في فعالية حول الشراكة في التنمية والقرار.. جدل حول منظمات المجتمع المدني ووجوب الترخيص من عدمه

> صنعاء «الأيام» بشرى العامري/أنيس منصور:

>
من المقرر ان تختتم اليوم في صنعاء فعاليات مؤتمر «حرية المجتمع المدني» التي بدأت يوم السبت 2 فبراير الجاري تحت شعار «شركاء في التنمية شركاء في القرار» ونظمتها منظمة (صحفيات بلا قيود) بالشراكة مع المعهد الدنماركي لحقوق الإنسان، المدرسة الديمقراطية، الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود)، مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، المرصد اليمني لحقوق الإنسان، المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية.

الترخيص شهادة قانونية وليس قيداً

وكان الأخ علي صالح عبدالله، وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قد ألقى كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، استعرض فيها المواد القانونية التي تنظم طريقة ؤشهار منظمات المجتمع المدني في الجمهورية اليمنية.

المحامي الآنسي:الدستور انتزع أي سلطة للحكومة وجعل منظمات المجتمع المدني شريكا كفؤا لها

راين: المنظمات المحلية التي تعمل في قضايا مجتمعية أو إنسانية تعفى من الحصول على الترخيص

ايكنبرج: للمواطنين الحق في تأسيس منظمة وتنظيم أنفسهم للمساهمة في التطور والتنمية

وقال: «الترخيص هو شهادة قانونية وليس قيدا وهو مرحلة أخيرة لإضفاء الطابع القانوني لعمل هذه المنظمات لا غير»، مشيرا إلى «أن هناك اتفاقا مع عدد كبير من منظمات المجتمع المدني على الاكتفاء بشهادة تسجيل على أن تقوم هذه المنظمات بتقديم المعلومات والتقارير بصورة تلقائية إلى الجهات المختصة التي سيحددها القانون».

وحول رؤية القانون لقضية التسجيل والترخيص لمنظمات المجتمع المدني أشار المحامي خالد الآنسي المدير التنفيذي لمنظمة (هود) إلى أن دستور الجمهورية كان واضحا في مصدر المشروعية وما الذي يسري على منظمات المجتمع المدني، وقال:«إن الدستور انتزع أي سلطة للحكومة وجعل منظمات المجتمع المدني شريكاً كفؤاً لها، حيث أعطى الدستور المواطنين الحق في تنظيم أنفسهم سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا بما لا يتعارض مع أهداف الدستور، ولم يوكل لأي جهة، فالأفراد والمؤسسون لمنظمات المجتمع المدني هم الذين يستقلون بمسألة تنظيم شؤونهم وتحديد أهدافهم ولا توجد أي سلطة عليهم إلا سلطة القضاء».

وأوضح الآنسي أن العمل المدني هو نوع من العمل الطوعي لأفراد رأوا أن يحملوا أنفسهم أعباء عامة لمصلحة المجتمع، مشيرا إلى أن الفكرة من قضية الإشهار هي أن الشخصية الاعتبارية للمنظمة تنشأ من تاريخ الإشهار ويصبح هناك فرد أو أفراد مسؤولون عن هذه المنظمة.

أما السيد فليكس ايكنبرج، من مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية فقد أكد على ضرورة النظر لهذه القضية من زاويتين وهما: للمواطنين الحق في تأسيس منظمة وتنظيم أنفسهم ومن جانب آخر كلما كان هناك المزيد من الناس في تنظيم أنفسهم كان هناك مزيد من المساهمة في الحياة الاجتماعية وفي التطور والتنمية.

وقال:«أعتقد أن اليمن قد اتخذت خطوات في هذا الاتجاه ولا ينبغي لنا أن نلزم أنفسنا بالجانب القانوني ولو كان مهما جدا وينبغي أن نشجع المزيد من الناس في حياة مدنية نشطة وهذا لا يعني أن نطلب أي قيود على هذا الحق وهذا المطلب».

إلى ذلك تحدث السيد راين كليها الناطق الرسمي باسم السفارة الأمريكية والملحق الثقافي الأمريكي في اليمن، مشيرا إلى أنه ينبغي أن يكون تأسيس المنظمات الدولية غير الحكومية والتي تعمل سياسيا مشروطا بالحصول على ترخيص أو تسجيل فيما تعفى المنظمات المحلية التي تعمل في قضايا مجتمعية أو إنسانية من ضرورة الحصول على الترخيص.

بموجب القانون الدولي لا يوجد أي قيود على العمل الطوعي

وأوضح د.كريم بيار، مسؤول الشرق الأوسط لحقوق الإنسان في المعهد الدنماركي أنه بموجب القانون الدولي لا يوجد أي قيود «لأن هذا عمل طوعي وهناك جزء من المسؤوليات المحددة التي تقع على عاتقها وللمنظمة الحق في أن تسجل نفسها».

نفتقر للمعلومات وخاصة لمنظمات المجتمع المدني

وعن حق المنظمات في المجتمع المدني في الحصول على المعلومات تحدثت المحامية عفراء حريري، من مركز الإغاثة لرعاية المرأة، عن أهمية الحصول على المعلومات وخاصة لمنظمات المجتمعات المدني على الأقل لممارسة أنشطة بسيطة تهم المجتمع.

وقالت:«لكن هذا حق غير موجود بدليل أن الأنشطة المهمة التي تتعلق بقضايا تخص حقوق الناس نجدها غائبة».

المنظمات غير الحكومية أكثر نشاطاً من المنظمات الرسمية

وعن منع السلطات منظمات المجتمع المدني من امتلاك وسائل إعلام مرئية ومسموعة ومقروءة أشار الدكتور محمد المخلافي رئيس المرصد اليمني للدفاع عن الحقوق والحريات إلى «أن المنظمات غير الحكومية اليوم هي أكثر نشاطا من المنظمات الرسمية والحكومية وهي ليست ضخمة وإنما نوعية تمارس مهام مهمة يجب أن تستطيع إيصال رسالتها إلى كل شرائح المجتمع وهذا لا يمكن لها إلا عبر امتلاك وسائل إعلامية مختلفة».

وقال د.المخلافي:«في اليمن حتى الآن لم يعترف بحق امتلاك وسائل الأعلام كوسائل التعبئة المختلفة ومازالت مقصورة على حق امتلاك الصحف فقط وهو حق مقيد وهو أحد المطالب التي نسعى من خلالها لأن يوجد تشجيع يشمل الحق في الحصول على وسائل الإعلام المختلفة».

وفي هذا الصدد أوضح وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل علي صالح عبدالله «أن المجتمع المدني اليمني في طور التجربة ولم نعش حتى الآن المجتمع المدني الذي نريده».

وقال :«نحن نعتبر منظمات المجتمع المدني شريكا للدولة وتجاوزنا بمسافة واسعة وكبيرة نظرية المؤامرة والتشكيك بالآخر، وفي الأنظمة الأساسية لهذه المنظمات هناك مساحة في النظام تقول من حقها أن تصدر دورياتها ونشراتها الإعلامية وأن تعمل بإطار نشاطها وبحدود المهام والوظائف في النظم الأساسية التي صادقت عليها الجمعية العمومية للمنظمات».

إدارة التخطيط مفتوحة لأي منظمات محلية أو دولية للحصول على المعلومة

أما م.هشام شرف، وكيل أول وزارة التخطيط والتعاون الدولي، فقد قال حول قضية الحصول على المعلومة:«نحن في وزارة التخطيط أي معلومة تريدها أي منظمة محلية أو أجنبية سنوفرها لها ولا يوجد شيء سر والمعلومة ليست محجوبة أبداً وموجودة لمن يبحث عنها».

وأضاف: «نحن في بداية سياسية ناجحة لبناء مجتمع ديمقراطي ومنظمات غير حكومية».

ووجه حديثه للحاضرين من مختلف منظمات المجتمع المدني والإعلاميين والمهتمين قائلا: «نحن في الدولة أي معلومة تريدونها تجدونها في مواقعنا وفي منشوراتنا ووزاراتنا وإذا لم تجدوها فاطلبوها منا وإذا حجبنانا تحدثوا عن ذلك في وسائلكم الإعلامية».

وفي هذا الصدد أيضاً أوضح المحامي خالد الآنسي أن الحكومة «هي أحد مكونات الدولة، والمجتمع المدني مكون آخر لها، ولكن مشكلتنا في العالم العربي أن الحكومة ترى نفسها أنها هي الدولة التي بلغت حد الكمال لتتحول إلى وسيط تهتم بمصلحة الوطن وهذا هو الخطاب الذي نسمعه بشكل دائم».

وقال:«إذا احتكمنا إلى هذه التشريعات الحالية التي تعيق حق امتلاك وسائل الإعلام التي وضعتها هذه الحكومة وصادقت عليها أغلبية كتلة البرلمان، هذه التشريعات تعطي لمنظمات المجتمع المدني حق امتلاك الوسائل الاقتصادية التي تحقق أهدافها وأنشطتها بما في ذلك حق امتلاك وسائل الإعلام»، مؤكدا «أن المجتمع المدني كمكون من مكونات الدولة له الحق في أن يصل إلى الجمهور بواسطة الأخبار».

وأشار الآنسي إلى أن الحق في الحصول على معلومات إشكالية بحد ذاتها «فلدينا مجتمع غير منظم وحكومة غير منظمة وأحيانا لا تتوفر المعلومات في الحكومة وهناك معلومات مغيبة»، واستدل بما تنشره الجريدة الرسمية عن الاتفاقيات التي تصادق عليها الحكومة اليمنية «فالمفترض أن تنشر كل بنود هذه الاتفاقيات ولكن نجد خبر المصادقة بينما نص الاتفاقية لا ينشر وعندما تحدث ترقيات للقيادات الأمنية والعسكرية تحتل مناصب مدنية وينشر خبر تم ترقية عدد كذا من ضباط المخابرات ولا تنشر أسماؤهم حتى لا يعرف الناس أن هناك شخصيات عسكرية وأمنية تحتل مواقع مدنية وهذا تغييب للمعلومات».

وعن حق التملك للاستثمار أوضح السيد فليكس أن هذا متعلق بالمصادر المالية «وكل مؤسسة تحتاج إلى مصادر مالية من خلال مساهمة أحد أعضائها أو من الدولة أو المانحين أو مؤسسات أو أفراد أجانب أو وطنيين وما إلى ذلك».

وقال:«في اعتقادي طالما الغرض ليس فقط الممارسة التجارية والحصول على الربح المادي فلا ضير في هذه الممارسة».

وعن الحق في التعبير عن الرأي بتنظيم الاعتصامات والاحتجاجات السلمية أشارت المحامية عفراء حريري إلى «أن الدولة لا تسمح بممارسة الاعتصامات السلمية ولم تسمح بتنظيم المؤسسات والمجتمع المدني اعتصامات سلمية وقامت بعملية وصاية ومنع وما إلى ذلك».

تأسيس المنظمات يفترض أن يكون حراً

وصرحت المحامية اللبنانية ماري غنطوس من جمعية الدفاع عن الحقوق والحريات «أنه من المفترض أن يكون تأسيس الجمعيات حراً ويكون تسجيل المنظمة كبقية الأعمال التجارية كإيجاد سجل ولا يمنع هذا الحكومة من الرقابة على هذه المنظمات لفترة لاحقة لتأسيس الجمعية وليس سابقة».

ننشئ منظمات مجتمع مدني في بيئة غير مدنية بالكامل

وقال الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني د. ياسين سعيد نعمان:«نحن ننشئ منظمات مجتمع مدني في بيئة غير مدنية بالكامل والتسجيل لا يعني اعترافا ولكن التسجيل بمفهوم الإشهار يمكن أن يكون في مرحلة معينة إذا ما أنشأت في سياق نشاطها علاقات ذات طابع قانوني مع مؤسسات أخرى ولا يعني التسجيل هنا انتظار اعتراف بمؤسسة حقوق معينة وبالتالي لا يفترض لما ورد في الدستور من حق يسري على كل فرد في المجتمع بإنشاء منظمات سياسية وثقافية واجتماعية وكان يفترض أن ينظم هذا الموضوع بقانون وهذا القانون إذا هو موجود يجب أن يطرح للبحث ومعرفة أين الخطأ فيه». وأضاف قائلا: «نحن في الأحزاب عندما نقدم أنفسنا كمنظمات مجتمع مدني لا يعترف الآخرون بنا كمنظمات مجتمع مدني حتى ننال ما ينالونه من حقوق وحريات ونحن أكثر أنظمة في هذا المجتمع نتعرض للتعسف ولدينا لجنة للأحزاب تراقب كل سكنات وحركات الأحزاب وعلينا ان نتساءل أين نحن كأحزاب من المطالبة بهذه الحريات؟».

وعن قضية تمويل منظمات المجتمع المدني وأخذ الإذن والإشعار المسبق من الجهات الحكومية تحدث م.هشام شرف وكيل وزارة التخطيط قائلا: «نحن لسنا الدولة الوحيدة في العالم التي توجب الإفصاح عن أي تمويل خارجي لأي منظمة محلية لسبب بسيط حيث إنه قبل أحداث 11 سبتمبر كان هناك تساهل كبير وشبه مرونة مطلقة ولكن بعد هذه الأحداث وهو ما يطبق على العالم كله أن أي تمويل أموال أو ضخ الأموال لمنظمات المجتمع المدني لابد أن يصرح عنه للمنظمات الحكومية تنفيذا لمبدأ الشفافية، ولكن الكثير للأسف من المنظمات تأخذ بعض المنح دون إعلام مسبق ونحن في وزارة التخطيط مسؤولون عن منظمات غير حكومية أجنبية وننظم علاقتها بالمنظمات غير الحكومية محلية أو غير محلية».

وأضاف:«فيما يتعلق بالسفارات والمنظمات الأجنبية الحكومية وتعاونها مع المنظمات غير الحكومية اليمنية نتوقع من هذه الجهات أن تخبرنا بما تنوي أن تقدمه لهذه المنظمات ولكن ما يحصل أن هذه المنظمات تستلم مبالغ دون الرجوع إلينا أو إعطائنا أي معلومة والإفصاح عن هذا التمويل».

وقال الأخ علي صالح عبدالله:«إن المشرع اليمني قد استطاع أن يصوغ معادلة متوازنة فيما يخص علاقة السلطة بمنظمات المجتمع المدني من ناحية التمويل فقد أعطاها الحق في التواصل مباشرة لأخذ التمويل من أي سفارة أو جهة أجنبية بعلم الوزارة»، وتساءل عما يضير هذه المنظمات «من تبليغ وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عن هذه التحويلات وعدم شفافيتها في ذلك بالرغم من مطالبتها بالشفافية في الأمور الأخرى، وفي نهاية العام عندما يأتي ممثل المنظمة ليجدد التصريح نقول له لو سمحت قدم لنا التقرير عن النشاط والمعلومات الخاصة بالتمويل لنعطيك تجديد التصريح وهذه هي أهمية التصريح».

وأوضح الناطق الأمريكي راين كليها في هذا الصدد قائلا:«لدينا برنامج مبادرة الشراكة الشرق أوسطية ونمول كثيراً من البرامج في أكثر من بلد ولكل بلد شروطه المختلفة وهناك تعاون مباشر بين السفارة الأمريكية وبين هذه المنظمات ونراها عادة أقرب إلى الناس وتكون أفضل من الحكومة في بعض الأنشطة». ودعا إلى أهمية الشفافية وأكد أن السفارة الأمريكية لا تخفي أي تمويل لأي جهة كانت.

كذلك دعا أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني د. ياسين سعيد نعمان الحكومة «إلى تغيير نظرتها تجاه منظمات المجتمع المدني وتجاه الأحزاب حتى يستطيع المجتمع نفسه بمؤسساته وشركاته النهوض بهذه المنظمات».

وقال:«هناك خوف من الناس وهناك فجوة قائمة لأن الحكومة غير راضية عن هذه المنظمات وبالتالي لا يتعاملون معها».

كما طرح في أثناء النقاش العديد من المقترحات والرؤى لقانون منظمات المجتمع المدني المقترح تعديله خلال الفترة القادمة بما يخدم المجتمع.

وفي اليوم التالي تم مناقشة المعايير الدولية لحرية المجتمع المدني من قبل د.كريم بيار، كما قدمت د.ماري غانطوس قراءة تقييمية للقوانين العربية الخاصة بالجمعيات والمؤسسات الأهلية وقدمت دراسة مقارنة في لبنان والمغرب.

وقام د.محمد المخلافي بتقديم قراءة تقييمية لقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية اليمنية. واستعرض وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رؤية الوزارة للتعديلات على قانون المؤسسات والجمعيات الأهلية رقم 1 لسنة 2001.

وقدم المحامي خالد الآنسي مسودة لمشروع قانون منظمات المجتمع المدني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى