> عمر محمد بن حليس:

لم أكن مبتهجا وقد استمعت (لكُلَيْمات) من أشخاص كنت ولم أزل غير مقتنع بأن هذا صادر منهم، لكن هذه هي الدنيا، وتلك هي الضريبة التي لابد من دفعها خاصة أن البعض أدخلني عنوة في دائرة محاصرا إياي بسهام علامات الاستفهام والتعجب، قاذفا شخصي بنيران الكلمات التصنيفية والعبارات التوبيخية التي لا أستحقها أبدا أبدا.

والحقيقة أنني كنت مترددا أن أكتب عن هكذا موضوع، بيد أن ذلك التردد بدَّده أمران:

أولهما: أن واقع اليوم الذي نعيشه ومقتضيات المستقبل الذي ننشده لن تتبيّن ملامحه وتتضح صوره، إلا بمزيد من التلاحم والصدق وزرع الثقة بيننا أكثر وأكثر إيمانا منا بالرأي الآخر، استماعا ونقاشا.

ثانيهما: أنني تذكرت أن ما أكتبه دائما ينشرعلى صفحات «الأيام» هذه الصحيفة التي عودت كل متابع ومتأبط لها بأنها تنشر الرأي والرأي الآخر، بُغية إظهار الحقيقة، عكس ما يزعمه (بعض) ناكري الجميل ممن كان لـ «الأيام» والأخوين باشراحيل بصمة في تلميع نجمهم الذي أفل!

أعبر عن هذا الرأي والثقة والقناعة التي أكرمني بها رب العالمين، وترسخت لدي وشغلت حيزا أكبر في نفسي، وتلك هي إحدى نعم الباري الذي أحمده وأشكره آناء الليل وأطراف النهار.. أقول إن ما كتبته وأكتبه وسأكتبه إن شاء الله تعالى (مادام قلبا هشام وتمام يتسعان لكل الآراء دون الدخول في دائرة قرع الدف أو العزف على أوتار البحث عما لا أستحقه)، لكن واجبي الديني والأخلاقي والوطني هو الذي يفرض علي ذلك، في وقت أقرأ وأسمع فيه إلى من يصر على إدخال العزف النشاز الهادف إلى نكء الجراح وإذكاء الفتنة الملعونة لزعزعة الأمن والاستقرار وتخشين النغم الناعم في سيمفونية الحب والوفاء والتلاحم والعمل والبناء، لرسم صورة أكثر إشراقة لغدٍ يمني جميل، فالتناصح أمر هام في حياة المسلمين، لأن الدين النصيحة، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام، والإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول: «من واجب حقوق الله على العباد النصيحة بمبلغ جهودهم.

وعلى هذا الأساس يجب ألا ننجر خلف متاهات الضلال، وخلف أولئك الذين أضلهم الله سبحانه وتعالى، فجعلوا أصابعهم في آذانهم كي لايسمعوا النصيحة، ومن هذا المنطلق علينا أن نفهم أننا اليوم نمر بظروف استثنائية تفرض علينا توحيد الكلمة ورص الصف وتقديم أنفسنا للآخرين بأننا بالفعل أهل الإيمان والحكمة اليمانية.

نعم الغلاء موجود (وعالمي في بعضه) وهو ما جعل الناس يعيشون حالة عدم اتزان، نعم الفساد والمجاملات والمحسوبية والروتين وأمور أخرى، كان قد أشار إليها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح (حفظه الله) في أكثر من موضع ومكان، إذا من حقنا أن نكتب حتى تجف أحبار الأقلام، لكن أحبار «الأيام» ثابتة وبحرها لاينضب، ومن حقنا أن ننتقد بأسلوب حضاري مقدمين الحلول ومقترحين البدائل والمخارج، وبهكذا أساليب يمكننا الانصهار في بوتقة واحدة تكون مخرجاتها لأبنائها من بعدنا بمزيد من الخير والعزة والأمن والأمان والعدل والإخاء والمساواة في وطننا اليمني الكبير وطن 22 مايو 90م.

أما ما عدا ذلك فوالله إنه حرث في البحر وزرع للشوك.