كل بدعة ضلالة أيها الممنهجون

> سلوى الصنعاني:

> تكاد تكون حالة طوارئ فرضت على الأسرة اليمنية هذه الأيام خصوصاً وأن دورة الامتحانات الفصلية قد بدأت للمراحل الثانوية والتعليم الأساسي.

ربما يستغرب القارئ هذا التوصيف الذي خلعته على حال الأسرة وطلابها وتلاميذها، جميع أفرادها من أم أو أب أو خال أو عم ممسكين بالكتب الدراسية يشرحون لأبنائهم ما عجز عنه طاقم التعليم الذي يتقاضى راتباً شهرياً ولايزال يطالب بزيادة من خلال الإضرابات المتوالية المعطلة للدوام، والتي يخسر معها الطلاب ساعات من أعمارهم ليجدوا أنفسهم على طاولة الامتحانات حيارى حالهم أشبه بمن يقف أمام حجر الرشيد ليفك طلاسمه.

تلك جزئية من المشكلة، بل «المعضلة» التي يواجهها طلابنا وأسرنا، والأخرى منها هي حجم الكتاب المدرسي، عندما تقرؤه تجد فيه العجب. ولا عجب في ارتفاع أصوات الأسر من صعوبة المنهاج التعليمي، فالكتاب بقدر ما هو حشو وإسفاف صنعه صاغة المنهاج حتى يتقاضوا أجراً على عدد صفحاته التي تلتهم وقتنا وتثير أعصابنا نجد عند ملامسة بعض الصيغ أنه يدخل الطالب في متاهة لا أول لها ولا آخر، بينما يفترض أن يركز على المعلومة الرئيسية الضائعة في الأصل وسط ذلك الحشو.

وقد تسنى لي وأنا أشهد معركة علا غبارها بين تلميذ وخاله الذي جاء خصيصاً وترك أعماله ليتفرغ لشرح كتاب العلوم لابن أخته. أخذت الكتاب مستطلعة درساً حوك الجهاز الهضمي للإنسان.. الدرس طويل عريض ومذيل بأسئلة غريبة وينتهي بملحوظة مهمة للغاية، وهي موجهة للتلميذ وهذا ما قرأته بنفسي ويشهد الله على ما أقول، تقول الملحوظة المكتوبة في كتاب مادة العلوم الصفحة (18) سنة خامسة ابتدائي: «بإمكانك الاستعانة (بالنت) أو مراجعة طبيب باطني»«.

يعني هذه الأسرة الفقيرة النقيرة عليها مراجعة النت للحصول على المعلومة هذا إذا كان لديها جهاز كمبيوتر ولديها خدمة النت، مع العلم بأنه ليس من المعقول أن تسمح الأسرة لصغير لم يتعد الثانية عشرة أن يدخل هذا العالم المليء بالغث والسمين والصح والخطأ، ولعل القارئ يفهم مغزى كليماتي.

أما الوسيلة الثانية فهي مراجعة الطبيب الباطني الذي يصعب الدخول إلى عيادته في ظروف المرض لأن «الشتي» قيمته خمسمائة ريال أو ثمانمائة في بعض العيادات. بما معناه أن تصرف الأسرة هذا المبلغ ليحصل طفلها على المعلومة من الطبيب الباطني الذي سيترك مرضاه ويتفرغ لشرح تفاصيل الجهاز الهضمي للإنسان لهذا التلميذ.

ماذا نسمي مثل هذه البدع!! التي ابتدعها واضع المنهج. لماذا لا يسهل الشرح بملخص خمس أو ست جمل وكفى المؤمنين شر القتال؟

وهل نفهم من ذلك، أن صنَّاع المنهاج قد عقدوا صفقات مربحة مع شركات (النت) ومع بعض الأطباء؟! سؤال يطرح نفسه على طاولة وزير التربية والتعليم.

ما ذكرته نقطة في بحر متاهة كبيرة لا نجدها في كتاب العلوم فقط، بل وكل الكتب المقررة من فيزياء وكيمياء ورياضيات ولغة عربية والإسلامية.. إلخ من تلك المواد التي يدوخ معها علماء.

تتكبد الأسرة مشقات كثيرة في سبيل تعليم أبنائها وتأهيلهم وإرسالهم إلى المدارس.. التي يعاني معظم مدرسيها من صعوبة المنهج، فيلجأ بعضهم إلى فرض حفظ الكتاب من ألفه إلى يائه، دون أن يكلف نفسه عناء الشرح، ربما لأنه هو بذاته لم يستوعب تلك الخرافة، ولا يستطيع التلميذ أو الطالب سؤاله، لأنه سيعنف من قبل ذلك المدرس أو ذاك.

حقيقة بعض المدرسين لا أمانة لهم أقولها وأتحدى كافة الأطقم التعليمية وإدارات التربية أن يتجرأ أحد منها على الإجابة عن ما أطرحه وسأكون شاكرة له.

وأقول للجميع إذا كانت المواد لها تخصصاتها أي لكل مادة مدرس خاص بها. فكيف هو الحال بالأسرة أن تقوم بعمله وبواجبه، بحيث يحصل ابنها على درجة النجاح.

من المستحيل أن تكون الأم أو الأب موسوعة لتلك المواد العلمية المختلفة عن بعضها البعض، بحيث تقوم بشرحها وخلال فترة الامتحانات الوجيزة، فلسنا في زمن المعجزات.

أقول لوزارة التربية والتعليم ومؤلفي المناهج التعليمية اتقوا الله وخافوه في أنفسكم.. لما تبتدعوه، فكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

وأتوجه بعتابي لثلة المدرسين المتقاعسين عن واجبهم... ولن أزيد.. عن كفى هذا التقاعس وأدوا واجبكم بذمة وبضمير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى