نسف (حضرموت..!!)

> علي الكثيري:

> ثمة خطر داهم يتهددنا جميعا، أفصحت عنه بوضوح مشاهد ذاك الاعتداء الإرهابي الدموي المدان التي جرت وقائعها ظهيرة الجمعة 18 يناير 2008م بمديرية دوعن محافظة حضرموت، واستهدفت موكبا للسياح البلجيكيين ومرافقيهم اليمنيين، ذلك أنها مشاهد مرعبة لواقعة غريبة ومستهجنة، لم تشهد لها حضرموت مثيلا، بحيث أضحت بكل تفاصيلها أول استهداف عنيف ودام لزائرين أوسياح أجانب، في أرض ظلت على مدار العقود والقرون مصدرا للسماحة والوئام والتعايش، وظلت تزدهي بكونها الحاضنة الأبرز لألق أشهر مدرسة من مدارس الإسلام السمح، وهي مدرسة (تريم حضرموت) التي كان لورع علمائها الأنقياء الاتقياء الصادقين، الدور الأفعل في نشر نورانية الإسلام في أصقاع مختلفة من جنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا، وهداية الملايين من شعوب تلك البلدان إلى نور الإسلام وسراطه القويم، دون إكراه أو عنف أو تهديد، بل بالحكمة والموعظة الحسنة والتعايش الإيجابي المثمر.

نعم، لقد حملت جريمة الاعتداء الإرهابي تلك رسائل مخيفة ينبغي على الجميع في حضرموت خصوصا واليمن عموما، قراءتها بجدية وبوعي استثنائيَين، ولعل الأهم والأخطر بين تلك الرسائل، تلك التي نراها منطوية على تهديد فعلي ينسف ما ترسخ في حضرموت على مدار أزمنه متعاقبة، من مداميك للاعتدال والوسطية الإسلامية، ومن التزام إيماني بالمفاهيم الصحيحة لأصول الدين، وبالذات تلك المرتكزة أساسا على المحبة والتراحم والسماحة وصيانة الكليات الخمس (الدين والنفس والعرض والمال - إلا بحقه - والعقل)، فضلا عن القدرة على التعامل والتعايش، مع الغير، والاستيعاب الأمثل للعلوم التجريبية والكونية وللفكر الإنساني والقيم الأخلاقية، وهي حالة خطيرة يمكن أن تهوي بحضرموت في مجاهل مدمرة للاستقرار والطمأنينة والنماء والوئام، إذا لم يتم التصدي السريع والواعي لها، ولعل ما يعزز الخوف من تلك الحالة، أن هناك الكثير من الوقائع الدالة على نمو وإنشاء بعض التيارات والاتجاهات ذات النزوع التكفيري المتطرف الضال في مدن حضرموت ووديانها وهضابها، واشتداد تغلغلها وتأثيرها في أوساط الشباب، مستفيدة في ذلك مما يعانيه هؤلاء نتيجة للأزمات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويكفي للدلالة على ذلك الإشارة إلى تزايد أعداد الشباب الذين يتم تجنيدهم وترحيلهم من حضرموت للانضمام إلى (المجاهدين) في العراق وغيرها من البلدان، ففي كل هذا وذاك ما يدعو إلى رفع درجات القلق والفزع، على النحو الذي يوجب الاستنفار والتحرك الحاسم والفاعل الذي يقطع دابر الفتن، ويحفظ لحضرموت ولمدرستها الإسلامية السمحة وهج فاعليتها، وألق دورها التاريخي في مضامير خدمة الإسلام الحنيف ونشر نورانيته وإعلاء رايته.

والله الموفق من قبل ومن بعد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى