هل هو خصيم مبين للمبدعين..؟!

> علي الذرحاني:

> في إحدى المناسبات الوطنية نظم مكتب الثقافة في عدن معرضا فنيا تشكيليا لفناني المحافظة، وقام بافتتاحه أحد المسئولين في المحافظة، وبعد أن تنقل بأجنحة المعرض وتحاور مع الفنانين المشاركين فيه حتى وصل إلى الجناح الذي عرض كاتب هذه الأسطر أعماله الفنية فيه سـأله سؤالا لاعلاقة له بالمعرض: «هل أنت الذي يكتب بين الفينة والأخرى عبر صحيفة «الأيام»؟!». فقلت له بكل فخر: نعم أنا هو. فقال لي بثقة المعتمد على نفسه ونظرة الساخر والمستهزئ بغيره: «ومن هو الشخص الذي يصوغ لك أفكارك، وينمق لك كلماتك؟». فأجبته على الفور: لا أحد.. إنما هي بنات أفكاري وصياغة قلمي وأناملي. ومرت الأيام ونسيت ذلك الموقف والحوار القصير، حتى التقيت بأخي الأكبر الذي يعمل في أحد المرافق الحكومية في عدن فقال لي: لقد زارنا أحد المسئولين في المحافظة وتعرف علينا جميعا ثم سألني: «هل الرسام الذي يكتب أحيانا في صحيفة «الأيام» قريبك؟». أجبته: نعم، إنه أخي. فرد علي بتململ وتبرم: «يبدو أن ثقافة المقاهي قد أثرت فيه!». فكان تعقيبي عليه: إن غالبية أدباء وكتاب ومفكري وفناني ومثقفي محافظة عدن ومصر وفرنسا وكثير من البلدان قد جلسوا في هذه المنتديات الثقافية والفكرية والاجتماعية والسياسية التي تسميها أنت (مقاهي) واستفادوا منها، وقد كان الفلاسفة القدماء يتحاورون مع طلابهم في الطرقات، وكان من هو أشرف منهم يأكل في هذه الأماكن ويمشي في الأسواق.. فما العيب في ذلك؟! حتى مقرات شبكة المعلومات تسمى (مقاهي الإنترنت)، وأصبحت الغالبية العظمى ممن كان يجلس في المقاهي ولايزال من الأساتذة والشخصيات المرموقة داخل المجتمع. فقلت في نفسي: هذا كلام أحد المسئولين في المحافظة وعلى أهلها.. كان ينبغي عليه التصرف بحكمة ودبلوماسية أو مجاملة، أو أن يشعرنا بأنه عون ومشجع وداعم ومساند ومحفز للإبداع والمبدعين بدلا من أن يجعل من نفسه المسئول الخصيم المبين للمبدعين والمثبط والمحبط لهم، يتكلم بزهو وترفع واستعلاء، ونبرة التهديد المبطن واضحة في تلويحه وتلميحه يتململ ويتضجر ويضيق صدره من كتابة شاب يقف في أول الطريق مساهما بكتاباته المتواضعة في صحيفة حرة ونزيهة وصادقة وتقول الحقيقة، معبرا بقلمه عن هموم وآمال وآلام وطموحات وتطلعات الناس البسطاء والمظلومين والمطحونين والمهمشين والمتقاعدين والمبعدين والمغلوبين على أمرهم. كنا نتوقع منه كمسئول أن ينتشل المبدعين ويحاول إيجاد فرص عمل للعاطلين عن العمل داخل المحافظة، وأن يفجر ويستثمر طاقاتهم المهدورة في المقاهي والملاهي والطرقات في تجميل المدينة وتحسين معيشة أهلها.. لكن أخي الأكبر عاد وسألني مستغربا: كيف عرف هذا المسئول أنك تجلس في المقاهي؟!. فقلت له: يا أخي كل راع مسئول عن رعيته! لكنه للأسف قابع داخل أقبية المحافظة وتصله الأخبار أولا بأول، ولايكلف نفسه تلمس أحوال الناس، أو السؤال لماذا هم يجلسون في المقاهي ويتكلمون في السياسة وفي قضايا الناس.

هذا كل ما حصل لي مع هذا المسئول، وكأن هدفه إخماد جذوة الإبداع وإخراس المبدعين وتقييد حريتهم، لكي يظلوا أذلاء خانعين عديمي الفائدة مسلوبي الإرادة والفاعلية، وهذا ما نرفضه ونأباه.. ويرفضه ويأباه كل المخلصين الذين يتواصون بالحق ويتواصون بالصبر!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى