«الأيام» تزور مدينة بئر علي ..آية في الجمال الآخاذ وكنوز من الآثار والمواقع الفريدة

> «الأيام» جمال شنيتر:

>
السائحتان بيا وماكو
السائحتان بيا وماكو
بئر علي مدينة ساحلية جميلة تطل على ساحل بحر العرب والمحيط الهندي، وهي تقع إدارياً ضمن مديرية رضوم محافظة شبوة على الطريق الرئيس الذي يربط حضرموت بعدن، وهي مركز جذب سياحي نظراً لما تمتاز به من عوامل طبيعية متعددة من شواطئ رائعة ومياه رقراقة ورمال ذهبية ناعمة وجزر أسطورية، بالإضافة إلى كنوزها التاريخية المتمثلة في قلعة حصن الغراب وبحيرة شوران البركانية وميناء قنا التاريخي.

ولكن من المؤسف أن هذه المدينة رغم مزاياها الطبيعية الجمالية إلا أنها تئن وتصرخ من مظاهر الفوضى غير الخلاقة التي تكتوي بها، كانتشار البناء العشوائي والبسط على الأراضي وانعدام النظافة وعطش أهلها نتيجة انعدام مشروع للمياه العذبة.

«الأيام» كانت على موعد مع هذه المدينة الاستثنائية لتنقل صورة حية عن جمالها وروعتها وكذا آلامها وأوجاعها.

حصن الغراب

قبل أن تدلف إلى بئر علي المدينة يواجهك على اليمين في خط السير من شبوة إلى حضرموت جبل حصن الغراب، وهو أحد القلاع التاريخية التي شهدت مرحلة مهمة من تاريخ اليمن.

صعدنا الجبل للوصول إلى قلعته والاطلاع على الخرائب والأبراج والآثار التي يحتضنها هذا الجبل، أطلال وأبراج ومنازل صغيرة الحجم مربعة الشكل، وانحدار التلة تدريجياً من الأسفل إلى الأعلى، وخرائب مبنية من أحجار الصخور الجبلية والأسمنت الحجري، وكتابات أثرية مكتوبة بخط المسند اليمني، وعند الوصول إلى قمة الجبل ترى بعض المباني الموغلة في القدم بأشكال هندسية وفنية رائعة ومختلفة، فهنا منزل حجري مربع الشكل وهناك صهريج للمياه، وهناك أيضاً المعبد الديني وغيرها.

تقول الدراسات التاريخية إن حصن الغراب تم اكتشافه كموقع تاريخي فريد ومهم من قبل بحارة السفينة الإنجليزية (بالينورس) عام 1834م قبل احتلال بريطانيا لعدن بخمس سنوات في أثناء اهتمام الإنجليز بمسح الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة العربية، ويوجد هنا نقش حصن الغراب الذي ساعد على فك رموز اللغة القديمة، ويؤرخ النقش لمرحلة تاريخية مهمة وهي سقوط الحضارة اليمنية القديمة والمرحلة الأخيرة للأسرة اليزنية.

كما يقع هنا ميناء قنا التاريخي الذي كان أحد أكثر الموانئ أهمية في التجارة البحرية بين منطقة جنوب الجزيرة العربية ومصر وجنوب أفريقيا والهند والخليج العربي.

ويعتقد العالم الروسي (سيرجي شيرنسكي) في تقرير له عن الآثار اليمنية أن خراباً تعرضت له منطقة حصن الغراب وميناء قنا، وأن صراعاً قد نشب بين اليمنيين والقوات الحبشية في الفترة بين عامي 517م و525م.

آية من الجمال

هنا مجمع قنا السياحي أحد المشاريع السياحية في منطقة بئر علي وعلى بعد كيلومترين فقط من بئر علي المدينة، حيث تنتشر في الموقع بضع بيوت طينية جميلة تتناسب مع البيئة المحلية اليمنية.

هذه إذاً بئرعلي حيث الشمس الذهبية الناعمة والشاطئ اللا نهائي والجبل الدائري الذي يحتضنها، هنا حيث الدلافين تداعب روعة البحر وطيور البطريق والنورس تجدد عشقها وحبها للمكان، وتتهادى هذه الطيور وغيرها على أمواج البحر الهادئة والماء الرقراق والرمال الذهبية الناعمة والسماء الزرقاء الصافية، هكذا هي بئر علي المنطقة التي تقف حافية القدمين، فهي الوردة والريحانة والسلطانة والشعبية والشرعية بين عرائس بحر العرب.

السائح أليكس مع الأخ فدعق
السائح أليكس مع الأخ فدعق
شهادات

يتوافد السياح بتزايد مستمر على بئرعلي، وهم ينتمون إلى عدد من الجنسيات الأوربية وخاصة فرنسا، إيطاليا، ألمانيا وأسبانيا.

كان عدد من السياح يتأهبون لمغادرة المنتجع لكني انفردت بالسائح الإيطالي (ألكس أسكندر) وسألته عن انطباعاته عن بئر علي فقال مبتسماً،وكان بحوارنا السيد أبوبكر فدعق:«هذه أول مرة أزور اليمن حيث زرت صنعاء، مأرب، حضرموت، المكلا وهنا الآن في بئرعلي وكل مناطق اليمن جميلة وخاصة بئر علي، وهي لم تكن ضمن برنامجنا السياحي ولكن المرشد السياحي أدخلها ضمن البرنامج وأنا أشكره كثيراً ، وقد أعجبت بروح البساطة والهدوء في بئر علي لأن في أوربا أماكن جميلة مثل بئر علي لكن تنقصها روح البساطة».

السائح السويسري (ستيفن) يقول : «ممكن بدعم من حكومة اليمن يصبح هذا الموقع منتجعاً سياحياً عالمياً فالظروف الطبيعية متوفرة وموجودة، فهناك مواقع للسباحة والغوص والرمال المتحركة، إنها المرة الأولى التي أزور فيها بئر علي، وتعرفت على مخزونها الجمالي والجزر الخمس وحصن الغراب وأرغب في زيارة بحيرة شوران».

على الشاطئ وجدتهما، فتاتان لم تتجاوزا سن الخامسة والعشرين بعد.

(بيا وماكو) فتاتان أسبانيتان من مدريد.. تقول بيا:«أدرس في صنعاء اللغة العربية وأزور بئر علي للمرة الثانية، وإذا لم تكن بئر علي جميلة لما زرتها مرة ثانية، وسأزورها في العطلة القادمة.. هنا الجنة..هنا الروعة والجمال!!».

وقالت صديقتها ماكو:«قبل أسبوع وصلت اليمن لأول مرة وزرت عدداً من مناطق اليمن الجميلة أما بئر علي فهي جميلة جداً فمياه البحر هنا شفافة وهادئة ونظيفة والغوص هنا رائع والتضاريس مثيرة للغاية، بحيرة شوران وقلعة الغراب وذهبنا إلى الجزر القريبة من هنا، إنه شيء رائع رائع».

كما التقت «الأيام» السيد أبوبكر صالح فدعق مدير مشروع قنا السياحي الذي قال:«تمتلك بئر علي والمناطق المجاورة لها مخزوناً جمالياً وتضاريسياً وتاريخياً كبيراً ساعدها على أن تكون واحدة من مراكز الجذب السياحي في اليمن، ونحن هنا في مشروع قنا السياحي الوحيد في المنطقة نعتمد في عملنا على البساطة في التصميم للموقع ونظافة البيئة الشاطئية والعلاقة الحميمة مع الوافدين.. ويتوافد السياح بشكل متزايد والبعض منهم يزور بئرعلي بشكل سريع بحيث يقضي ثلاثاً إلى أربع ساعات للاستمتاع بالسباحة والغوص والمناظر الطبيعية الجميلة والمواقع الأثرية.

وهناك نوع آخر من السياح يمكث بضعة أيام، ويتم إعداد برنامج سياحي لزيارة الجزر وخاصة الحلانية، صخة، غضرين الكبرى والصغرى وبرقة، وكذا الاستمتاع بالشاطئ الجميل.

كما يتوافد أفواج من المواطنين اليمنيين وأسرهم إلى الموقع من محافظة شبوة والمحافظات الأخرى».

بحيرة شوران

تقع بحيرة شوران شرق مدينة بئر علي وهي بحيرة بركانية تكثر حولها القصص والأساطير.. من على قمة الهضبة اتجهت أنظارنا نحو الأسفل باتجاه البحيرة، حيث يعتقد أن انفجاراً بركانياً كبيراً قد تعرضت له هذه المنطقة في الأزمنة الجيولوجية السحيقة نتج عنها هذا التشكيل التضاريسي الخلاب، إنها آية في الجمال الآخاذ، وهنا يلتقي طرف هذه البحيرة عبر برزخ صغير مع مياه البحر العربي بينما يحيط بها الجبل من كل الاتجاهات بينما تنتشر أشجار المنجروف حول البحيرة بشكل جلزوني.

منظر من بئر علي
منظر من بئر علي
وقد علمت أن هناك مشروعاً استثمارياً لإعادة تأهيل هذه البحيرة بحيث تكون أكثر سهولة وجذباً للأفواج السياحية المحلية والخارجية.

قيثارة البحر

هكذا هي بئر علي قيثارة المحبة ورحيق الشهد وشوق الجمال لهذه المناظر التي قد تعجز الكلمات عن وصفها لأنها أعز وأغلى من كلمات الوصف، فهنا تخون المرء الحروف والتعابير وتضيع التفاصيل.

هنا حيث يغطي قرص الشمس ظل المدينة وأصداف الشاطئ اللا زوردي مع ارتفاع الموج ورذاذ الأبخرة ورائحة اللبان والبخور من ميناء قنا، مع زوايا البحر تبحث عن اتساعها، والطيور التي تستأذن حتى تغني أغنية البحر والحياة والجمال الرباني الذي لا يوصف لأنها بئر علي المدينة الاستثنائية والجمال الاستثنائي والتاريخ الاستثنائي والجغرافيا الاستثنائية.

هكذا ودعت جمال بئر علي ونعومتها ومعالمها السياحية، واتجهت إلى وسط المدينة حيث الفوضى الاستثنائية غير الخلاقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى