زيارتنا للسد:«هذا السد بني من فاعل خير وهو يعد الشريان الأساسي للمياه في مركز الراكة إلا أنه بحاجة ملحة للمراصد والحواجز التي ستسهم بلا شك في الحفاظ على السد، ولهذا نطالب عبر «الأيام» وزارة الزراعة والري باعتماد مشروع لتطوير السد وإصلاح العيوب التي فيه، كما أن السد يفتقر إلى وجود مدرج ومصعد للصعود إلى أعلاه».

مدرسة الراكة

مدرسة الراكة للتعليم الأساسي هي المدرسة الوحيد في هذه العزلة - المركز - وتعاني أوضاعاً صعبة رغم أن الدراسة تسير فيها بشكل جيد.

عند زيارتنا للمبنى الذي بناه فاعل خير التقينا معلمي المدرسة، حيث تحدث الأخ أمين محمد جمع أحد معلمي المدرسة قائلاً:«مدرسة الراكة بنيت على نفقة فاعل خير قبل عدة سنوات، ولم تسهم الدولة بشيء في إنشائها ويبلغ تلاميذ المدرسة هذا العام 95 تلميذاً من الصف الأول حتى الصف السابع باستثناء الصف الثاني أساسي لا يوجد، والمشكلة أن التلاميذ بعد إكمالهم للصف السابع لا يستطيعون إكمال تعليمهم، نتيجة لعدم وجود غرفة دراسية لهم وكذا نقص المعلمين، ولهذا يتركون الدارسة بالكامل ولا يستطيعون المواصلة نظراً لبعد المدارس الأخرى عن المنطقة».

بعد ذلك طلبنا من معلمي الدرسة زيارة سكنهم الذي يبعد أمتاراً قليلة عن المدرسة لنشاهد معاناتهم من مثل هكذا سكن.. لقد وجدته وكأنه زنزانة انفرادية، من الجرم أن يسكن فيه حملة راية العلم والتنوير في المجتمع، وشرح لي أحد المعلمين معاناتهم قائلاً:«للأسف الشديد نحن المعلمين في هذه المدرسة جئنا إلى هذه المنطقة النائية ورواتبنا متدنية، فنحن معلمون متطوعون، ولسنا موظفين ولا يتجاوز راتب الواحد منا خمسة عشر ألف ريال، نصفه يذهب للعزبة، وللأسف لا نتلقى أي مساعدات لا من قبل الدولة مقابل مصاريف العزبة ولا من شركة الغاز التي وعدت بتقديم المساعدة المادية لمعلمي المناطق النائية القريبة من أنبوب الغاز».

التنمية المفقودة

في الهواء الطلق وتحت سماء ملبدة بالغيوم وفي مجلس تم إعداده بين الجبال حضره ثلاثون شخصاً من أبناء المنطقة تناول الجمع طعام الغداء المكون من الأرز واللحم المشوي والخبز المسيبلي، وهي إحدى التقاليد القبلية السائدة في المنطقة، وبعد الانتهاء من ذلك تحدث عدد من الحضور عن هموم منطقتهم وكان أولهم الأخ حسين محمد الميدعي الذي قال:«يمر أنبوب الغاز المسال على بعد 4 كلم من عزلة الراكة، وشركة الغاز وعدت بتقديم خدمات تنمية للمناطقة القريبة من الأنبوب ومن بينها منطقتنا، إلا أن هذا الوعد لم ينفذ ولم تقدم شركة الغاز أي مشروع لهذه المنطقة، حتى العمالة وظفوا بعض أبناء القرية حراساً ثم تم فصلهم بعد ثلاثة أشهر فقط، لهذا نطالب شركة الغاز بتقديم خدمات تنموية للمنطقة وخاصة السد والطريق والمدرسة.

الوالد أحمد مهدي قيراط باقطمي يطالب بترميم وإصلاح كريف هرب (مجمع مياه) حتى تعم الفائدة جميع أهالي قرية هرب، كما يناشد الأخ محمد سالم باقطمي الجهات الحكومية إقامة سد مائي صغير لقرية النحر وضواحيها.

أهالي عزلة الراكة بجميع قراها يعيشون في الظلام الدامس، حيث تفتقر المنطقة إلى وجود مشروع للكهرباء وإلى أجل غير مسمى. يعاني عدد غير قليل من أبناء المنطقة من البطالة ومعظم الشباب يشتغلون في رعي الأغنام أو يهاجرون إلى دول الخليج.

ابو زيد يحمل بندقية
ابو زيد يحمل بندقية
تفتقر قرى الراكة إلى وجود مرفق صحي ولو حتى وحدة صحية، وحكى لنا الأهالي قصصاً عديدة عن معاناتهم في المجال الصحي ويضطرون إلى نقل مرضاهم لأبسط مرض إلى منطقة عزان بمديرية ميفعة مما يسبب لهم متاعب لا حصر لها.

إلى متى ؟

لا كهرباء، لا مياه، لا صحة، لا طريق، لا مدرسة. الدولة لم تقدم شيئاً لأبناء عزلة الراكة ..هكذا قال لنا الوالد ناصر باحتيش. هذا هو حال الراكة التي لا تبعد عن مركز مديرية ميفعة إلا بضعة كيلو مترات ، ولكن يبقى السؤال: إلى متى؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى