إلى أين المسير؟!

> علي صالح محمد:

> في تقرير صادر عن خدمة الأبحاث البرلمانية للكونجرس الأمريكي (CRS) قسم العلاقات الخاجية بعنوان (اليمن الوضع الحالي والعلاقات مع الولايات المتحدة) بتاريخ 7 يناير 2007 وتحت بند (الشؤون الداخلية) ورد مايلي:

(- مع شحة الموارد الطبيعية ومعدل الأمية العالي والنمو السكاني المرتفع تواجه اليمن مصاعب وتحديات تجعلها كما يرى المراقبون (في طور الانهيار) خلال العقود القادمة، حيث تحتل اليمن المرتبة 151 من أصل 177 في مؤشر برنامج الأمم المتحدة للتنمية، مما يجعلها من أفقر دول العالم، وتقارن بأفقر دول صحراء أفريقيا.

- 43% من السكان تحت خط الفقر ودخل الفرد السنوي بين 650 إلى 800 دولار.

- شحة شديدة في المياه، و45% من المياه تهدر، ولا يستفاد منها.

- 70% من موارد الدولة تأتي من النفط المرشح للنضوب في عام 2016.

- 49% نسبة الأمية بين السكان).

وبحسب تقرير الاستثمار العالمي لعام 2007 الخاص بمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية فإن الاستثمارات الأجنبية في اليمن تقلصت بصورة ملحوظة خلال الأعوام 2000 - 2006 بنسبة تفوق الـ ?50 ومن أحد الأسباب المباشرة هو تراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى اليمن مع نمو تصاعدي للاستثمارات اليمنية الخارجية من اليمن، وذلك لعدة أسباب لعل أهمها الموقف المتشدد من الحراك السلمي والأحداث الداخلية وعدم الاستقرار السياسي وانتشار الفساد وسوء الإدارة والإنفاق الحكومي الهائل، وبالذات على المؤسسات العسكرية، الأمر الذي كان وراء إلغاء منتدى المستقبل الرابع الذي كان مقررا عقده في صنعاء في ديسمبر الماضي، وذلك بسبب امتناع الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة بوزيرة الخارجية كونداليزا رايس لأسباب أمنية، وغضب الإدارة الأمريكية من السلطات بسبب موقفها المتساهل من العناصر الإرهابية.

كنت قرأت مقالاً جديراً بالاهتمام للأستاذ محمد عبدالله باشراحيل نشر في «الأيام» الغراء يوم الخميس 2008/1/24 بعنوان (خوفي على البلاد في مؤشرات بسيطة وكلام مختصر) تناول بتركيز شديد ومفيد الوضع الاقتصادي اليمني، ومؤشرات التدهور للأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية الراهنة بصفته كبير خبراء سابقاً بالأسكوا - الامم المتحدة، وهو بذلك يتفق مع التقرير المقدم إلى الكونجرس الأمريكي والتقارير الدولية، بما فيها التقارير الرسمية الحكومية التي تدرك جيداً حجم الكارثة المنتطرة، ومما يدعو للأسى أنه في مثل هذا الوضع المخيف الذي يستدعي من السلطة والحكومة اتخاذ التدابير والحلول اللازمة، وهي في الأساس حلول سياسية قبل أن تكون حلولاً إجرائية اقتصادية باعتبار المشكل في اليمن سياسياً قبل أن يكون اقتصادياً، كون ذلك أحد تداعيات حرب 1994 والحروب في صعدة، بما في ذلك عمليات قمع الحركة السلمية في المناطق الجنوبية، وهي أمور لم تحسم بعد، نجد السلطة غارقة في ترحيل الأزمات التي تتراكم منذ سنوات، فعوضاً عن التشخيص الواقعي لجوهر الأزمة وجوانبها وإيجاد الحلول السياسية التي من شأنها خلق الشروط الضرورية للتنمية الاقتصادية من خلال الاعتراف بحقائق الوضع والواقع وبما جرى ويجري على صعيد الجنوب والشمال بالاعتماد على ثقافة ومبادئ الحوار بين السلطة والمعارضة أو المقاطعة أو ممثلي الحركة السلمية في المناطق الجنوبية والشمالية وفقاً لخصوصية كل حالة ومتطلباتها وإشراك الجميع في هذا الهم الوطني الكبير نرى السلطة تصعد الأمور من خلال التجاهل المتعمد والتلويح مراراً باستخدام القوة المفرطة ضد الحركة السلمية في المناطق الجنوبية، وحشد القوات واستمرار العمليات العسكرية في صعدة.

ومن ذلك التصريحات الأخيرة المرتجلة غير المدروسة لعدد من المسئولين والمشحونة بكم هائل من التهديد والوعيد لقوى المعارضة السلمية لتؤكد السلطة ـ والحكومة هذه المرة ـ مجدداً أنها بعيدة جداً عن أنين وعذابات الناس، وأنها ليست بصدد إيجاد الحلول التي من شأنها تجنيب البلد مخاطر الانهيار، وأنها تستمر في المكابرة وافتعال الأزمات وتصعيدها وترحيلها للهروب مجدداً، وباستمرار هذه السياسة وهذا التعنت سنرى من أين ستأتي الاستثمارات إذا ما علمنا أن البلد يقف فوق براكين لم تتفجر بعد كالجوع، البطالة، التضخم، الفساد والقضية الجنوبية؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى