مدد يا وزارة الإعلام .. مدد

> د. هشام محسن السقاف:

> انتكاسة الإعلام الرسمي تحسب لمن يلهث خارج تيار الزمن مستعيدا ذكريات سوداء من ثمانينات القرن الماضي. ليس الأمر بتحديث آليات الصوت والصورة والكلمة، بقدر ما هو في حجم الحرية الممنوحة التي تضيق كسَمِّ الخياط لتلج منه المارشات العسكرية وصورة الزعيم الضرورة التي ليس من الضرورة أن تفيد أي نظام في الدنيا وكائناً من كان على رأسه.

ومن هذه التقديرات تظهر صورة الوزير المتفاني في أكبر حيز وبتعمد مضحك في نشرات الأخبار والتقارير الأخرى طالما الموظف عبداً لسيده.

إنه اختزال مهين لإبداعات ومقدرات مئات الموظفين في هذا القطاع الذين بإمكانهم وبنسق من الحرية المكفولة أن يضاهوا آخرين في الدنيا تجاوزا هذا السخام الأسود الذي يبث في غير زمانه.

إنه إهدار للجهد والمال العام، في الوقت الذي يقبع موظفو الإعلام في آخر سلالم الاستفادة منه، بينما يجني الأرباح الحرام آخرون بدرجات متفاوتة تبرز مباذلها فيما أبرزته «الأيام» عن ذلك المسؤول الإعلامي الذي يوزع الأموال على موظفي مؤسسة إعلامية عريقة في عدن من خلال نافذة سيارته الفارهة في الشارع في صورة مهينة لحال الإعلام في الوطن.

الفتح المبين يأتي على هيئة وعيد للأقلام الحرة بالقصف، وإن الأخ الوزير لن يقف مكتوف اليدين، وأحسب أن (الملكية التي تفوق الملك) وبال عظيم يلتاث لها بعض المحسوبين على الثقافة والأدب. تقول الأخت الكاتبة أنيسة محمد علي عثمان في الزميلة «الوسط»:«يا معالي الوزير أتظن أنك بتهديدك ووعيدك سوف تسكتنا، وأن تهديدك هذا سوف يحمي السلطة، إنك بما قلته تعجل بزوال السلطة؟!» 30 يناير 2008 ص 5. ويقول عضو بمجلس النواب عن الحزب الحاكم في المعنى ذاته: «بإمكان المتتبع العادي، قبل الخبير، لأحوال السياسة في اليمن أن يلحظ تراجعاً في المعنى والمبنى للممارسة الديمقراطية السلمية، وذلك لصالح إيماءات العروض العسكرية المبثوثة عبر شاشات التلفاز، والأفعال وردودها المتشنجة البعيدة عن التقاليد والأعراف الديمقراطية» الزميل د. عبدالباري دغيش، «الأيام» 31 يناير 2008 الصفحة الأخيرة.

وأجزم أن هناك مجالاً لإصلاح أي سلطة أصابها الفساد وأحاطها من كل جانب، إذا تساقطت رموز البطانة الفاسدة من حول الحاكم، واستعيض عنها بتكنوقراط يؤدي وظيفته من وحي الاستشارة والتصويب والقراءة الصائبة للأوضاع، على طريق البناء الديمقراطي المؤسسي للدولة.

تستدعي النيابة رئيس تحرير صحيفة «الأيام» والزميل رئيس تحرير «الطريق» وهو أمر ليس بالجديد في بلد الحرية فيه شعارات براقة ليس إلا. وفي حين يكون الأول عرضة للسباب والشتم والقذف من منشورات تطبع في مطابع الإعلام وبتمويل من جهات وأجهزة ليست خافية على أحد، الغرض المبيت والظاهر لجم صوت من أصوات الحرية في زمن الكبت، يتعرض الزميل أيمن محمد ناصر لمضايقات شتى ليس آخرها تهشيم زجاج سيارته في محاولة للإرهاب الفكري وتكميم الأفواه بحيث لا يبقى إلا الصوت الواحد الذي جربه شعبنا زمناً طويلاً قبل الوحدة.

إن الأمر يستدعي مراجعة سريعة لوضع الحرية الصحفية والفكرية وحقوق الإنسان التي تنتهك، في ظل إصلاح حقيقي شامل أدواته غير الأدوات الملوثة، بحيث نعيد الثقة ونبي جسورها في وطن يتداعي من غير جهة بسبب السياسات الخاطئة والفساد الذي أصبح سلطة قائمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى