الجنوب يخلق عالما جديدا!

> علي هيثم الغريب:

> في ظل الحراك الجنوبي العظيم، والتضحيات الغالية التي قدمها في نضاله السلمي من أجل القضية الجنوبية يرتبط النقاش حول موضوع (كيف نتخلص من هذا الظلم والاستبداد؟) ارتباطا وثيقا بالنقاشات حول (ما الذي نبنيه في الجنوب وكيف؟.. أي ثقافة يجب أن ننتجها؟) و(هل يعتبر أهلنا في محافظات الشمال النظام الذي شيد بقوة السلاح بعد عام 94م وحدويا؟).

إن الحراك السلمي الجنوبي الشامل هو نهج موجه نحو الخلاص، وتجديد ثقافة إنساننا الجنوبي.. الخلاص من الخنوع والذل والعيش المهين، وإنتاج ثقافة التسامح والتصالح والتآخي والتضامن.. وإذا كان صحيحا أن الحراك الجنوبي السلمي هو انبعاث القيم الدينية والأخلاق والمبادئ الإنسانية، ورفض الأعراف السيئة وقانون الغاب وعنجهية الجهل والتخلف، فلابد بالذات من تفكيك هذه الثقافة ورفضها واستبدالها بثقافة التباين الإيجابي والاختلاف المشروع الذي يصب بمجموعه في إطار خدمة القضية الجنوبية.

إن برنامج الفعاليات السياسية والمدنية هو نهج موجه نحو الخلاص والتجديد، وإن التصالح والتسامح هو بالذات ما تم تشييده في كل محافظات الجنوب، والواقع يمد بسخاء كل من يريد الانضمام إلى موكب الخلاص، وإنتاج ثقافة (الوحدة الجنوبية).

لذلك فإن بعث صور التمزق والتفكك التي يروج لها الإعلام الرسمي هو أمر مستحيل.. وكما هو معروف فإن التطور الجنوبي الذي يصنعه أبناؤه يجري وفق المخطط: القضية - آلية النشاط السياسي - التركيب.. والقضية في حالتنا هي القضية الجنوبية مع تركيبتها الثلاثية (الأرض والإنسان والهوية)، وآلية النشاط السياسي هي الفعاليات السياسية التي تضم كل شرائح المجتمع (مواطنين، تجار، ومستثمرين، فروع أحزاب، منظمات المجتمع المدني، مجلس تنسيق العسكريين والمدنيين، التصالح والتسامح، الشباب والعاطلين عن العمل، الجمعيات الزراعية، التجمعات العمالية وغيرها).

ومن فحوى النشاط السلمي والعمل الجماعي بروح تضامنية تنجم حتما ضرورة التركيبة السياسية والمدنية بحال جديدة نوعيا، فكما يمد رقاص الساعة حتما في حركته المنتظمة بنقطة التوازن يمد تطور الجنوب بنقطة التركيب الجديدة.. وفي هذه الحالة فقط يمكن التحدث عن القضية الجنوبية وليس عن محاولة يائسة جديدة لترميم وحدة 1994.

وإن العمل لتكوين مثل هذا الإطار الجنوبي قادر على إلهام فئات المجتمع الواسعة وأحزابه وممثليه السياسيين والمدنيين، وقد يتساءل المرتابون: ولكن أين يمكن البحث عن الأفكار والنموذج للتطور الجنوبي أفي رأس عبقري أم كيف؟ وأقول لا، إنها تتجلى وبالأحرى تظهر في باطن الحراك السياسي الجنوبي السلمي، وتتراءى هناك في تركيبة المجتمع، وفي عنفوان حراكه اليومي، وفوق الأرض التي ولد الجنوبيون عليها، وحيث سالت دماء الشهداء والجرحى.. هنا فقط يتكون الإطار الجنوبي الجديد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى