كفى مغامرات وعبثية!

> قائد دربان:

> الواقع الذي نعيشه اليوم تجاوز بمساوئه المدى على كل الأصعدة، ويتوجب القول صراحة أن الذين يكابدون مشقات هذا الواقع الرديء جداً ضاق بهم الاصطبار ولم يعد بالوسع تقبل المزيد من الاستهتار السلطوي وبخاصة إزاء القضايا المعيشية، فلقد بلغ ضيق الناس المنحدر الخطير الذي يصعب معه تقبل المزيد من الدناءة السياسية وضخ الأكاذيب لإجبارهم على تحمل مابهم مدة أطول.

إن التقدير هنا سيكون أكثر من غبي إذا راود المتسلطين التفكير باتباع طريقة التخدير الموضعي في الأنحاء الفاعلة، لشل حيوية الرفض المتنامي الذي نرى منه في هذه الأيام (بروفات)، حيث يجري الانتقاء وبعناية لأفراد ينتمون إلى المناطق الأشد اضطراما بالغضب في أنحاء الجنوب وتسنيمهم المناصب لبلوغ مقاصد وغايات هي أبعد أن تحقق لهم، لأن هؤلاء الأفراد وإن كنا نكن للبعض منهم الاحترام إلا أننا في واقع الأمر لسنا في جيب أحد.

فموجز القضية يكمن في رفع المعاناة عن الجميع لا البحث عن كبير القوم ليشبع من مأدبة المتسلطين ويتجشأ ويشكرهم بالإنابة عن الجموع المتهصرة بالجوع.

فمثل هكذا طريقة وإن حققت للسلطة نجاحا في مكان ما فإن تكرارها على واقع مغاير لن تنتج إلا أفعالا معاكسة تماما على أوسع نطاق عند الذين لفظوها زمان، وستكون بمثابة بداية الانكماش لها في المساحة المستهدفة، طالما الناس وعوا جيدا خبث نوايا النظام الذي ينشد في المقام الأول تجهيلهم وإنعاش مفاهيم الأمس البائد وتحقيق التشرذم المجتمعي الذي يخدم أنفسهم، طالما ذلك يخدم شروط استمرار الهيمنة، والحري التذكير به.

إن مثل هذا التوجه السلطوي المعاكس لمنطق التطور سوف ينحسر ويطوق في أمكنة الرفض وسيمتد التأثير لامحالة إلى الوسط الذي تظنه (مبرمجا) وغير قابل للتناغم مع المعرفة، وهذه حتمية ستفرضها متغيرات عصرية، زمامها ليس بأيدي الحكام شاءوا أم أبوا، ولنا في تاريخ الأنظمة الاستبدادية المنقرضة الشيء الكثير من العبر والدروس. نتمنى من النظام القائم أن يتملى ويمعن فيها ما أمكن لتفادي غير المتوقع الذي يحدث دائما.

فكما نظن فإنه لايزال ممكنا أمام الحكام للإقلاع عن قوة العادة المدمرة، واتباع النهج النبيل في التعاطي مع الوقائع أساسه الحل الشامل للمشاكل القائمة وبناء الدولة بطرائق مؤسسية وعصرية.

وكفى مغامرات وعبثية، فالوطن لايحتمل المزيد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى