هل للضمير مكان في قلوبنا؟

> «الأيام» محمد علي الجنيدي :

> لا أعلم إن كان يصح لي أن أشمل بتساؤلي هذا جميع أطياف الناس في مجتمعنا أم لايحق لي، وإن كان لايحق لي فما معنى مانراه ونشهده من انعدام الضمير والتجرد من القيم النبيلة، والخلو من الأخلاق الحميدة وعدم الاكتراث للعلاقات الوثيقة؟ وقد يصل الأمر إلى التغافل عن شرائع الديانات السماوية والأعراف الإسلامية.

إن الله جل جلاله قد ميزنا عن سائر مخلوقاته بعقل نهتدي به إلى الطريق الصحيح، نفرق به بين الخطأ والصواب والحق والباطل، وقلب تفيض منه المحبة والمودة والتضحية والرأفة والرحمة والهناء والعطاء، وتتفجر منه المشاعر والأحاسيس الجياشة الشجية التي تزرع الصداقات الوفية وتنمي العلاقات الوثيقة، وتولد بين أطياف البشر المؤاخاة وتنبذ التفرقة والتمييز وترفض الكراهية والبغضاء، وتتبرأ من الأحقاد والحسد، وتأبى المكابرة والاستعلاء وحب الذات، تلك هي قلوب من رحمهم الله، نحن بمنأى عن تلك القلوب الرحيمة والضمائر الحية، ومجردون منها.

قد يعاتبني البعض مما أبديته، ولكن كثيرا منهم يوافقني الرأي فيما قلته في ظل ما نشاهده في مجتمعاتنا وفي المرافق والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية من غطرسة وهيمنة وإذلال واستغلال النفوذ والمكابرة والاستعلاء فوق الناس، فالمدراء لم يسلم من شرهم العمال، والعمال لم يسلم من غيهم المواطنون، وكأن المجتمع كله من أساسه إلى رأسه يقبع تحت مظلة الفساد، وغارق في بحور الجور، ويهوى غطرسة الآمر على المأمور، وبات الجميع معنيين بذلك، وكأننا في بلاد استشرى فيها وباء معدٍ، ينتقل من جماعة إلى أخرى، ومن شخص إلى آخر، وبصورة لاتتصورها المخيلة، فالصالحون سرعان مايتهاوون أمام إغواء وإغراء الفاسدين، والضعفاء باتوا لقمة سائغة أمام جبروت الملحدين، والمجتمع بأكمله بات مستهدفا للانضمام إلى مصاف الخارجين عن القانون، وضمن قائمة القلوب المتحجرة.

إن المستجدات التي تطرأ على المجتمع تضعنا أمام عدة تساؤلات، من بينها أسباب وجود تلك الظواهر المشينة، وهل لغياب النظام وسطوة القانون وعقم الأجهزة الرقابية دور في ذلك؟

إن مانأسف له اليوم أن اليمن بات حقلا خصبا توزع فيه صكوك الفساد والإفساد، وتصرف فيه أوسمة الظلم والنهب، بل إن مايزيدنا أسفا وتوجعا أن نرى المجتمع بأكمله مشاركا ومساهما في زراعة وتوسعة ذلك الحقل الفاسد، ولم يعد هناك متسع في قلوبنا للضمائر الحية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى