التعليم التعليم التعليم

> أبوبكر السقاف:

> يأتي الإنذار الصارخ الجديد من قبل البنك الدولي (بنك العالم) ليذكر العرب بتقرير التنمية البشرية في الأعوام القليلة الماضية لاسيما ما تعلق منها بالتعليم والعلم والمعرفة، فبنك العالم يؤكد على تخلف العالم العربي بصفة عامة في مجال التعليم وأن تدني التعليم فيه مستمر وسريع، إذا ما قيس بمناطق أخرى في العالم : آسيا وأمريكا اللاتينية، وهذا التدني يؤثر في التنمية وحاجات السوق إلى أيدٍ عاملة لا يوفرها التعليم في منطقة 60% من سكانها دون الثلاثين، كما أن التعليم متدنٍ من حيث بناء التفكير النقدي والقدرة على التحليل وإيجاد الحلول. ولعل الأمية في أساس هذه المشكلة الكبرى، ويذكر تقرير المنظمة العربية للتعليم والعلوم أن البلدان العربية تحتضن مائة مليون أمي. وليس مصادفة أن الاستعمار باق في ديار العرب وحدهم.

ويكرر بنك العالم الوصايا الجديدة القديمة لجعل التعليم قادراً على خلق جيل يتمتع بمزايا التفكير النقدي والتحليلي.. إلخ، ويضيف أن من الضروري إعادة تدريب أعضاء هيئة التدريس.

ويأتي اليمن السعيد في طليعة الدول الأربع التي هي أشد تخلفا من غيرها في دائرة التخلف العربي المشترك إلى جانب جيبوتي وفلسطين والعراق والمغرب.

تقارير بنك العالم وغيره من الهيئات العالمية تكتفي دائماً بوصف يلتزم النزعة الوصفية التقريرية، ولا يهتم بالبحث عن جذور أية ظاهرة، وهذا منحى يحدد للباحث أهدافا غير تلك التي يحددها الباحث والمهتم بالقضايا العامة في البلدان العربية، ولنا أن نرى في هذا التدني السريع والمستمر الذي ينذر بأوخم العواقب عجزاً دائماً في النظام السياسي، ونحن في هذه البلاد نعرف أن الجنوب قبل الوحدة قام بتنفيذ برنامج لمحو الأمية، وأن النهضة اليابانية بدأت قبل ثورة فيجي الإصلاحية (1868) وبعدها بثورة علمية تعليمية، وكذلك دول آسيا الأخرى التي جعلت من التعليم والإنتاج للتصدير وجهين لنهضة واحدة أخرجتها من دائرة التخلف، فالأمر في جوهره يتعلق بإرادة النهضة التي تعادل الثورة، أي أن الطلب الاجتماعي والسياسي على العلم هو الذي ينظم أولويات الإنفاق العام.

إن دولنا لا توفر الحد الأدنى من العيش الذي يضمن الاستمرار البيولوجي، إذ ليس العيش الكريم والمستوى العصري في مجال العلم والتعليم من بين همومها، ولذا فإن وصفها أنها دول فَشْلة مدح لها. وهي بجميع المعايير غير جديرة بالاستمرار والبقاء، لأن العجز سمتها الأولى والمائزة في جميع الصعد والمستويات. وتكمن المأساة في أن هذا التحدي السياسي لم يلق حتى اليوم استجابة تناظره في العمل والشمول هنا وفي بقية الأقطار العربية، ونجمة الأمل الوحيدة هي هذه التي بزغت في سماء جنوبنا منذ ربيع العام 2007م وفي مصر منذ خريف 2004م.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى