استغاثة عاجلة ..معالم عدن التاريخية والأثرية تحتضر

> عدن «الأيام» فردوس العلمي:

>
عقد ممثلو الجمعيات والهيئات المختصة والشخصيات الاجتماعية بعدن أمس اجتماعاً كرس لمناقشة موضوع «جزيرة صيرة وقلعتها».

وفي الاجتماع تم استعراض تقرير اشتمل على عدد من الملاحظات حول مشروع الطريق إلى قلعة صيرة التاريخية من قبل الأخ معروف إبراهيم عقبة استشاري جيولوجي والأخت هيفاء عبدالقادر مكاوي من قسم الآثار بكلية الأداب، استعرضت أوضاع القلعة وعمليات الهدم التي تتعرض لها في سياق أعمال الترميم الجارية حالياً.

كما تناولت الملاحظات استعراض مكونات القلعة وما تحتويه من آثار تاريخية.

وفي ختام اجتماعهم أصدر المشاركون بياناً جاء فيه:

«تداعت في يوم الأربعاء الموافق 6 فبراير 2008م كل من الجمعية الجيولوجية اليمنية -عدن ، الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار -عدن، نقابة المهندسين اليمنين -عدن ، جمعية حماية وصيانة الآثار والمعالم - عدن ، الهيئة العامة لحماية البيئة -عدن وشخصيات تخصصية أخر» في علوم الآثار والهندسة ، الهيئة الإدارية للمجلس المحلي - صيرة، صندوق النظافة وتحسين المدينة ـ عدن ، مكتب الآثار - عدن ومكتب الأشغال العامة العامة صيرة .

وذلك للوقوف أمام ما يحدث من ترميم وأشغال في قلعة صيرة، فقد حملت هذه الجهات مخاوفها إلى مائدة الحوار مع الأخ خالد وهبي عقبة مدير عام مديرية صيرة ، منبهة إلى مخاطر الأشغال التي رافقتها وشاهدتها هذه الجمعيات عن كثب، من خلال معاينتها ما يحدث من أشغال مختلفة، بغية إعادة تأهيل قلعة صيرة التاريخية.

فقد أجمعت هذه الجهات على أن ما يحدث من أشغال يضر بتكوينات القلعة من الناحية الأثارية والوضع الجيولوجي والجمالي لهذه القلعة وهي لا تمت بصلة إلى ما يجب الالتزم به من معايير فنية وعلمية في التعامل مع المواقع الأثرية وأساليب ترميمها وإعادة تأهيلها .

إن الاستمرار بهذا الشكل العشوائي من الترميم لهذا الصرح التاريخي يؤدي إلى نتائج مضرة تتلخص بضياع واندثار وطمس هذا الصرح ، وبالمقابل محو هذا الأثر من على وجه التاريخ ، وما يمكن أن يحدثه من ضرر مباشر على القيمة الأثرية لمكونات هذا المعلم من تحصينات وغرف مراقبة وطرق واستحكامات وصهاريج وآبار ومخازن وطرق وأحجار وصخور وكل ما اختزنته جزيرة صيرة على مدى التاريخ، بل أن التغيير أو الهدم لهذه الجزيرة ومكوناتها سيغير وجه تاريخ مدينة عدن بعد أن سقطت على رمال هذه الجزيرة وشواطئها جحافل الغزاة الأجانب على مر التاريخ.

وفي هذا الوضع الخطير فإننا نحن المختصين والمهتمين في علوم التاريخ والآثار والمهندسين، ويقف معنا كل من ارتبط بعدن وسكنها وسكنت فؤاده فإننا نهيب بالسلطة المحلية ممثلة بالأخ خالد وهبي عقبة مدير عام مديرية صيره والهيئة الإدارية للمجلس المحلي للمديرية بالوقف الفوري للأعمال الجارية في جزيرة صيرة وسرعة الدعوة للجلوس مع المجتمعين في هذا اللقاء لتدارس الحلول الصحيحة الكفيلة بحفظ وصيانة واستثمار معالم عدن التاريخية والأثرية بصورة علمية ومهنية، وذلك بالتعاون مع المختصين من الكوادر العلمية الوطنية والمنظمات الدولية المعنية بصيانة المعالم الأثرية ، كما يحدث في مختلف أنحاء العالم وكما حرصت وتحرص عليه بلادنا اليمن في المحافظة علي المعالم الأثرية في نواح يمنية أخرى وفقاً للقوانين الوطنية الخاصة بحماية الآثار والمعالم التاريخية ، وكذا الالتزام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية المختصة بذلك التي وقعتها بلادنا مع المنظمات والهيئات الدولية المختصة بذلك.

وفي هذا المجال، فإننا نذكر أن جزيرة صيرة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في مسلسل العبث والاستهتار المقصود وغير المقصود للعديد من معالم عدن التاريخية، كما حدث في مسجد أبان، ومسجد الهاشمي، ومسجد الخوجة ومعابد اليهود والفرس وبرج الصمت، وبوابة السجن ، ومدارس عدن ، وقائمة الهدم والتغيير قد طالت الكثير من معالم عدن، بل أن المعالم القائمة حالياً قد تداخلت معها فوضي النظام والعشوائية والتجديد الخاطئ مع بعضها، وشمل هذا الأمر طمس هوية عدن وتاريخها، وغدت مدينة تجارب للعابثين بها من كافة المجالات.

وعليه ، فإن المجتمعين يشددون على الآتي:

-1 الوقف الفوري للأعمال الجارية في جزيرة صيرة، والمجلس التشريعي بعدن.

-2 وقف مشروع هدم بريد عدن الذي يعد معلماً تاريخياً كأول بريد في شبه الجزيرة العربية ، كما يحمل مشروع هدمه خطراً محدقاً بمعلم تاريخي مهم محيط به وهو «منارة عدن» .

-3 إعلان عدن محمية تاريخية من قبل الدولة اليمنية، وفتح المجال للمنظمات الدولية لحمايتها واستثمارها، وإعادة توظيفها لصالح التنمية.

-4 حصر المواقع الأثرية وإعداد خارطة بالمواقع الأثرية وإسقاطها ضمن وحداث الجوار وتحديد محارم لها.

-5 تفعيل هيكل مؤسساتي مؤهل لإدارة أعمال الحفاظ على المواقع الأثرية وإعادة تأهيلها.

وفي خضم هذا التداعي الخطير الذي تتعرض له جزيرة صيرة وقلعتها اتفق المجتمعون على ضرورة تشكيل لجنة تحضيرية لتأسيس هيئة الدفاع عن معالم عدن التاريخية».

وفي ختام اللقاء التقت «الأيام» عدداً من الاختصاصيين والمهتمين بهذا الموضوع.

وبهذا الصدد أوضحت د.أسمهان العلس، الأمين العام للجمعية اليمنية للتاريخ والآثار بعدن، قائلة:«عندما خططت بريطانيا لبناء عدن فإنها قد حرصت على المحافظة على الخاصية الإلهية التي وهبها الله سبحانه وتعالى لهذا المدينة كمدينة تحتضن البحر، أما اليوم فإن التلوث المعماري والحضري والبناء العشوائي والهدم والإزالة لمعالمها المختلفة قد أفقدت عدن هذه الخاصية التي يندر وجودها في أي مدينة أخرى في العالم، حيث فقدت اليمن موقعاً طبيعياً وتاريخياً كان يجب المحافظة عليه واستثماره.

وهذا الكلام يقال أيضاً عن مدينة الشيخ عثمان والحال ذاته ينطبق على مدينة التواهي، فلا أصبحت عدن مدينة البحر والجبل بعد أن غطت ناطحات السحاب العشوائية وافترشت بحارها وتداخلت في شوارعها، ولا بقيت الشيخ عثمان خضراء ومتنفساً بعد أن فتحت المحلات التجارية في واجهات منازلها الطينية المميزة لها واخترقت خصوصية سكانها بعيداً عن تفعيل القوانين والنظم ولوائح البلدية التي تميزت عدن بتطبيقها منذ منتصف القرن التاسع عشر.

أما جزيرة صيرة وقلعتها بكل ما تختزنه من مكونات فإنها ليست مجرد بحر وجبل بل هي بوابة عدن التي رسمت سواحلها ملاحم تاريخية من صراع أهلها ضد الغزاة الأجانب.

أقول إن ما يحدث في عدن هو طمس للتاريخ لقد أصبحت عدن بلا هوية وهي الأقدم تاريخياً وتراجعت جماليا وهي الرائدة في المعمار الإسلامي و الهندي واليهودي.

إننا نهيب بكل المختصين والمهتمين وكل من سكن عدن وسكنت عدن فيه أن يدعموا تأسيس هيئة الدفاع عن معالم عدن، كما أدعو السلطة ممثلة بالاخ المحافظ ومدراء عموم مديرياتها دعم هذه الهيئة وتقديم كافة التسهيلات لها كهيئة مجتمع مدني يجب أن تأخذ مكانها كطرف شريك معهم في إدارة الدولة لتعزيز الديمقراطية والتنمية».

من جهته أكد الأخ خالد عقبة، مدير عام مديرية صيرة على ضرورة «إيقاف الأعمال الجارية في مشروع إعادة تأهيل سلالم قلعة صيرة وإعطاء المزيد من المراجعة والدراسة».

وقال عقبة:«يكفي ولن نسمح بأي عمل آخر يمس المعالم والمواقع التاريخية في عدن ويجب على الجميع تحمل مسئوليتهم سواء الأجهزة الحكومية او المنظمات غير الحكومية في حماية هذه المواقع وعلى الدولة أن تعامل هذه المواقع كما تعامل القلاع في تعز أو المساجد في صنعاء وذلك من خلال صيانتها عبر المختصين بالآثار بحيث لا تمس هذه المعالم بضرر».

وأوضح مدير عام مديرية صيرة في ختام تصريحه «أن هذا للقاء يعتبر بداية لرد الاعتبار لمعالم عدن وعلى الجميع أن يتحملوا المسئولية».

من جانب آخر قال م.عمر خميس، سكرتير نقابة المهندسين بعدن:«حرصاً من نقابة المهندسين اليمنيين فرع عدن على معالم وآثار عدن، شاركنا في هذا اللقاء، حيث إن ما يتم الآن من ترميم لطريق قلعة صيرة يمثل عملاً عشوائياً لا يأخذ بالاعتبار الملامح والمعالم الأثرية لهذا المعلم الأثري والتاريخي ولذا يجب وقف هذا العبث، ونرى ضرورة وضع خارطة لأهم المعالم والآثار التاريخية لمديرية صيرة حتى تكون هذه الخارطة نموذجاً يحتذى به في أي مشروع ينفذ في هذه المديرية».

أما ضرار عبدالله سبولة، رئيس لجنة الخدمات بمديرية صيرة فقد قال:«من الضروري عمل حصر دقيق لكل المواقع الأثرية ويتم إشهارها وإدخالها في طوابع بريدية وبطاقات المعايدة والترويج السياحي إضافة إلى تنظيم رحلات لطلبة المدارس وبشكل مستمر وتعريفهم بالمعالم التاريخية الموجودة في المدينة والاستفادة منها في الترويج السياحي للمديرية لجذب السياح، كما يجب تحديد المعالم الأثرية في المخططات ووحدات الجوار حتى لا يتم الاعتداء عليها وتحديد حرم على تلك المعالم إلى جانب تشكيل لجان للبحث عن الآثار المطمورة كمسجد القلعة القديم وبعض الغرف المدفونة والأسوار والطرق أكان في باب عدن أو القلعة وسورها المحاذي للمدينة».

وطالب سبولة بضرورة توفير الحراسة الأمنية ـ مشددا على الأمنية ـ للحفاظ على هذه المعالم، «لأن النبش الحاصل في الكثير من المواقع هو من أفراد ينتمون الى الجهات الأمنية». وأضاف قائلا:«يجب أن يكون هناك حراسات أمنية مؤتمنة للمعالم الأثرية، كما يتم توفير الحراسات في البنوك والمرافق الإدارية، لأن المعالم الأثرية هي أغلى قيمة من النقود».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى