الشامخ بأنفه فوق الدولة

> سعيد عولقي:

> قصص الناس اللي يشوفوا نفوسهم كبار، ويتصرفون بجلافة وعجرفة وعواجة وقلة أدب وأخلاق، كثيرة ومن كثر ما تناولتها الأقلام أصبحت ثقيلة الدم والظل على المداد والورق وعلى الكاتب والقارئ!

نحن هنا مع نوع من البشر لايعرفون اللياقة ولا التصرف بطريقة حضارية، وكأنهم يشتوا يقولوا لنا إنه الضوابط والقوانين وحتى الأعراف التي نتمسك بها كملاذ أخير من جورهم وعجرفتهم ما تمشيش عليهم، وإنهم فوق القانون وفوق كل من لا حول له إلا عدالة القانون.. وعدل الدولة.. ومادام مافيش لا هذا ولا ذاك فاللي يشوف نفسه زاجي يتقدم، وقديما قالوا (الزجأ غلاب).

أنا أعرف، وأعرف أنكم تعرفون أن بلادنا مليئة بهذه السمبلات من البشر، وأنهم يترندعون ويبرطعون في هذه البلاد دون أن يقول لهم أحد بس.. قف عندك!! أو كأنهم يتصرفون مسبقا وكأن معهم الترخيص مفتوح، يزبطوا ويربطوا فينهبوا ويسلبوا ويخرجوا بعد كل ما يفعلون مثل الشعرة من العجين وده ليش؟ لأنهم يرسخون الهمجية.. فلا قانون ولا شرطة تردعهم ولا مجتمع مدني يعترفون به ولا سلطة محلية يعملون حساب لها.. هذا كلام كله معروف، ووقائعه تملأ صفحات الجرايد.. وأبطاله هم هذا النوع من الأبطال.. أبطال الهمجية.

نحنا مانشتيش نذكر أسامي، ولا نحدد وقائع بعينها، ولكن الأسماء والوقائع والأشياء موجودة إذا كانت لها حاجة.. لكن نحنا نفهم أنه مافيش لها حاجة طالما أن السلطة نفسها تشجع هذا النوع، وكل نوع من أنواع الهمجية، وتعتبرها الهمجية الخلاقة، مثلها مثل الفوضى الخلاقة، مع أنه لا الأولى صحيحة ولها أصل ولا الثانية بالمثل.. وزي ما قلت بدون ما نذكر أسامي أحد سنكتفي بالواقعة الأخيرة التي تندرج تحت بند هذه الهمجية.. فلقد جاء إلي بعض الأشخاص (أظن أحدهم من المجلس المحلي للمحافظة) بحكاية تعامل تجاري بين مرفق أحدهم وبين إحدى الشركات أو الوكالات، يصل هذا التعامل إلى مبالغ طائلة، وفي هذه المرة قال لي إن الخلاف كان على فئات الألوف، وإنه بذل كل المساعي ووسط كثير من الناس لتصحيح أي خطأ لتعود المعاملات مثلما كانت، ويا دار ما دخلك شر، زيما يقولوا، مافيش داعي للقضايا والمحاكم، لأن الصلح خير، لكن الأخ المحترم البطل صاحب الشركة رفع رأسه وشمخ بأنفه إلى أعلى وقطع الطريق على أي وسيلة ودية للصلح وتسوية المسألة.. الجماعة كما يقول لي المعني بالأمر منهم لجأوا إلى الشرطة، وشرح المعني بالأمر للمسئولين هناك ما جرى من طقطق لسلامو عليكم.. وقال إن الشرطة أعطته استدعاء للطرف الثاني الذي هو صاحبنا الشامخ بأنفه، بكل برود رفض الأخ البطل الشامخ أمر الشرطة، وكانت الشرطة تشتي تمشي حسب الأصول على النظام والقانون فأحالوا المسألة إلى النيابة لأنها هي المخولة بإصدار أوامر الحضور، ولازم الجميع يمشي حسب الأصول على القانون.

ويواصل الأخ صاحب العنية (يعني المعني بالأمر) كلامه قائلا: إنهم بعد ذلك أبلغوا الطرف الثاني الذي هو صاحب الشركة أو الوكالة بأن لديهم أمر حضور من النيابة العامة، ومع ذلك فهم على استعداد للتفاهم بدون تطويل للمسألة. قال صاحبنا بنفس شموخ الأنف كلمة قاطعة زي السيف: «ماشي»، ورفض الصلح ورفض الذهاب إلى النيابة.. قال صاحب العنية: نحن حتى المجلس المحلي رحنا لهم وحاولنا معهم وطلبنا منهم التدخل بأي طريقة يرونها مناسبة لإنهاء المسألة بيننا وبين صاحب هذه الشركة أو الوكالة، ولكن للأسف حتى هذا المجهود ذهب هباء.. ولم نخرج بأي نتيجة، ومايزال صاحب الوكالة أو الشركة متمسك برأية، وعلى عيوننا وعيون أكبر كبير، فشلنا مع كل الجهات في تحصيل حقنا منه ولم نخرج بشيء.. بالله عليك كيف تشوف؟ ألا يدل هذا على أن هذا الشخص المتنفذ أقوى من الشرطة ومن النيابة ومن القانون ومن السلطة المحلية ومن.. ومن النظام كله.. بل أكاد أقول إنه هو النظام!!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى