الخوف من الديمقراطية .. جذر المشكلة !!

> بدر الشيباني:

> بالنظر إلى مجمل القضايا التي شملت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية تفرض بالضرورة قراءة الواقع بعقلانية وبروح العصر، والتطلع للمستقبل برؤية تتصف سمتها الأساسية بالوطنية، نتجاوز فيها الانحياز والخلافات التي لا تخدم مصالح الشعب عماد التنمية والازدهار لاستخلاص المعالجات الصائبة، وتحديد الأسباب والعوامل الجوهرية التي ساعدت على تنامي ما آلت إليه الأوضاع وما ستؤول إليه مستقبلاً، والتي تؤكدها معطيات (المؤشرات) إلى بقائها، بل إلى تصاعدها بمزيد من المطالب والاحتياجات الضرورية للمواطنين التي نستخلصها من الثوابت الوطنية المتمثلة بأهداف ومبادئ الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر، والمضامين الوطنية الملبية لتطلعات الشعب اليمني، وإلهاماً في وحدته وتلاحم قواه الوطنية للنضال تحت راياتها، للحرية، وإقامة حكم جمهوري عادل، وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات، ورفع مستوى الشعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً، وإنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل، وتحقيق الوحدة الوطنية، وبناء جيش وطني، التي جرى إفراغها والتراجع عنها تدريجياً في أحكام الدستور والقوانين النافذة، وشكلت جذور المشكلات وجوهر الأسباب تأتي من هنا:

1- الخوف والديمقراطية سمتان متناقضتان لا تلتقيان أبداً، وهما اللتان تشكلان المحور الرئيس الذي تكمن فيه المشكلات وأسباب نشوئها وتفاقمها، وتكمن فيهما المعالجات الوطنية وعدم تجددها، وفيهما يتشكل ويتحدد آفاق مستقبل الوطن، وأثبتت التجارب أنه آن الأوان للتعامل مع الحريات الديمقراطية بروح العصر، بتحريرها من قيودها في القوانين المشروعة، وتوفير الشروط الأساسية والمقومات الضرورية، دون ذلك لا ولن تحقق أية إصلاحات أو تنمية جذرية.

2- أكدت كل التجارب أن الخوف من الديمقراطية غيب أهمية توفير المناخات في إجراء حوار ديمقراطي واسع مع كافة القوى الوطنية في المجتمع، تشمل كل الأحزاب والمثقفين ومؤسسات المجتمع المدني، للإسهام والمشاركة الواسعة في صياغة رؤية متكاملة لنهج الحكم والسياسات للاستراتيجيات الوطنية، والخطط الاقتصادية الكفيلة بتحقيق المعالجات وتلبية احتياجات المواطنين كشركاء أساسيين لتحقيق أية نجاحات للازدهار والتقدم، وتقويض أطر المشاركة ساعد على إضعاف الدولة وانعزالها بالانفراد في الصياغات التي لم تحقق أي من أهدافها نجاحاً، أو إدارة شؤون الدولة المدنية الحدثية القوية بمؤسساتها الدستورية وتوحيد قوى المجتمع في دعمها.

3- الخوف من الديمقرطية ساعد على تهميش وإضعاف مؤسسات المجتمع المدني (النقابات العمالية والمهنية والتخصصية واتحادات المرأة والطلاب والشباب والمزارعين والصيادين والمنظمات غير الحكومية) للقيام بدورها الوطني بالمشاركة الفعلية، كشركاء أساسيين يمثلون غالبية فئات المجتمع أفقد الدولة أهم عناصرها اللازمة في حماية مصالح المجتمع، ودرء نشوء أية اختلالات للقوانين ودعم الاستراتيجيات الوطنية.

4- الخوف من الديمقراطية أعاق من توفير المناخات الديمقراطية، التي تكفل ضمان المشاركة الواسعة للأطر السياسية والاجتماعية (بالتدخل المباشر) في العملية الانتخابية لكل مؤسسات الدولة التشريعية والمجالس المحلية ومؤسسات المجتمع المدني، وحولتها إلى هامش مغيب غير قادرة على الإيفاء بمهماتها الوطنية أفقد الدولة أهم مكوناتها، ثم عدم استفادتها من الإمكانيات والطاقات والخبرات لدى قوى المجتمع بمنع وصولها ومشاركتها في الحياة السياسية، ووفر المناخات لنشوء وتنامي كل ما من شأنه إبعاد وعزوف قوى المجتمع في المشاركة بالعملية السياسية، التي لا تخدم أية إصلاحات أو تنمية كنموذج للتراجع في تطبيق الحقوق الدستورية للمواطنين.

5- الخوف من الديمقراطية السبب الجوهري في عدم إقامة مجتمع ديمقراطي، أساسه العدل والمساواة والمشاركة الواسعة للأطر السياسية وقوى المجتمع، ووضع صياغات وطنية لقانون السلطة أو الحكم المحلي (الواسع أو القصير) للصلاحيات /السلطات، والأهم يتكون في مضمونه وأهدافه بإقامة المجتمع المنشود، الذي يشكل أحد مكونات الشراكة الأساسية للدولة المركزية في وضع الاستراتيجيات الوطنية، وتغيير مهماتهم نحو معالجة قضايا مواطنيهم، ويعتمد في مكوناته من نسيج مجتمع كل محافظة، الشرط الرئيس لنجاحه لإنشاء مقومات التمثيل الحقيقي والمشاركة الفعلية لأبناء كل محافظة في محافظاتهم، لإدراكهم لخصوصيتها وموقعها في وجدانهم، وإحساسهم بانتمائهم إلى وطن يديرون فيه شؤونهم ضمن هيكل دولة واحدة، تحقق ممارستهم لحقوقهم الدستورية بحرية !!

6- الخوف من الديمقراطية السبب الرئيس في عجز الأنظمة العربية عن تحقيق أهدافها الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإقامة مكونات المجتمع الديمقراطي، وفشلهم في تبني أي من المشروعات القومية لتوحيدهم وتلاحمهم في مواجهة المشروعات المعادية الغربية والصهيونية.

ومن دون كل ذلك التي تمثل سلسلة حلقات متلاحمة لا تنفصم ولا تتجزأ ستبقى أية معالجات بحكم (المؤقتة)، وإخفاقاً في تحقيق أية نجاحات، وعائقاً من توحيد كل قوى المجتمع، ولن تحظى الدولة بغير حكومة ميازين وتقاسم، ووجوه لمسميات واحدة، ومجالس كثيرة يجلسون عليها، ويأكلون في إدارات مرافقها، وليس مجالس ومؤسسات مجتمع مدني (دستورية) لدولة مدنية حديثة، تستفيق من سباتها، وتستقيم في عملها، وتقوم بالنهوض بمهماتها تجاه مواطنيهم وناخبيهم، للحد من حياة البطالة والفقر وجرعات الغلاء (وإنجاز المعالجة لقضاياهم)، وعقد المؤتمرات وإصدار البيانات التي لم تصدر بعد من أجل لقمة عيشهم، ونترك التراشق بالرصاص والكلمات والاتهامات والإدانات والشجب والتأييد التي لاتخدم مصلحة المواطنين والوطن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى